عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Oct-2020

فتى الفتيان والأمن والأمان*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

لم أكن قد سمعت بنبأ الاعتداء الوحشي الذي وقع في الزرقاء، وحين قرأت خبرا أمنيا تحذيريا بعدم تداول «فيديو» بشع، لم أفتح اي فيديو وصلني على واتساب، وكنت حذرا من أن أجد نفسي أشاهد الضحية، لكنني وبعد منتصف الليلة قبل الماضية، تعثرت بالفيديو منشورا على صفحة فيسبوك، وحدث ما كنت اتمنى عدم حدوثه، لكنني ورغم كل هذا الترويع والبشاعة والوحشية والانمساخ في ذلك المشهد، رأيت فتى الزرقاء كطودٍ شامخٍ، وهبه الله قدرة على الاحتمال لا يطيقها بتقديري آلاف ممن نحسبهم رجالا، فقوّاه الله وشافاه وعافاه.
هذه جريمة ارتكبها مجموعة مسوخ بشرية، وبسبب نقلها المتوحش صوتا وصورة وبكل مفارقاتها وألمها إلى الناس، فعلت بالناس ما تفعله العمليات الارهابية والحروب الضارية، وهذا سيعطي المحكمة هامشا لتكييف جرمي واستحقاقات عدالة يقدرها القضاء النزيه..ولا يمكنني ايفاء المشهد ما يستحقه من وصف وكلام، لكن دعونا نوقظ ذاكرتنا برهة، لعلنا ندرك معاني كثيرا ما نتجاوز عنها تحت وطأة الإثارة وثورات الغضب.
حوالي ??? مرة، قام الأمن العام بإلقاء القبض على المجرم الرئيسي في هذه الجريمة، وبعد كل مرة يتم توديعه للقضاء وينتهي دور رجال الأمن العام، وقبل كل مرة يبدأ دورهم من جديد ويقوموا بالقبض عليه بطريقة ما، تكلفهم جهدا ووقتا وتستنزف من موازنة الأمن العام مالا وربما أيضا خسائر، ويتم توديع المجرم الى المحاكم، حتى قبل هذه المرة كان المجرم قد أنهى محكومية ما، وليس مطلوبا لقضية قبل هذه الجريمة، وقام الحاكم الاداري بتوقيفه بناء على قانون منع الجرائم، فمسخ كهذا معروفة سلفا حدود ونتائج تفاعله مع المجتمع، ولعل (بروتوكول كورونا) وراء  تكفيله.
الجريمة بشعة جدا لا ننكر، وقد حدثت جرائم على درجة البشاعة نفسها وربما أكثر، في مجتمعنا، حيث نتذكّر منها، حين قام مجرمون بقطع رؤوس ذويهم أو حرق أبنائهم.. الخ الملحمة الإجرامية الاجتماعية المعروفة، وفي كل مرة يقوم الأمن العام بواجبه وكذلك يفعل القضاء العادل.
فتى الفتيان؛ الضحية الشجاع عافاه الله، فاز بتعاطف ومحبة واهتمام ودموع كل الأردنيين، وفي مقدمتهم جلالة الملك، الذي نفر بسرعة وتعهد بعلاج الفتى المصاب، وباشر شخصيا بتوجيه ومتابعة إلقاء القبض على المسوخ، وتعهد بمحاكمتهم بما يستحقون، وهذه صورة من التلاحم الكبير المتأصل في نفوس الأردنيين، وقد تابعت كغيري تفاعل الناس مع أهل الضحية ومخاطبة أمه باعتبارهم أبناءها، كما فعل شباب بني حسن، مطمئنين أم الضحية ومخاطبين جلالته باعتباره أبا لكل الأردنيين، وما هي إلا سويعات حتى تمكنت فرق الأمن المختصة من إلقاء القبض على المجرم وعصابته، وفق مقتضيات وأصول القانون المتّبعة.
الشر موجود، والجريمة تتطور في كل المجتمعات البشرية، وما دامت هناك عيون وسواعد وعقول أمنية تحرس هذا الوطن، وملك وشعب ينبض بهذه القيم، فلن تسود الجريمة ولن ينجح الشر، ونسأل الله تعالى ان يشفي الفتى البريء، ويعوضه عما فقده وحرمه منه المجرمون. وكلنا ثقة بجدارة وعدالة القضاء لردع كل مجرم أفاق مهما بلغ من درجات الانحطاط والانمساخ، فالأمن والعدل والتلاحم كلها حاضرة في بلدنا.