عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Aug-2020

العودة للمدرسة.. توقعات وتحليلات عبر منصات التواصل تربك الطلبة “نفسيا”!

 

تغريد السعايدة
 
عمان-الغد-  سيل من الأخبار المتواردة و”المتضاربة” حول قرار العودة للمدارس، والاختلاف في تحديد مسارها، وخوف من انتشار الوباء بين صفوف الطلبة؛ كلها تنهال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يزيد من وقع الأثر النفسي السلبي لدى الطلبة، الذين باتوا في مهب قرارات قد يكون أحلاها مر.
وفي خضم الحديث عن تفاصيل العودة إلى المدرسة، الذي أصبح الحديث الأبرز عبر القنوات الإخبارية بمختلف أشكالها، يقف الطلبة خائفين ومترددين، طارحين تساؤلا: “كيف سيبدأ العام الدراسي، هل سأكون على قدر المسؤولية، هل ستحكم علي الظروف أن أترك أصدقائي للانتقال إلى مدرسة أخرى..؟”، وغيرها الكثير من التساؤلات، خاصة وأن نسبة كبيرة من الطلبة لديهم الإمكانية للدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي وقراءة ما بين السطور وتعليقات الأفراد والأهل على الوضع المدرسي.
الطالبة دارين، التي بدأت الاستعداد منذ شهر تقريباً لدراسة الثانوية العامة للعام الدراسي المقبل، لا تنكر أنها تأثرت بشكل كبير بما يدور من أحاديث حولها من الأهل والأخبار، ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأن موضوع المدارس أصبح الشغل الشاغل للجميع، وهذا من شأنه أن يؤثر على مسار دراستها كون التفكير لديها يكون متشعبا بما يردده الناس حول السنة الدراسية المقبلة.
وتقول دارين إنها تحاول أن تكون أكثر تركيزاً بالدروس، التي تقوم بدراستها وحدها، أو من خلال المدرس الخصوصي، الذي يساعدها في شرح بعض الدروس، ولكن لا تنفي أنها كثيراً ما تشغلها الأحاديث حول الأخبار عن طبيعة العام الدراسي، حتى أنها تناقشها في بعض الأحيان مع والديها وصديقاتها في المرحلة المدرسية ذاتها.
مئات الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، هم من الشباب، واليافعين، ومن ضمنهم طلبة مدارس في الصفوف العليا، وهم قادرون على قراءة المشهد الحواري المعقد الكبير حول المدارس، ورأي الغالبية العظمى من الأهل بأن التعليم عن بُعد هو نظام غير موفق مع أبنائهم في مختلف المراحل الدراسية، عدا عن رؤية المشهد الآخر من الجهات المعنية، التي ترى أن الحل هو بالتعليم “الهجين”.
الاختصاصية النفسية الدكتورة عُلا اللامي، ترى أن المرحلة التعليمية هي المحطة الأبرز والأهم في حياة الأبناء منذ مرحلة الطفولة ولغاية البلوغ، لما لها من تأثير نفسي على حياتهم وتكوين شخصياتهم، بيد أن الانقطاع لفترة طويلة عن المدارس كان له أثر كبير على تفكيرهم ونفسيتهم وعلى جوانب النمو المختلفة لديهم وخاصة مهارات التواصل، خاصة في خضم حديث متوتر يمر أمامهم سواء من الأهل أو عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وترى اللامي كذلك أن أبناء العائلات من محدودي الدخل، على سبيل المثال، يتأثرون كثيراً بتلك النقاشات التي لم تتوقف يوماً منذ إعلان عودة المدارس، وفيها الكثير من المقارنات بين المدارس على اختلافها، والشكوى من الأوضاع المادية الصعبة.
في هذا الوقت، تحاول سهى خير أن تهيئ أطفالها للدراسة بغض النظر عن الطريقة التي ستكون عليها، سواء في المدرسة أو عن بعد؛ حيث لاحظت أن ابنتها في الصف الثامن، كثيراً ما تنقل أخباراً وتصريحات وحتى آراء أفراد، من خلال مشاهدتها لها عبر صفحة “فيسبوك” الخاصة بها، التي ترى أنها تسبب لها الكثير من التوتر والقلق على تحصيلها الدراسي للعام المقبل.
