عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Sep-2022

اين سيلقي بوتين قنبلته النووية؟* عيسى الشعيبي
سوشيال ميديا  -
بعد ان تواتر الحديث عن استخدام السلاح النووي، أكثر من أي يوم مضى من الحرب على اوكرانيا،
ولوّح مسؤولون روس باللجوء اليه في لحظة دفاعية حرجة، لم يعد الامر مجرد مسألة افتراضية بحتة، سيما وان هذه الحرب تزداد ضراوة، وان قوات الغزو الروسي فقدت زمام المبادرةوأجبرت على الانكفاء، وتحولت من حالة الهجوم المتعثر الى وضعية الدفاع المتراجع، الامر الذي أوقع الكرملين في ضائقة عسكرية شديدة، واخرجه عن طوره، وحمله من ثمة على التصعيد وتكرار التهديد، بالفم الملآن، باللجوء الى سلاح يوم القيامة، لعل ذلك يردع الغرب عن تزويد كييف بأكثر الأسلحة التقليدية تقدماُ، ويحول دون تجرّع موسكومرارة هزيمة منكرة.
لغاية تركيز النقاش أكثر، واشباع الفضول فقط، سوفتتجاوز هذه المقاربة أسئلة أشد الحاحاً مما ًيطرحه العنوان أعلاه من دعوة الى التأمّل وامعان النظر، في الحيّز المحتمل لاستخدام أخطر أسلحة الدمار الشامل، هذا الاستخدامالذي قد يكون باكورة خريف نووي قصير الأمد حتماً،يتبادل فيه بلدان مدججان بأدوات الموت الزؤام إلقاء قنابل نووية تكتيكية، في نطاق الجغرافيا الأوروبية، كون القارة البيضاء هي حاضنة الحرب الدائرة حتى الآن داخل الحدود الأوكرانية، كما تتجنب هذه المطارحة اثارة مسائل تتقدم ايضاً على السؤال أعلاه، مثل هل استخدام السلاح النووي امر وارد بالضرورة؟ وهل هو الحل ام هو المشكلة؟ثم  ما هي اللحظة التي لا مفر فيها لفلاديمير بوتين من القاء تحياته النووية على هذه المدينة او نلك في القارة العجوز؟
الافتراض هنا ان الغرب لن يكتفي بهزيمة بوتين في أوكرانيا، واضعافه في بلاده، لمنعه من التفكير مستقبلاً بتكرار مغامرته الأوكرانية في بلاد أخرى، وانما اذلاله بشدة (عكس نصيحة الرئيس الفرنسي لحلفائه)وربما العمل على تفكيك الاتحاد الروسي على غرار ما جرى للاتحاد السوفياتي، واستجرار مزيد من الصراعات الداخلية في بلد متعدد القوميات، الامر الذي سيجد معه القيصر الجديد نفسه في مأزق لا مخرج منه سوي الهرب الى الامام، أي القاء اول قنبلة نووية تكتيكية، لاختبار الموقف الاشمل، وانتظار اول ردود الفعل الغربية الممكنة.
ولعل السؤال المسكوت عنه في ظل هذه الأجواء المشحونة بالقلق والتوتر هو: هل يفعلها بوتين حقاً؟ وإذا فعلها في لحظة يأس قاتلة، اين سيلقي الرئيس الروسي قنبلته النووية؟
العارفون بمركّبات شخصية الزعيم الروسي المسكون بحلم استعادة امجاد "المملكة الروسية المجيدة" وهذا هو اسم تلك البلاد الشاسعة في أوائل العهد القيصري، يجمعون على ان بوتين يميل الى المجازفة بطبعه، يحب استعراضات القوة بالصواريخ فرط صوتية وبشقيقاتها بالغة الدقة، وتستهويه سياسة السير على حافة الهاوية، الا انه ليس طائشاً، ولا هو انتحارياً، الامر الذي يرجّح الاعتقاد ان بوتين اعقل من ان يغامر باستخدام السلاح النووي، او ينجرف وراء مشاعر الرغبة في الانتقام لهزيمته شبه المؤكدة في اوكرانيا، سيما وانه خير من يدرك ان من يقتل في الضربة النووية الأولى سيُقتل في الضربة المضادة، وانه اذا تمادى سوف يعرّض الامة الروسية الى هلاك محتم.
ويبقى السؤال الافتراضي الاول، وهو موضوع هذه المطالعة، اين سيلقي بوتين قنبلته هذه؟ هل في إقليم الدونباس محل المعركة المحتدمة، ام على كييف مثلاً، ام انه سيوسع البكار أكثر ويلقيها على أشد العواصم الاوروبية تأييداً لأوكرانيا مثل لندن، خاصة وان بريطانيا تعهدت على لسان رئيس وزرائها السابق بوريس جونسن بتقديم مظلة نووية للدولة التي باتت بمثابة البوابة الشرقية لقارة مثخنة الذاكرة بحربين عالميتين طاحنتين؟
أيا كان الاختلاف في وجهات نظر المحللين حول الإجابة على هذا السؤال  المثير للأخيلة، فإن من شبه المستحيل، وفق أكثر الترجيحات رصانة، ان يقامر سيد الكرملين بالرهان على لعبة روليت روسية كل ارقامها خاسرة، وان الحالم بإعادة عقارب الساعة الى الوراء، واستعادة الفضاء السوفياتي بالقوة، سوف يفاضل في الدقائق الخمس الأخيرة بين خسارة إقليم الدونباس، وتبدد أوهام التوسع الامبراطوري، وبين خسارة سلطته الأحادية المطلقة في بلد تبلغ مساحته نحو 20 مليون كيلو متراً مربعاً، وعليه، يمكن القول بتحفظ ضئيل، ان بوتين المعني بصورته الشخصية، وبترفيع مكانته في  التاريخ الروسي الى اعلى درجة ممكنة، لن يفعلها على الأرجح، لسبب بسيط للغاية وهو ان عوائد الضربة النووية (ان كان لهاعوائد) لا تبرر دفع كلفة لا مبرر لها، ولا احسب انه قادر على دفعها؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ي