عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Feb-2019

من باريس الى وارسو : مئة عام من التآمر على فلسطين - بقلم طاهر العدوان

 مثلما كانت إرادة الشعوب العربية مغيبة عن مؤتمر باريس قبل ١٠٠ عام  ، هي اليوم مغيبة ومقصية عن مؤتمر وارسو وغيره

 
المقر - بحضور اكثر من ٦٠ دولة عقد في وارسو عاصمة بولندا مؤتمراً  تحت عنوان ” اقامة الامن والاستقرار في الشرق الأوسط ” . ولأن ” المكتوب يقرأ من عنوانه ” فان نجوم المؤتمر هما نتنياهو ، قاتل الفلسطينيين وسارق ارضهم ، وكوشنر اليهودي الصهيوني صهر ترمب الذي كلّف بإعداد ما يوصف بصفقة القرن من اجل تصفية القضية الفلسطينية .  ومن السخرية ان يكون ترمب هو الداعي للمؤتمر وهو الذي تولى عملية قتل السلام في المنطقة عندما قرر الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لاسرائيل وقطع التمويل عن الاونروا تمهيدا لالغاء حق العودة وأوقف الدعم المالي للسلطة الفلسطينيية لتسهيل عمل الاحتلال بإلحاق الضفة بإسرائيل  وتهويدها .
   هدفان للمؤتمر :
     ١- اقامة ناتو عربي – يضم دول شرق أوروبا بدعوى مواجهة ايران ، فيما هو عملية التفاف كاملة على حقيقة ان سبب الحروب وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط هو اسرائيل واحتلالها لفلسطين والأراضي العربية ، وليس ايران مع كل تدخلاتها وأطماعها في بسط نفوذها على  سوريا ولبنان والعراق . والواقع انه اذا كان هناك خطر إيراني يهدد المنطقة العربية فانه ثمرة من ثمرات الاحتلال الامريكي للعراق ونظريات الإدارات الامريكية المتعاقبة بنشر ” الفوضى الخلاقة ” فيها .
     ٢- المؤتمر يمثل  غطاءاً دولياً لفرض صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينيية لصالح قيام اسرائيل الكبرى .والاستمرار في سياسات تقسيم المقسم من العراق وبلاد الشام .  وهو ما يعيد الى الاذهان مؤتمر باريس المشؤوم الذي عقد في عام ١٩١٩ ،بعد الحرب العالمية الاولى ، حيث أعلن قيام ( عصبة الامم ) من اجل اضفاء الشرعية على نتائج الحرب ،ومنها الموافقة على اقامة سلطة انتداب بريطانية على فلسطين بهدف تنفيذ وعد بلفور ، واقامة سلطات انتداب بريطانية فرنسية على بلاد الهلال الخصيب من اجل تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو .
         مؤتمر وارسو يعيد ، أيضاً ، الى الذاكرة أهداف مؤتمر مدريد الذي عقدته أمريكا في عام ١٩٩١بحضور عدد من  الدول العربية وإسرائيل تحت عنوان حل النزاع العربي الاسرائيلي بعد الانتصار على العراق في حرب الكويت . هذا المؤتمر لم يصنع السلام  في الشرق الأوسط بل أسس لحالة هي الأكثر مأساوية في فصول التاريخ الحديث ، لقد تخلت الدول العربية بعد مدريد عن عقيدة مواجهة التهديد الرئيس لوجودهم وهو اسرائيل ، الى تبني وهم وجود عدو آخر هو عراق صدام حسين ، وانه باحتلاله سيتحقق السلام العادل في فلسطين والمنطقة  . لكن ومنذ مدريد المشؤوم ، حلّت الحروب وطار السلام الى ما فوق الغيوم ، لقد مر  ٣٠ عاماً من الحروب العربية العربية والحروب الأهلية العربية التي حصدت ملايين الأرواح وأدت الى استباحة الارض العربية ، سيادتها ومقدساتها وارواح شعوبها ، من قبل كل طامع وغاصب  . فيماازدادت اسرائيل غطرسة وقوة وتعديا على القيم والحقوق والمقدسات العربية .
ملاحظات  على هامش مؤتمر وارسو : 
       – العرب الذين حضروا وارسو هم شهود زور ، فمتى كان ترمب صانع سلام واستقرار وهو صانع تهويد القدس الشريف ” درة خاتم الاسلام كما وصفها صلاح الدين الأيوبي “. !
     – مثلما كانت إرادة الشعوب العربية مغيبة عن مؤتمر باريس قبل ١٠٠ عام  ، هي اليوم مغيبة ومقصية عن مؤتمر وارسو وغيره . لكن ان طال الزمن او قصر ، بوجود نتنياهو او بانبعاث شارون وبيغن وبن غوريون من قبورهم  ، بقوة  بوش او ترمب ، السلام لن يقوم في ارض السلام  ما دام فيها  غزاة ومحتلون جاءوا من بولندا وروسيا وأمريكا وأوروبا زاعمين  انهم اهل الارض والمقدسات ، فلسطين ستظل لشعبها الذي يلهم الامم جميعها في معاني صموده وصبره وتضحياته .
     – ان مشهد  وزير خارجية احدى الدول العربية ، وهو يتسلل من مرآب فندقه في وارسو من اجل اجراء لقاء سري مع نتنياهو،  يلخص حال السياسة العربية الرسمية  من القضية الفلسطينيية ( لا تنظروا الى دموعنا على القدس وفلسطين انما انظروا الى ما تفعله أيدينا واقدامنا )!.
    – امر دول أوربا الشرقية عجيب ، فهي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي تحولت عن مناصرة القضية الفلسطينيية الى مناصرة اسرائيل واحتلالاتها ،  وكان عليها وقد خضعت للاحتلال السوفيتي لمدة ٤٥ عاماً ان تناهض كل احتلال على الكرة الارضية لا ان تقف مساندة لأطول احتلال في العصر الحديث وهو احتلال اسرائيل للأرض الفلسطينيية .
   وأخيرا كل التحية الى ايرلندا،  التي تعمل اليوم على عقد مؤتمر دولي ضد صفقة القرن وتأييدا للقضية الفلسطينيية ، والعار كل العار على جبين جامعة أنتوني ايدن المسماة جامعة عربية ( ايدن هو الوزير البريطاني صاحب مشروع اقامة جامعة الدول العربية من اجل قطع الطريق على مشروع الوحدة العربية الذي رفعته الشعوب العربية في النصف الاول من القرن الماضي ).