عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Sep-2024

الاحتلال*إسماعيل الشريف

 الدستور

مساحة «إسرائيل» تبدو صغيرة على الخارطة ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها- ترامب
كتبت مقالات سابقة ناقشت فيها أن أهداف الإبادة الجماعية التي تجري في غزة لم تكن القضاء على حماس كما روج الاحتلال في بداية الحرب، بل تمتد لتشمل أهدافاً أخرى، أبرزها إبادة الشعب الفلسطيني.
في الأسابيع القليلة الماضية، ظهر جلياً أن أحد أهداف شلال الدم الجاري في فلسطين هو احتلال غزة وتهجير سكانها، وضم الضفة الغربية ودفع سكانها باتجاه الأردن. فقد تحدث وزير مالية الكيان، سموتريتش، في مقابلة عن تشجيع هجرة الفلسطينيين وتقليص عدد سكان غزة من 2.3 مليون إلى مئتي ألف، وتمكين المستوطنين الصهاينة من الانتقال إلى غزة وجعل الصحراء تزدهر، على حد قوله.
ويعرض نتن ياهو خريطة لا تحتوي على الضفة الغربية والأردن، ويعلن أن من أهداف الحرب الاستحواذ على أراضٍ فلسطينية إضافية في غزة والضفة الغربية. كما عين حاكماً عسكرياً لغزة ويرفض الانسحاب من شريط فيلادلفيا.
خاض الكيان الصهيوني ستة عشر حرباً منذ عام 1948، منها سبع حروب مع حركة حماس في الأعوام 2008، 2012، 2011، 2018، 2019، 2021، و2023. في جميع الحروب التي أعلنت فيها الدولة المارقة انتصارها، كان ذلك بعد تحقيق هدفين: تهجير الفلسطينيين وضم أراضٍ، كما حدث في حربي 1948 و1967، وحرب لبنان عام 1982 عندما أُجبرت منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة لبنان إلى تونس، وضمنت إسرائيل مناطق من جنوب لبنان. ومع ذلك، في حروبها السبع مع حماس، لم تُعلن إسرائيل انتصارها قط، لأنها لم تحقق أياً من هذين الهدفين.
لم يسعَ الكيان الصهيوني يوماً إلى تحقيق السلام أو التعايش مع غزة، بل تعامل معها دائماً بالعنف المفرط واستمر في حصارها وتجويع أهلها. وهو يدرك تماماً أن كل حرب يشنها على غزة تخلق أعداءً جددًا وأكثر شراسة، وهذا جزء من أهدافه؛ فاستمرار المقاومة يوفر ذريعة لاحتلال المزيد من الأراضي. فمع وجود السلام، لا يمكنه ضم أراضٍ جديدة.
وجاءت الآن الفرصة الذهبية لتنفيذ مخططات الصهاينة!
نتن ياهو وحزبه الليكود يستندان إلى أفكار زئيف جابوتنسكي، الصحفي الروسي اليهودي الذي طرح فكرة «الستار الحديدي» عام 1923. تقوم هذه الفكرة على أن حدود الكيان يجب أن تمتد على ضفتي نهر الأردن، وأن القوة العسكرية والبطش هما السبيل الوحيد لإجبار الفلسطينيين على الهجرة، ولإجبار العرب على قبول دولة إسرائيل بعد إلحاق هزائم ساحقة بهم. وما يؤكد أن هدف الحرب لم يكن القضاء على حماس هو التقرير الصادر عن شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال في فبراير الماضي، الذي صرح بوضوح أن تحقيق النصر العسكري على حماس في عام 2024 غير ممكن، وذلك لأن حماس تحظى بدعم سكان غزة وتستطيع المقاومة طوال عام 2024. كما صرح مدير الاستخبارات البريطاني قبل أيام بأن حماس هي فكرة، ولا يمكن هزيمتها إلا بفكرة أفضل منها.
لم يكن هدف الكيان الصهيوني في حروبه السابقة القضاء على حماس، بل استغل التهديد الفلسطيني والعربي كمبرر للتوسع الاستعماري. الحروب السبع الماضية لم تضعف حماس بل عززت قوتها، فما الذي يجعل نتنياهو يعتقد أنه سينجح هذه المرة؟ يؤكد نتنياهو أجندته التوسعية بقوله بعد عملية الشهيد البطل ماهر الجازي: «إسرائيل محاطة بأيديولوجية قاتلة يقودها محور الشر الإيراني».
دائماً يتم إيجاد أو اختلاق سبب لاحتلال الأراضي. لقد بات واضحاً للجميع أن الكيان لا يدافع عن نفسه، بل يسعى لتحقيق أهداف متعددة من حربه، أبرزها ضم غزة والضفة الغربية وتهجير سكانهما. لهذا يرد جلالة الملك على مخططات نتن ياهو فيقول بأن «كل خياراتنا مفتوحة»، بينما قام رئيس أركان الجيش المصري بزيارة قواته في رفح. فدول الطوق، وعلى رأسها الأردن، لن تقبل أن ترتهن المنطقة وشعوبها لسياسات نتنياهو وعصابته، حتى لو أدى ذلك إلى الحرب!