عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jan-2019

الرئيس الموريتانيّ «لا» يًترشُّح..مَن «يقتَدي» في فضاء الإستبداد العربيّ؟ - محمد خروب

الراي - ايّاً كانت الأسباب التي دفعَت الرئيس الموريتانيّ"الجنرال"(ما أكثَر الجنرالات/الحكّام في بلاد العرب)محمد ولد عبد العزيز,إلى إعلان «احترام"دستور بلاده الذي ينصّ على ولايتين فقط لرئيس الجمهوريّة (المُنتخَب),وعدم قبول أيّ تعديل يمسّ المواد28،26,و99 منه,بعد أن حاول حارقو البخّور,ووُعّاظ السلاطين,وكذّابو الزفّة تجميل عهد الجنرال, واعتباره"أيقونة وطنيّة"لا غنى عنها,ولا تنازل عن دوره،كي يُكمِل مسيرة الانتصارات والتنمية في بلاد شنقيط ,فإن مُجرّد صدور البيان الرئاسيّ الذي قطع الطريق على رهط المُنافِقين..ولو مُؤقتًا,في انتظار جلاء الموقف"النهائي».على أبواب انتخابات رئاسية مُقرّر إجراؤها منتصف العام الجاري,قد يُؤشّر إلى حقبة عربية جديدة تشكِّل خطوة رمزية أولى, على طريق وضع حدٍّ لهذا الاستبداد العميم,الذي يبسُط سطّوَته الغاشِمة على الفضاء العربي,ولا يسمح لشعوب هذه الأمة المُبتلاة بالكَلمَنجِيّة عديمو الفِعل,وسيادة مشهد تغيب عنه العدالة والديمقراطية, وتتلاشى ثقافة المُواطَنة,وتتجوّف الحياة السياسية والحِزبية,ويسود الفقر والبطالة والقمع,وتُفتقَد الحُريّات على اختلاف تسمياتها.

وإذ هناك مَن ربَط «تمنّع» الجنرال ولد عبد العزيز عن الاستجابة لنداءات مُناصِريه,بما يجري في السودان الذي يُوشِك «جَنِراله"على إتمام ثلاثة عقود من وجوده في الحُكم,بعد انقلابه الشهير على حكومة مُنتخَبة ديمقراطيًا في الثلاثين من حزيران 1989 الذي أُسْمِي"ثورة الإنقاذ",ولم يُفلِح في واقع الحال في إنقاذ أيّ شيء(إن لم يَزِده سوءاً),فإنّ ما يلفِت في ما يجري في السودان,هو"تحدّي"المشير البشير خصومَه في المعارَضة ودعوتِه لهم بالمواجَهة -ديمقراطيًا-في انتخابات 2020،وكأنّ ثلاثة عقود من عهده"المَي مون"كانت تَفيض ديمقراطيّة وحرية,وعادت على السودان والسودانيي ن بالخيرات والبركات.
مُعظم الأنظمة العربيّة تعيش أزمات بُنيوِية عميقة,لم يعُد خطابها المُكرّر, فارغ المضامين والصِياغات المُتهافِتة...
يُقنع أحداً.لهذا فإنّ مَن تتقدّم أخبار الانتفاضة ضده نظامِه...معظم وسائل الإعلام,لا ويعني أنّ تلك الأنظمة التي تشهد هدوءًا مغشوشًا منأى عن احتمالات الانفجارات والثورات,التي قد تكون أسوأ من تلك المتواصِلة في السودان أو موريتانيا,وإن كانت «المعارَضة"في الأخيرة ما تزال تضغط كي تجعل إعلان ولد عبد العزيز عدم الترشّح..نهائيًا,وليس مجرّد مناوَرة,تُمهّد لتراجعه عنه استجابةً منه, وتضحية ونزولًا عند رغبة الجماهير,على النحو الذي واصَلَه أكثر من حاكم عربيّ,وكان"المشير"الراحل علي عبد االله صالح,أحد أبرز الذين بذلوا المزيد من الوعود والعهود"القاطِعة"بعدم الترشّح,شاكيًا ومُتبرِمَاً من حكم اليمن,الذي يشبه حال الراقص مع الثعابين.ثمّ لا يلبَث أن يعود,حتّى «خَلعَته"ثورة فبراير 2011 المغدورة،وهنا بالطبع علينا أن لا ننسى ما فعله طوال ثلاثة عقود أخرى بطل الضربة الجويّة,"الجنرال"المِصري حسني مبارك.
من يقرأ تاريخ موريتانيا الذي لا يختلف عن"تاريخ"معظم الأنظمة العربية التي نالت استقلالها خمسينات وستينات القرن الماضي,يلحَظ أنه لم يكن سوى سلسلة انقلابات عسكرية قادها جنرالات ضدّ جنرالات,أما فترات حكم بعض الرؤساء الذين جاؤوا في انتخابات"ديمقراطية",فكانت قصيرة لا تكاد تُذكَر, ما بالك أنّ لابسي البِزّات العسكرية هؤلاء,لم ينجحوا في إقامة أيّ هياكل مُؤسّسية ذات جدوى أو ديمومة,سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم تنمويّة؟بل أمْعنوا تمزيقًا في مجتمعاتهم وواظبوا على تقسيمها عِرقيًا,طائفياً,مذهبيًا وإثنِياً على نحو باتت فيه مُجرّد مجتمعات مُفخّخة قابِلة للانفجار في أيّ لحظة,على ما شهدناه في ما أُسمِي زوراً"الربيع العربِيّ» الذي امتلك ناصيته المُستعمِرون وأعوانهم داخل هذه المجتمعات المُرهَقة,والمفكَّكة.فانتهت بها الحال إلى كوارث ومصائب وخسائر, وأكلاف فادحة,تحتاج لعقود طويلة مُقبلات من أجل ترميم"بعض"آثارِها.
الجنرال ولد عبد العزيز وصل إلى السلطة في العام 2008 بانقلاب عسكريّ على حكومة ولد الشيخ عبد االله المُنتخَبة,بعد أن"أَوفى"العقيد"ولد محمد فال بوعده,تسليم السلطة لِرئيس مُنتخَب إثر انقلابه(ولد فال) على نظام"الجنرال"المُتصهّيِن معاوية ولد الطايع في العام 2006.جنرال فاسِد مكَث في الحكم «21 «عامًا بعد انقلاب جاء به هو الآخر إلى السلطة في العام 1984,ضد"العقيد"محمّد ولد هيدلة الذي كان انقلَبَ على"أول"رئيس مدنِي لموريتانيا"المُستقِلّة»..المختار ولد داداه.
فهل يُريح"الجنرال"محمد ولد عبد العزيز شعب المليون شاعر,الذي ابتُلِيَ بمسلسل لا ينتهي من الانقلابات وحُكم الجنرالات,ويؤسِّس لمرحلة ديمقراطية قد تطول؟في الوقت ذاته الذي قد يُسجّل"زُهده"غير المؤكد حتى الآن مثلاً قد يُقتدى به في فضاء الإستبداد العربيّ وظلامِه وظُلمِه الذي لا ينتهي؟.
kharroub@jpf.com.jo