عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Jun-2020

أعمال هيثم بردى في القصة القصيرة جدًا.. تجليات الريادة

 عمان-الرأي - صدرت عن الآن ناشرون وموزعون بعمان الأعمال الكاملة .. القصة القصيرة جدًا للروائي القاص العراقي هيثم بهنام بردى في مجلد يشتمل 400 صفحة من القطع الوسط.

يحتوي المجلد على خمس مجموعات كانت صدرت قبل ذلك في مجموعات مستقلة، بأزمان وأماكن مختلفة، كما يحتوي المجلد على سيرة الكاتب الإبداعية ومختارات من آراء عدد من النقاد والكتاب حول تجربته في ريادة كتابة القصة القصيرة جدًا.
وكما اشتمل الغلاف الأخير على مختارات تلقي الضوء على تجربته الكتابية لعدد من النقاد ومنهم: د. نجم عبداالله كاظم، د. نادية هناوي السعدون، وناجح المعموري، فقد استهل المجلد الذي اقترح فكرة غلافه بيات مرعي على تقديم للقاص عبد الستار البيضاني، الذي أشار إلى أن هذا النوع من الكتابة القصصية لا يُعدم الجذور في التاريخ، إلا أن سبب شهرته غياب الجانب النقدي التنظيري لهذه الظاهرة.
وتوقف البيضاني عند الملامح الفنية والجمالية لتجربة الكاتب بردى في التكثيف والاختزال والمفارقة، كما ألمح إلى شخوص قصصه التي تعاني من العزلة والوحشة.
وفي تقديمه يقول البيضاني: إن بردى يكتب بحس مرهف يدفع المتلقي "لاكتشاف التفاصيل الكامنة وراء الإضاءات التي تفضي إلى عوالم وتاريخ طويل من الخيبة والحزن والانكسار، وبهذا يحقق القاص أهم شروط القصة القصيرة جدًا".
ويجيب القاص هيثم بهنام بردى الفائز بجائزة كتارا للعام الحالي عن الرواية القصيرة عن سؤال لماذا هذا النوع والشكل من القص بالقول: "عندما شرعت بكتابة القصة القصيرة جداً، لم أكتبها لشيء، سوى تلبية لذلك الهاجس الذي يحلًّق بي عالياً إلى عالم خاص وأخًّاذ، كومضة برق، أو قصف رعد، أو قطرة ماء ضمن حالة إنسانية أعيشها بكل جوارحي".
وفي مجموعة "حب مع وقف التنفيذ" التي تشتمل في غالبيتها على عنوان مفرد، مثل: علاقة، ذكريات، ثلج، النافذة، شمس، لقاء، العيون، وحب، يذهب القاص لالتقاط اللحظة التي تتصل بالأثر الذي تتركه الطبيعة وموسم الثلج في تحولاتها على الكائن بمشاعر الحزن أو الفرح.
وهو في هذا الفيض من المشاعر التي يدونها بحب، إنما يسعى ليس إلى أنسنة الأشياء والكائنات فحسب، بل يذهب لوحدة الوجود التي تمنح نصه القصصي شعريته التي يشبعها بالاختزال والتكثيف والمفارقة كجماليات حداثوية تمنح النص روحه المعاصرة.
ويقول ناجح المعموري: إن القصة القصيرة التي كرّسها القاص هيثم بردى "تميزت بالتركيز الشديد، مما جعلها قريبة من النص الشعري، وحيازة الفضاء الدلالي الذي تميز به الشعر الجديد".
وفي مجموعته "الليلة الثانية بعد الألف" التي يستعير عنوانها من حكاية ألف ليلة وليلة التراثية، يستكمل القاص المسكوت عنه بعد انتهاء الحكاية التي لم تنته.
بهنام في المجموعة التي يقدمها بشهادة إبداعية تحيط بعوالم الكتابة الخاصة به، يركز في المجموعة على القضايا الوجودية وأسئلتها، وتغدو الذاكرة بما حملت من جراح وتعرضت لثقل عاجزة أمام امتحان الزمن.
وفي المجموعة الثالثة التي حملت عنوان: "عزلة أنكيدو"، يوضح الكاتب في مقدمة المجموعة ضمن إطار تنظيري الفرق بين القصة القصيرة جدا والأقصوصة عبر مقارنات في الأدبيات العربية والأجنبية.
وينتقل في فضاء القص إلى العلاقة مع الآخر، وقضايا الحرية، ويعمق ذلك من خلال تراسلات الحقول الفنية التي تشبع النص بعدد من المجسات الحسّية البصرية والسمعية.
وتتكون المجموعة الرابعة "التماهي" ضمن المجلد على قسمين، حمل الأول عنوان (الحياة) أما الثاني فقد اختار له القاص هيثم بردى عنوان "مارس" والتي تجسد ماحل على تطور التجربة لدى القاص في المواءمة بين الشكل والدلالة بالإفادة من البلاغة العربية وتيارات النقد الحديث في الإشارة والعلامة لتعميق بنية النص من جهة، ومن جهة أخرى في مقدرته التأويلية واستفزاز خبرات المتلقي.
ويقول الناقد جاسم عاصي في تقديمه للمجموعة: "تدل على حرص القاص على تحقيق خطوة جديدة مضافة.. تقوم على الجمع بين الإشارات والجمل القصيرة لصياغة ما وراء النص، من خلال توظيف الأسطورة وإحالتها إلى قناع تعبير آخر يرفد تجربته مع المعرف والموروثات".
المجموعة الخامسة التي حملت عنوان "سفائن وفنارات"، قدم لها د. جاسم خلف الياس، قائلا: "تنهض المجموعة على اقتناص اللحظات الإنسانية بكل ما فيها من وجع وحبور، في لغة قصصية شعرية".
وفي هذه المجموعة التي اشتملت على 44 نصا يستعيد الكاتب رحلة البحث عن الذات في ارتحالاتها، وتبدأ الرحلة في البحث عن دلالة الاسم كما في القصة التي حملت العنوان نفسه، ولكن المسألة بالنسبة للكاتب لا تكمن في بساطة المعرفة القاموسية التي يستدل عليها باللغة، بل في اختبار اليقينيات التي ألفها الإنسان بتغير المكان والزمان وتحولات الحياة والتاريخ والجغرافيا، فالغربة والمنفى كما يقول إدوارد سعيد: تحيل شكل المعرفة من النمط الجناسي إلى الطباقي التعددي الذي يتداخل مع الاختلاف بالحوار والقبول، وهو ما يجعل من تجربة القاص بردى لا مجرد تجربة كتابية، إنما تجربة معرفية تتصل بشكل الكتابة وأنماطها ولغتها وشخوصها وشكل التعبير بتعدد منصات التلقي.