الغد-نورمان سولومون* - (كومون دريمز) 20/8/2024
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
كان الخطاب الذي أشار إلى معاناة الفلسطينيين رحلة إلى عالم من المكر السياسي من رئيس وافق لتوه على إرسال أسلحة إضافية بقيمة 20 مليار دولار إلى إسرائيل.
تبدو ملاحظة جورج أورويل -"أولئك الذين يسيطرون على الحاضر يسيطرون على الماضي؛ وأولئك الذين يسيطرون على الماضي يسيطرون على المستقبل"- وثيقة الصلة بالكيفية التي تحدث بها الرئيس جو بايدن عن غزة خلال خطابه في مؤتمر الحزب الديمقراطي ليلة الاثنين.
وتتناسب كلماته مع قالب للرسائل دخل الآن شهره الحادي عشر، والذي يصور الحكومة الأميركية على أنها تسعى بلا كلل إلى جلب السلام، بينما تزود إسرائيل بالأسلحة والقنابل التي مكنتها من الذبح المتواصل للمدنيين.
وقال بايدن للمندوبين المهللين: "سنواصل العمل، لإعادة الرهائن إلى الوطن، وإنهاء الحرب في غزة، وتحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط. كما تعلمون، لقد كتبت معاهدة سلام لغزة. وقبل بضعة أيام قدمت اقتراحا جعلنا أقرب إلى إنجاز ذلك مما كنا في أي وقت منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)".
كانت هذه رحلة إلى عالم بديل من المكر السياسي من رئيس وافق قبل ستة أيام فقط على إرسال أسلحة إضافية بقيمة 20 مليار دولار إلى إسرائيل. ومع ذلك، رد مندوبو بايدن في قاعة المؤتمر بوابل من التصفيق والإعجاب الصاخب.
وتضخم صخب التصفيق مع استمرار بايدن:
"نحن نعمل على مدار الساعة، وزير خارجيتي، لمنع حرب أوسع نطاقا ولمّ شمل الرهائن مع عائلاتهم، وزيادة المساعدات الصحية والغذائية الإنسانية إلى غزة الآن، لإنهاء المعاناة المدنية للشعب الفلسطيني، وأخيرًا، أخيرًا التوصل في النهاية إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء هذه الحرب".
في "المركز المتحد في شيكاغو"، استمتع الرئيس بالتملق بينما ادعى أنه صانع سلام على الرغم من سجله في جعل المذابح المنهجية لعشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين ممكنة -حرفياً.
كان أورويل سيفهم. كان ثمة رد فعل سياسي شائع من كبار القادة الأميركيين، حيث يدعون أنهم يسعون إلى السلام بينما يساعدون ويحرضون على المذبحة. ويضع تطبيع الخداع بشأن الماضي نمطاً لارتكاب مثل هذا الخداع في المستقبل.
وهكذا، من خلال العمل داخل النموذج الذي وصفه أورويل، يمارس بايدن السيطرة على الحاضر، ويسعى جاهداً إلى السيطرة على الروايات حول الماضي، ويسعى إلى جعل كل شيء يبدو طبيعياً، واضعاً تصوراً مسبقاً للمستقبل.
كان حرص المندوبين على الهتاف لرواية بايدن السخيفة الكاذبة حول سياسات إدارته تجاه غزة، في سياق أوسع، هو مهرجان الحب في المؤتمر لرئيس في وضع البطة العرجاء.
قبل ساعات من افتتاح المؤتمر، كان الكاتب بيتر بينارت قد نشر مقالاً قصيراً بالفيديو يتوقع فيه التملق الشديد.
وقال: "لا أعتقد أنك عندما تقوم بتحليل رئاسة أو شخص، ستعزل ما حدث في غزة. أعني، إذا كنت شخصا ذا عقلية ليبرالية، فإنك تعتقد أن الإبادة الجماعية تتحدث عن أسوأ شيء يمكن أن تفعله أي دولة، وأنها تتعلق أيضًا بأسوأ شيء يمكن أن يفعله بلدك إذا كان بلدك يقوم بتسليح إبادة جماعية".
وتابع بينارت:
"ولم يعد من المثير كثيراً للجدل حقاً الآن أن هذا يعد إبادة جماعية. لقد قرأت الكتابة الأكاديمية حول هذا الموضوع. ولا أرى أي باحثين حقيقيين في القانون الدولي لحقوق الإنسان يقولون إن الإبادة الجماعية ليست موجودة بالفعل... إذا كنت ستقول شيئا عن جو بايدن، الرئيس، جو بايدن، الرجل، عليك أن تأخذ في الاعتبار ما فعله جو بايدن، الرئيس، جو بايدن، الرجل، عندما يتعلق الأمر بغزة.
إنه شيء أساسي لإرثه. وهو شيء أساسي لشخصيته. وإذا لم تفعل، فإنك كأنما تقول إن حياة الفلسطينيين لا تهم، أو على الأقل لا تهم في هذا اليوم بالذات، وأعتقد أن هذا غير إنساني. لا أعتقد أنه يمكننا أبدا قول إن حياة مجموعة من الناس ببساطة لا تهم لأنه من غير المناسب لنا أن نتحدث عنهم في لحظة معينة".
وفي تأكيد على العناد الأخلاقي البشع من مسرح المؤتمر، ثمة العرض البهيج للأجيال حيث أشاد الرئيس بذريته واحتضنها.
وسار جو بايدن خارجاً من المسرح وهو يمسك بيد حفيده الصغير اللطيف، وهو طفل ثمين ليس أثمن من أي طفل من آلاف الأطفال الذين ساعد الرئيس إسرائيل على قتلهم.
*نورمان سولومون Norman Solomon: المدير الوطني لمنظمة العمل الشعبي RootsAction.org والمدير التنفيذي لمعهد الدقة العامة Institute for Public Accuracy. نشر كتابه الجديد، "الحرب أصبحت غير مرئية: كيف تخفي أميركا الخسائر البشرية لآلتها العسكرية" War Made Invisible: How America Hides the Human Toll of Its Military Machine، في حزيران (يونيو) 2023 عن "ذا نيو برس".
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Biden’s Cruel & Orwellian Remarks on Gaza at the DNC