الشرق الاوسط-القاهرة: إيمان مبروك
أثار كلام نيل موهان، الرئيس التنفيذي لـ«يوتيوب»، حول «استحواذ المنصة على الجمهور من حيث ساعات المشاهدة بمحتوى رقمي منخفض التكلفة»، تساؤلات حول جدوى الإنتاجات الضخمة خصوصاً في الإعلام. وقال خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط»، إن صعود «يوتيوب» فرصة لصُناع الإعلام والمنتجين شريطة التكيف والتطوير.
الرئيس التنفيذي لمنصة الفيديو الأبرز عالمياً، كان قد ألقى كلمة خلال مهرجان «كان ليونز الدولي للإبداع 2025» الذي عُقد نهاية الشهر الماضي، عرض عبرها بيانات تشير إلى «ارتفاع عدد ساعات المشاهدة على (يوتيوب) لتتخطى التلفزيون التقليدي، وكذلك الإنتاجات الضخمة لشركات الإعلام وحتى أفلام هوليوود». وأردف: «يشاهد الجمهور أكثر من مليار ساعة من (يوتيوب) على أجهزة التلفزيون يومياً».
من جهتها، أفادت شركة «نيلسن» في بيانات صدرت مايو (أيار) الماضي، بأن «يوتيوب» تستحوذ الآن على 12.4 في المائة من وقت مشاهدة التلفزيون اليومي في الولايات المتحدة، بعدما كانت نسبة المشاهدة 8.6 في المائة مطلع عام 2024. وبذا تجاوزت «يوتيوب» منصة الترفيه الأبرز «نتفليكس» التي جاءت في المرتبة الرابعة بنسبة 7.5 في المائة، من حيث ساعات المشاهدة. ووفق موهان، فإن «نحو ملياري شخص يدخل (يوتيوب) مرة واحدة على الأقل شهرياً»، ما يعزز سيطرة المنصة على محتوى الفيديو؛ بل ومنافستها أضخم شركات الإنتاج.
تعليقاً على ما سبق، قال نجم متولي، مدير الهوية البصرية للفيديو والإنفوغراف في مؤسستي «العين الإخبارية» و«CNN الاقتصادية»، إن الجمهور بشكل عام، سواء جيل «زد» أو كبار السن، بات يميل إلى «يوتيوب» بسبب «تلبية الحاجة». وأضاف أن «يوتيوب» يوفر أمام الجمهور خيارات عديدة من المحتوى وفقاً للاهتمامات الشخصية، كما أن الخوارزميات الخاصة بالمنصة تعمل بذكاء من خلال متابعة اهتمامات الشخص، لتوفير ترشيحات تتناسب معه على نحو فردي، ولذلك «ثمة علاقة مباشرة وشخصية بنيت بين المنصة والجمهور على مدار سنوات».
وعن المنافسة مع منتجي الإعلام، قال متولي: «المشهد الإعلامي يتغير بوتيرة حثيثة، وتحديد مدى استفادة الناشرين والمنتجين من بروز (يوتيوب) يتوقف على مدى تكيفهم مع رغبات الجمهور، وقدرتهم على تطويع المنصات، لتصبح أدوات تُعزز نشر المحتوى؛ سواء الإعلامي الجاد أو الترفيهي». وأشار إلى أن «صُناع الإعلام بمقدورهم تطويع التحول الراهن لخدمة مستقبل الصناعة، لأنهم أساساً مصدر للمحتوى الأصلي والمُبتكر، وهو ما يعني أن المحتوى الفريد وتطوير وسائل العرض، هما أبرز ركائز النجاح والاستمرارية»، معتبراً أن «الإعلام التقليدي صار خارج المنافسة، والإنتاجات الضخمة من دون فهم وتحليل احتياجات الجمهور لن تؤتي ثمارها».
من جانب آخر، خلال مؤتمر «ستريم تي في» الذي عقد في مدينة دنفر الأميركية، الشهر الماضي، قال فيدي غولدنبرغ، رئيس شراكات التلفزيون والأفلام في «يوتيوب»، إن صعود «يوتيوب» عزّز الشراكات بين المنصة وشركات الإعلام، وأن «صُناع الإعلام الآن بحاجة إلى إعادة النظر جذرياً في طريقة استخدام المنصة». ثم أوضح أنه بعدما كانت هذه الشركات تتعامل مع «يوتيوب» سابقاً بوصفه منصة تسويقية لعرض مقتطفات أو حلقات تجريبية، «باتت الآن تنتج محتوى طويلاً بصيغ جديدة تتماشى مع طبيعة المشاهدة الرقمية»، مثل ما قدمته شركة «وارنر براذرز ديسكفري» التي أعادت تقديم مسلسل «فريندز» بصيغة حلقات مطولة تمتد إلى ساعة كاملة للعرض على «يوتيوب»، كذلك تبث «ناشيونال غيوغرافيك» مقاطع مطولة من برامجها الوثائقية.
في الشأن نفسه، قال معتز نادي، الخبير والمدّرب المتخصص في الإعلام الرقمي، إن صعود «يوتيوب» راجع إلى قدرة المنصة على التكيف خلال السنوات الماضية. وأضاف: «من متابعة المنصة على مدار 20 سنة، أقول إنها نجحت في قيادة منافسة مرتكزة على تطوير شكل المحتوى، من حيث المدة والشكل والسهولة، والمحتوى تطور بوتيرة متلاحقة».
وأشار نادي إلى أن «يوتيوب» لا ينافس صُناع الإعلام، بينما يمكن تطويعه لتعزيز مصادر الدخل. وأوضح أن «الصحف تواجه معضلة تتعلق بالأرباح لضمان استمرارية العمل، وبالتالي عليها ألا تغفل أي منصة يُمكن أن تساعدها في تنمية مواردها وتقديم رسالتها بشرط توافر الدقة».