عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Feb-2020

ما أبرز المخاوف والمشاكل التي تواجه الطفل عند تغيير مدرسته؟

 

عمان- الغد– كما يقال، فإن المدرسة هي البيت الثاني، لذلك من المفترض أن تكون مصدرا للراحة والأمان، حتى ينطبق عليها الوصف بأنها للتربية والتعليم، فلا تربية من غير احتواء ولا تعليم من غير سعة صدر، ولربما أصدقاء المدرسة في مرحلة الطفولة، هم أكثر الأشخاص الذين نتمنى أن تمتد صداقتنا بهم لأعوام طويلة، ونستذكرهم دائما حين الرجوع بذاكرتنا لعمر الزهور.
وفي بعض الأحيان، تستمر صداقتنا بالبعض منذ الطفولة الى مراحل متقدمة من العمر، لذلك حين يكون الطفل قد تعود على مدرسته والمعلمين أو المعلمات بها، بالإضافة للأصدقاء، يصبح من الصعوبة أن ينفصل عاطفيا عن هؤلاء الأشخاص، أو أن يتعود على مرافق أخرى جديدة مختلفة عن مدرسته التي ألِفها ربما لأعوام.
ولأن تغيير المدرسة أمر وارد لأسباب عدة نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، اختلاف المرحلة الدراسية من الأساسية للثانوية، بسبب عدم وجود صفوف ثانوية في المدرسة، أو تغيير مكان السكن، أو تغير الحالة المادية للأفضل أو للأسوأ لا قدر الله، أو الانتقال لدراسة تخصص لا تقدمه المدرسة الأم.
وتتأثر الحالة النفسية بالدرجة الأولى لدى الطفل، وهذا مؤشر تغير خطير الى حد ما في حال لم يتم أخذه بعين الاعتبار، والسعي لعلاجه قبل تفاقم المشكلة. ومن أبرز المشاكل التي يواجهها الطلاب أو الأطفال عند الانتقال الى مدرسة جديدة؛ في البداية تتكون لديهم مخاوف وتصورات غير واضحة عن هذه المدرسة الجديدة، والبعض منها يتعلق بالكادر التعليمي، والبعض الآخر متعلق بالطلاب أنفسهم أو الأقران.
تبرز مجموعة من العقبات المتوقعة لدى انتقال الطالب لمدرسة أخرى مثل:
 
قلق مرتفع المستوى يدفعهم للتردد في الذهاب الى المدرسة الجديدة مع محاولة خلق أعذار لا منطقية حتى لا يتوجهوا الى المدرسة.
ميلهم الى الانطوائية الذاتية فتجدهم غير متفاعلين مع الطلاب، ويفضلون البقاء وحيدين.
خوفهم وترددهم من المشاركة في أي نشاط داخل المدرسة، خوفا من الفشل مما يزيد الطين بلة بالنسبة لهم.
حدوث قصور أكاديمي واضح وتدني درجاتهم عن الحد الذي اعتادوا عليه.
تعرضهم لخطر التنمر من قبل الطلاب الآخرين، وعدم التقبل أحياناً.
إذا ما العمل؟
أنصح كل أم وأب بالقيام بأهم خطوة، وهي عمل زيارة ميدانية للمدرسة المقصودة، بهدف تقبل الطالب لها، بالإضافة لمحادثة المرشدة أو المرشد، والطلب منه تقديم المساعدة من خلال توعية الطلاب بأساليب تختص بكيفية استقبال الطالب الجديد مثل الترحيب به.
وذلك عن طريق الإذاعة المدرسية، مثل تحيته بالتصفيق داخل الغرفة الصفية، وطلب المعلم من الطلاب ذكر أسمائهم، والتعريف عن أنفسهم أمام الطالب الجديد، الترحيب به وحده أيضا من قبل المعلمين أو المعلمات في بداية كل حصة على اختلاف المادة الدراسية، حتى يصبح معروفا لدى الجميع تقريبا، مما يزيد من ثقته بنفسه.
في حين أن كل ما يمر بنا في حياتنا من تغيرات وتقلبات نحن بحاجة ماسة للتكيف معها حتى نستطيع الاستمرار، وبغض النظر عن نوع العقبة أو المشكلة، فإن هذه التجربة فعليا صعبة، ولا يستهان بها، لأن عدم تكيف الطالب الجديد مع محيطه المدرسي الذي فرض عليه يؤدي الى فشله في التكيف، وينشأ عنه مشاكل عدة أهمها:
انسحاب اجتماعي يضعف شخصيته.
تردد وخوف من تجربة كل ما هو جديد سواء في الوقت الحالي أو مستقبلا.
انخفاض حاد في مفهوم الذات.
تزايد الفرصة لتعرضه لاكتئاب الطفولة، لأنه لا أصدقاء له، وغير مرغوب به.
ربما يتبادر لذهن القارئ، هل من الممكن أن لا يكون هناك فوائد من هذه التجربة، فيما لو كانت مدروسة ومنظمة، وليست عشوائية؟
بالتأكيد سينتج عنها فوائد عدة؛ منها:
مواجهة الطفل “الطالب” عالمه الخارجي الجديد بقوة وشجاعة، مما يزيد ثقته بنفسه.
اكتسابه خبرات وصداقات ومعارف جديدة.
ازدياد قدرته على التكيف والتأقلم مع أي ظرف طارئ.
تكوين صداقات جديدة تسهم بطبيعة الحال في صقل شخصيته ونضوجها.
نحن بحاجة كبيرة لتسليط الضوء على هذه المشكلة، لذلك لا بد من اتخاذ خطوات وإجراءات في حلها، حبذا لو كان لدى المعلمين والمعلمات والمرشدين والمرشدات في القطاعين الحكومي والخاص درجة عالية من الوعي بسيكولوجية الأطفال، وكيفية التعامل معهم، والسعي لاتخاذ إجراءات خاصة تتم عند استقبال طالب جديد، حتى لا يتعرض لأي نوع من الإحباط أو الشعور بعدم الأمان عند اللحظات الأولى التي يواجه بها مدرسته الجديدة.
لأجل إتمام هذه العملية بنجاح، ننصح الأهل بالتحدث مع ابنهم بطريقة ناضجة، وذلك بإخباره بأنه من الممكن أن يكون تغيير المدرسة فرصة لإنهاء خلافاته السابقة مع أحد الطلاب، أو مصدرا للتعرف على أماكن جديدة، فيعتبرها مغامرة جديدة شيقة يكتشف من خلالها أشخاصا جددا وخبرات لم يسبق له التعرف عليها.
تهيئة الطفل وتحضيره بطريقة مختلفة لاستقبال أجواء المدرسة الجديدة تعطيه شعورا جميلا، ليس بالضرورة أن يتحمل الأهل تكاليف عالية في تجهيزه، فمن الممكن أن تكون هذه الطريقة المختلفة تتمثل بجعل الطفل “الطالب” يختار أدواته المدرسية، أو أن نحضِّر له نوعا جديدا من الساندويش يأخذه عند ذهابه للمدرسة، أو شراء مطرة ماء جديدة، كل هذه التحضيرات لكسر حدة شعوره بالخوف أو عدم الأمان.
إن تعويد أطفالنا على احترام الآخرين والمبادرة بتقديم المساعدة، واللجوء الى مرشد المدرسة أو من ينوب عنه عند تعرضهم للإساءة، كل هذا كفيل بأن يجعلهم يتمتعون بشخصيات محببة ومميزة ومرغوب بهم من قبل الآخرين، فيسهل عليهم تكوين الصداقات.
أخصائية الاحتياجات الخاصة والعلاج السلوكي
أمل الكردي