عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Sep-2018

مسلسلات وأغان قديمة تسترجع الحنين الممزوج بالذكريات الجميلة

 الغد-تغريد السعايدة

تجتاح الأربعينية بثينة أحمد حالة من الحنين، كلما وقع أمام ناظرها أحد المقاطع لمسلسل قديم أو أغنية ما، لما تحمله من كلمة جميلة، ولحن، ومعنى، خصوصا تلك التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تكرر بثينة الاستماع لتلك اللقطات فيما بعد، بل تجلس لساعات متتالية، تتمعن بتفاصيلها وتقارن بين ما تشاهده وبين ما يبث يوميا على القنوات الفضائية المتعددة.
تؤكد بثينة أنها تلجأ لمشاهدة العديد من المسلسلات والأفلام القديمة التي طالما اهتمت بمتابعها مع أشقائها في بيت العائلة، موضحة "يأسرني الحنين لتلك الأيام، عندما نتجمع وننتظر الساعات المحددة لبث برامج وأفلام الكرتون، ثم ننتقل للهو واللعب، وصولا للجلوس مع الأهل لمتابعة حلقات مسلسل المساء، وسط أجواء المرح والشغف بمتابعة الأحداث المقبلة".
وتتساءل بثينة عن المضمون المختلف في طريقة البث والطرح مما تشاهده الأجيال الحالية، وتتمنى لو أن أطفالها شاهدوا برامج الرسوم المتحركة "القديمة"، لما تحمله من هدف وغاية ومعنى جميل، حتى كلمات الأغاني، فهناك العديد منها تحمل قيما تربي الأطفال على الأخلاق الحميدة.
عهود أمجد من محبات الأفلام والأغاني القديمة أيضا، قامت مؤخرا بنشر مقطع لإحدى الأغاني القديمة، يؤديها مطرب كان له حضور مميز بين الشباب في فترة أوائل التسعينيات من القرن الماضي، ولنقل شعورها وسعادتها بالاستماع لهذه الأغنية، قامت بعمل مشاركة لمجموعة من صديقاتها اللواتي يفضلن سماع هذه الأغاني أيضا.
وتقول عهود "ينتابني دائما شعور الرغبة والعودة إلى تلك الأيام الجميلة، وأتذكرها بمجرد الاستماع لـ"دندنة" أغنية قديمة، أو خلال متابعة حلقات مسلسل قديم بمشاهده وحتى تفاصيل المكان في تلك الحقبة، فلها مكانة في قلبي، وكأنها تختبر مشاعرنا التي اختلطت ما بين الحاضر والماضي، الذي كان يتجمل بتجمع الأبناء والآباء والأجداد أيضا".
فيما لا تتمكن غيداء المصري من إيقاف دموعها، لحظة الاستماع لأحد المقاطع التي تتغنى بالماضي الجميل، الذي غابت عنه كل تفاصيل البساطة، وتقول إنها تعيش أوقاتا في عالم الذكريات المُحمل بأجمل الضحكات واللحظات التي تنتعش بوجود الأحبة والإخوة والأخوات، الذين انتقلوا الآن للعيش في منازلهم بعد زواجهم وسفرهم إلى الخارج.
وتعتقد غيداء أن التعلق بكل ما هو جميل من الأعمال القديمة، والتي أصبح الكثيرون يعودون للبحث عنها عبر مواقع الإنترنت لمشاهدتها مرة أخرى، ما هو إلا رغبة في التخلص مما هو "سطحي وبدون هدف"، سواء من المسلسلات أو الأغاني التي تفتقد "بريق القديم"، عدا عن جمال القصة والممثلين الكبار الذين أدوا الأدوار بمحبة وإتقان.
بيد أن شعور غيداء المرتبط بهذه المسلسلات قد يكون نابعاً من تعلقها بالماضي، وبأيام طفولتها الجميلة بتفاصيلها كافة، بحلوها ومرها، وما إن تسمع بعض مقاطع تتر المسلسلات القديمة في التسعينيات، أو بداية الألفية، حتى يتبادر إلى ذهنها تلك الأجواء والمحيط الجميل الذي عاشت فيه تلك الطفولة، ومرحلة المدرسة والجامعة.