سهى تقول إن ابنتها متحمسة جداً للعام الدراسي المقبل، وتتحدث باشتياق عن مدرستها وصديقاتها اللواتي يمكن أن لا تلتقي بهم في حال كان التعليم عن بعد، عدا عن التنبيه الذي تتلقاه من والدتها من ضرورة التباعد الجسدي، وعدم الاختلاط إن كان التعليم في المدرسة.
هذا الحماس يشوبه الكثير من القلق والتشتت في التخطيط للعام الدراسي، تقول سهى، وهي تخشى على التأثير النفسي والتربوي على ابنتها، وتحاول أن تُبعدها عن الحوار المتفرع عن التعليم، وخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تضج بـ”السلبية والتشاؤم والتذمر من قبل بعض أولياء الأمور الذين يولدون لدى أبنائهم شعورا بأن دراستهم أمست عبئاً عليهم”، على حد تعبيرها.
تعتقد اللامي أن غياب الأبناء عن المدارس وعدم التقائهم بأقرانهم من خلال فترة الحجر والعطلة، دفعهم للجوء الى وسائل تواصل أخرى، بعيداً عن العلاقات المباشرة والتواصل الحقيقي، وهذا قد يكون سببا في أنهم يتلقون المعلومات من تلك المواقع، التي تتضارب فيها الآراء والتوقعات.
وفي حال تغيير الوضع التعليمي في المدارس بناءً على الوضع الوبائي، فإن ذلك سيزيد من العبء النفسي على الأهل، الذي ينعكس مباشرةً على الأبناء، خاصة وأن الأبناء يخشون من توقعات أهاليهم حول تحصيلهم العلمي، بحسب اللامي، وعدم تطابق التوقعات مع الواقع قد يؤدي إلى حدوث عنف أسري بسبب تفريغ الطاقة السلبية جراء الفراغ، بين الأهل والأبناء.
وجود العديد من القصص والأخبار التي يتم سردها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويشاهدها الأبناء له أثر كذلك في توليد شعور الخوف والرهبة لديهم من كل ما يدور حولهم من أحاديث حول العام الدراسي المقبل، واطلاعهم على دراسات عن تزايد حالات العنف الأسري خلال الحجر، تُعد أحد الأسباب التي تزيد من الوقع السلبي على نفسيتهم على المدى القريب، خاصة عندما يتزامن ذلك مع شكوى الأهل وتذمرهم أمام الأبناء، كما تبين اللامي.
هذا الأمر، كما تشير اللامي، قد يدفع الأبناء الطلبة إلى “النفور” من العملية التعليمية والمدرسة، عدا عن أن التركيز على التباعد الاجتماعي قد يؤثر على مهاراتهم الاجتماعية وعدم قدرتهم على التحكم بالمشاعر والصبر وعلى تعلمهم على الثبات الانفعالي وظهور مشاكل مع زملائهم فيما بعد، وتؤكد أن كل تلك الضغوط والأخبار التي يتلقاها الطالب من أي مصدرٍ كان تعد سببا لزيادة التوتر والقلق لديه وظهور مشاكل نفسية متفاوتة.
وكان وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي، قال أمس خلال المؤتمر الصحفي “إن غياب الطلبة عن المقاعد المدرسية له آثار نفسية واجتماعية وتربوية، مع حرص الوزارة على إعداد بروتوكول صحي مع وزارة الصحة للحد من هذه المخاطر ما أمكن وما يجنبنا مع الالتزام بشروط ومتطلبات الصحة ومدى الالتزام بتطبيق هذا البروتوكول”.
هذا البروتوكول يتطلب وجود مجموعة من الاعتبارات والشروط الصحية، التي بين النعيمي فيها أن المدارس جهزت بما يلزم من المعقمات وسيثقف الطلبة بالإجراءات الصحية ويتم تخصيص الأسبوع الأول لتعزيز المهارات لمعالجة الفجوات الأساسية، من خلال التباعد بين الطلبة قدر الإمكان ومحاولة عدم استخدام المرافق الصحية واستخدام المعقمات الخاصة بهم والكمامة، مع وجود أسلوب التناوب بين التعلم المدرسي المباشر والتعلم عن بعد، بالإضافة إلى توقيف الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية وتقليل الاجتماعات.