عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jul-2025

ماذا بعد نتنياهو وحلف اليمين الإسرائيلي؟*سامح المحاريق

 الراي 

مسألة تغيب بنيامين نتنياهو عن واجهة السياسة الإسرائيلية أصبحت رهنًا بالوقت الذي يمكن أن يمدده بعض الشيء، ولكن ليس كما يتوافق مع طموحاته الشخصية والسياسية، حيث يبدو تسويقه لمسألة نجاح هجومه على إيران استثمارًا فاشلًا حتى في الأوساط المتحمسة له، فالإسرائيليون عايشوا مشاهدًا لم تكن واردة في أسوأ أحلامهم، أما عدم القدرة على الحسم تجاه التحييد الكامل لحركة حماس فهو مسألة رئيسية لا تجد من يلتقطها بالصورة اللائقة بين خصومه السياسيين، ولعل هذه هي المشكلة الأساسية التي جعلت نتنياهو يستولي على صدارة المشهد السياسي في إسرائيل لسنوات طويلة.
 
 
بافتراض ما يذهب له الكثير من المحللون حول عدم مواءمة اليمين الإسرائيلي لمرحلة مقبلة من الترتيبات الخاصة بالمنطقة، من الضروري التساؤل اليوم حول البديل المتوفر في إسرائيل، خاصة أن ما يمكن وصفه باليسار أصبح جزءًا من التاريخ، وجثة هامدة فقدت قدرتها على الاستجابة، وحزب العمل بكل ما يملكه من تاريخ لم يعد يؤبه له بين القوى السياسية في إسرائيل، أما الأحزاب الوسطية التي حاولت أن تقدم مقاربات خاصة من كاديما سابقًا، وأحزاب "هناك مستقبل" و"المعسكر الوطني" حاليًا، فهي غير قادرة على تقديم مشروع استراتيجي يجيب عن الأسئلة الوجودية لإسرائيل.
 
 
يشارف نتنياهو على ختام مسيرته السياسية التي يمكن أن تدفعه لمشاهد مخزية وراء القضبان، وهو مصير يستحقه الرجل، ومع ذلك، فهو يترك وراءه تركة ثقيلة لأي قوة سياسية، هذا بافتراض تشكل هذه القوة وقدرتها على الاستمرار وسط البيئة السياسية العاصفة في إسرائيل.
 
 
التركة تتمثل حاليًا في الرفض الذي تواجهه إسرائيل في محيطها، والاتهامات التي تواجهها بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، والمشاهد التي ستبقى طويلًا في ذاكرة أجيال وجدت العالم يعيش حالة من الانفصام والتخاذل أمام الانتهاك المنهجي للحياة الإنسانية على الطريقة الإسرائيلية، وحالة الرفض التي ستواجهها إسرائيل ستجعل أي تسويات تتوصل لها تتخذ صفة الهدنة الطويلة، أما جهود التطبيع الذي كانت تقدمه وفقًا لوصفة نتنياهو بالإندماج وقيادة المنطقة (المبهورة) بالنموذج الإسرائيلي فهي غير ذات مكان على المدى الطويل، وبالتالي، فإن الحكومة القادمة، وبغض النظر عن هويتها ستواجه أزمة ثقة متعددة الأطراف في محيطها الإقليمي والدولي، بجانب الأزمات الداخلية مثل ترويض اليمين الإسرائيلي المتفلت والمرتهن للروايات التوراتية التي لا تحمل كثيرًا من الذنب تجاه ممارستها العنف والعدوانية.
 
 
علاوةً على ذلك، ومع أن إسرائيل ألحقت خسائر كبيرة بمحور المقاومة في لبنان وسوريا، وقطعت نقاط ارتكازه الاستراتيجية، إلا أنها أصبحت بعيدة في المقابل عن المنعة التي حاولت تسويقها، والقبة الحديدية بعد أدائها الجيد في الأيام الأولى من الحرب الأخيرة مع إيران، فإنها أظهرت عيوبًا كبيرةً بعد ذلك، وبدت غير قادرة على التعامل مع قراءة الإيرانيين لثغراتها وعيوبها، وبالتالي، فالقيادة المزعومة التي تفرضها إسرائيل لم تعد متاحةً بنفس القدر من التسليم الذي حظيت به قبل الاختبار الحقيقي الأخير.
 
 
هذه بعض المشكلات التي ستواجه أي حكومة قادمة، مع ضرورة عدم التعويل على وجود حكومة تتصرف بإيجابية لأن اليمين المتطرف الذي يبدو بعيدًا عن قيادة المرحلة، ما زال هو عامل الترجيح السياسي لأي قوة تصعد لقيادة إسرائيل، والمشكلة الجوهرية، هي في ثقافة عامة تسود إسرائيل وتظهر مدى خضوعها لغيبوبة طالما افتخرت بأنها تمتلك الوعي والحكمة لتجاوزها، وأظهرت التجربة أن اسرائيل تعيش في أزمة أنتجت نتنياهو وعصره، والوضع حاليًا أسوأ كثيرًا من المقدمات التي حملته للواجهة، ولا يتوقع أن تقدم الكثير، ولا يجب التعويل على ذلك، بل ويمكن أن يكون عنوان المرحلة المقبلة هو الاستعداد للأسوأ.