إلى جانب جلوسها في أيام الشتاء برفقة العائلة لمتابعة المسلسل المسائي، ومن ثم الخلود للنوم مباشرة، بدون الحاجة للرجوع للأجهزة الإلكترونية التي تبقي الشخص مستيقظاً حتى ساعات الفجر، وفق قولها.
وتتمنى غيداء أن يلتفت الأهل إلى الأبناء، ومحاولة تعزيز ارتباطهم بالأمور الجميلة ذات القيمة في حياتهم، فهي على سبيل المثال، لا تتوانى عن أن تقدم لأطفالها وقتاً لمشاهدة أفلام الكرتون القديمة، وحفظ كلمات الأغاني الجميلة الهادفة، والتحدث معهم حول القيم والعبر منها، بعيداً عن أفلام الديجيتال والألعاب الإلكترونية، مؤكدة "كنت أتمنى لو عاش أطفالي جزءا من بساطة حياتنا قديماً، ليعيشوا الحنين ذاته الذي نحياه الآن".
مدربة التنمية البشرية عايدة العبادي، ترى أن كل إنسان له كم من الذكريات التي ترتبط بطفولته وريعان شبابه، قد يربطه بمجموعة من الأحداث والأشخاص، وحتى الأغاني القديمة أو المسلسلات والأفلام في ذلك الوقت، والتي لها دلالة خاصة ومكانة في العقل الباطن والذكريات.
وتقول العبادي "إنه لشيء جميل أن يكون لدى الإنسان إحساس ومشاعر جميلة عندما يشاهد أي مقطع أو صورة أو أغنية أو مسلسلا، تذكره بفترة زمنية جميلة في حياته، فهذا نوع من الارتباط المحبب، وتعني أن الإنسان يتذكر نفسه في تلك الفترة".
وعلى الرغم من أن الكثيرين قد يمرون بهذا الموقف مروراً عابراً، إلا أن العبادي ترى أن آخرين يهدفون من خلال رجوعهم لتلك المقاطع ومشاهدتها باستمرار ومتابعتها بأدق التفاصيل والتعايش مع تلك الفترة التي ترافقت مع بداية ظهورها، إلى "الهروب من الماضي ورفض الواقع الذي يعشيه في هذا الوقت".
وتردف العبادي بالقول "هناك أشخاص يستعيدون ذكريات فقط، ولكن آخرين يتعلقون بشكل مبالغ فيه بالماضي، وهذا التعلق قد يتحول إلى أمر سلبي في حياتهم، قد يتحول إلى حالة نفسية سلبية تؤثر على الإنسان، وهنا يجب الخروج منها سريعاً حتى لا تتحول تلك المشاعر الإيجابية الجميلة إلى طاقة سلبية مثبطة للإنسان".
تحويل السلبية إلى الإيجابية، بحسب العبادي، يكون من خلال استرجاع أجمل اللحظات، والإحساس بأهمية الوقت الحالي الذي يعيشه الإنسان، وعليه أن يخلد ذكريات أخرى جميلة للمستقبل، فكل حاضر سيتحول إلى ماض، يحمل الكثير من الأحداث والأمور المحببة التي قد تربتط بالفرد لسنوات، كما هو حال الحالات التي تم طرحها.
وفي علم النفس قد تسمى تلك الحالة بـ"النوستالجيا" التي تُعرف بأنها "الحنين إلى ماض مثالي، وهي حالة عاطفية نصنعها نحن في إطار معين وفي أوقات وأماكن معينة، أو يمكن وصفها بأنها عملية يتم فيها استرجاع مشاعر عابرة ولحظات سعيدة من الذاكرة وطرد جميع اللحظات السلبية، فيما تؤكد الدراسات النفسية أن ما نسبته 80 % من الناس يشعرون بهذه الحالة مرة في الأسبوع على أقل تقدير".
كما تشير الدراسات إلى أن هذه الحالة تعد في علم النفس "آلية دفاع يستخدمها العقل لرفع المزاج وتحسين الحالة النفسية، يقوم العقل باستدعاء ذكريات الماضي الطيبة بدفئها وعواطفها، فتعطيه الطاقة التي تساعده على التعامل مع التحديات وحالة عدم الرضا عن الوضع الحاضر، وهي من السبل الناجحة في صد الاكتئاب الوقتي".