عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Feb-2021

رسائل محملة بـ«الألغاز» ..؟*حسين الرواشدة

 الدستور

نجتهد في فهم الرسائل السريعة التي تصلنا - بكثافة - من كل اتجاه، تلك - بالطبع - مهمتنا في هذه المهنة المتعبة والعزيزة أيضا، لكن اشعر - أحياناً - أننا نواجه فشلا ذريعا في قراءة هذه الرسائل، ونكاد نبحث - بلا جدوى - عن خبراء - أي خبراء - لفك (شيفراتها)، او تفسير ما تتضمنه من إشارات او ما يعتريها من تشويش في الاتصال، او غرابة في المحتوى والمضمون.
 
هل المشكلة في أجهزة (التقاطنا) أم في خطوط الاتصال أم في الرسائل ذاتها؟ دعونا نتوقف عند هذه الأخيرة: الرسالة الجيدة يفترض ان تتوفر فيها مواصفات عديدة، منها: ان تكون واضحة ومفهومة لكل من تخاطبهم، قابلة للتطبيق والانجاز وواقعية يمكن التعامل معها، تراعي قيم الناس ومزاجهم العام، تحمل مصداقية لا مجال لتجريحها او الشك فيها، تختار التوقيت المناسب لموعد إشهارها، وان تكون مقنعة في مضامينها، مؤثرة فيمن يسمعها، بعيدة عن الإسهاب والاستفزاز، ومعبرة تماماً عما يريده الناس ويتوقعونه ان لم يتسنَ لهم أن يشاركوا فيها أصلا.
 
هل تنطبق هذه المواصفات على الرسائل التي تصلنا من المسئولين في بلادنا؟ خذ مثلا نموذج «ازمة كورونا» وما جرى على هامشها منذ نحو عام من حوارات ومعالجات اتسمت بالارتجال أحيانا وبالتسرع أحيانا أخرى، خذ مثلا آخر : «الإصلاح السياسي» هذا الذي ما نزال نتجادل حول «بقرته»، خذ مثلا ثالثا: «الاقتصاد» وما انتهينا اليه من وصفات وتراجعات، خذ مثلا رابعا احتفالنا بالدخول في المئوية الثانية للدولة وما فعلناه لنقنع الناس أننا أنجزنا او أننا بصدد العمل على تجديد الدولة على ساس إعادة النظر في «المؤسسات» وأدوارها، وفي المجتمع وحيويته ..الخ، هل استطاعت رسائل الحكومة، بأنواعها الصامتة والمعلنة، ان تصل الى المواطنين بوضوح وان تقنعهم، ام انها كانت «مشوشة» بما يكفي لإثارة الهواجس والمخاوف من القادم الذي - ربما - لا يعرفه احد ؟ 
 
حينْ تكون الرسائل واضحة ومفهومة يسهل على الناس التقاطها واستقبال ذبذباتها المختلفة والتعامل معها «بروح» عالية من المسؤولية والتفهم، ويصعب على هواة العبث اختراقها او «تجييرها» لحساباتهم الخاصة، أما حين تكون مرتكبة او مغشوشة او منقوصة او مستعجلة او ان يكون قد اعتراها أي خلل في المواصفات فحينئذْ نقع في المحذور، ونفتح المجال لمزيد من الإشاعات والقراءات المغلوطة، ونهرب الى الشروحات والتعقيبات على الهوامش، ونصبح «هدفا» مباشراً لنيران الخصوم، والنيران الصديقة ايضاً.
 
المسألة لا تتعلق بانتقاد الحكومة او الدفاع عنها، فتلك مهمة تتجاوز المقصود من هذا المقال، وانما تتعلق بحاجتنا الى فهم هذه المرحلة التي يمر بها بلدنا، باستحقاقاتها الداخلية والإقليمية، وبضرورة تبديد كثير من «الألغاز» والهواجس التي ساهمت هذه الرسائل، بقصد او بدون قصد، في ترسيخها لدى الناس، وبأهمية إنتاج «خطاب» مفهوم وواضح، يجمع ولا يفرق، يعزز ولا يحبط، يقنع ولا يستفز، يحفز على العمل والأمل ولا يرسخ الخوف والكسل.
 
لا ادري إذا كانت هذه «الرسالة».. قد كتب لها ان تكون واضحة بما يكفي أم انها أصيبت كغيرها من الرسائل التي اشرنا لها سلفاً بالقصور والخلل؟ أرجو ان يكون نصيبها من الأول، واعتذر إذا كانت حظوظها عاثرة.