عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Apr-2025

الاستهداف والالتفاف !*يعقوب ناصر الدين

 الغد

في واقع مثل هذا الواقع الذي تعيشه المنطقة منذ ما يعرف بالربيع العربي لا يمكن إلا أن يكون الأردن مستهدفاً من أطراف كثيرة، وقد تكون تلك الأطراف متحدة أو منفردة في سبيل إلحاق الأردن ضمن قائمة الدول الرخوة التي تواجه أزمات في بنيتها وفي شؤونها العامة وفي مكانتها وهيبتها الداخلية والخارجية، لكن الأردن بقيادته الحكيمة وبنائه القانوني والمؤسسي وحيويته المستمرة نحو الإصلاح والتطوير والتحديث وتماسك نسيجه الاجتماعي كان وما يزال عصياً على كل أشكال الاستهداف الذي تعرض له منذ نشوء الدولة وإلى يومنا هذا.
 
 
لا يمر يوم من دون أن تحبط قواتنا المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية محاولة لتهريب الأسلحة والمخدرات التي تتم على أيدي عصابات مدربة، بعضها محتضن لدى أنظمة يفترض أنها رسمية، وبعضها الآخر على صلة بقوى خفية تعمل على بث الفوضى والاضطراب في دول المنطقة، تجند من أجل ذلك مجموعات تستخدم كذلك المواقع الإلكترونية لضرب المعتقدات والقيم وبث الريبة والشك، وتأليب المجتمعات على بعضها بعض، وغير ذلك كثير مما نعرفه جميعاً من أساليب التخريب بكل أشكاله وأبعاده ومراميه!
لماذا يستهدف الأردن الآن؟ سؤال يسهل الجواب عليه إذا فهمنا حقيقة ما جرى منذ شهر أكتوبر 2023، وأدركنا طبيعة الخلل الذي أصاب معادلة التوازنات الإقليمية والدولية في هذه المنطقة الحساسة من العالم، وتوقفنا عند الطريقة التي أدار بها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين موقف الأردن ومصالحه وعناصر قوته في التعامل مع تلك الأزمة، ولم يفقد بوصلته ولا لحظة واحدة حين دفع باتجاه موقف دولي يضع حداً لحرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، ويقدم المساندة الإنسانية لمنكوبي تلك الجريمة الشنعاء، ويمنع انزلاق المنطقة كلها إلى حرب مدمرة، وظل متمسكاً بطرح معادلة الدولة الفلسطينية المستقلة مقابل السلام والأمن والتعاون بين الجميع.
هذا الموقف من ناحية وبقاء الأردن دولة قائمة بكل المعايير من ناحية أخرى يجعل من الأردن قلعة حصينة في وجه مخطط يرسم صورة مغايرة لما يصفه رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو بالشرق الأوسط الجديد الذي يتحكم فيه، ويفرض هيمنته عليه، والأخطر من ذلك ما سمعناه على لسان ما يعرف باليمين المتطرف أمثال بن غفير وسموتريتش من أن الأردن جزء من مملكة إسرائيل!
لا شيء يخدم هذا التوجه الخطير أكثر من محاولات اختراق منظومة الأمن الإستراتيجي الوطني، ومهما كانت النوايا، وأيا كان الفاعل، فإن تلك المجوعة التي اكتشفها وألقى القبض عليها نشامى المخابرات العامة ما كانت لتخدم إلا ذلك المشروع، ولا فرق أن تكون ضالعة فيه أو بريئة منه فالاستهداف لتلك المنظومة قد وقع ولا بد للقانون أن يأخذ مجراه!
 لا بد لنا كذلك أن نفهم خطورة وأبعاد ما حدث لكي نأخذ الحيطة والحذر، فالأشخاص الظاهرون هم الآن في قبضة الأمن وتحت سلطة القانون، أما أولئك الذين ما زالوا في الخفاء أو أولئك الذين يواصلون الاستهداف عبر مواقع (إبليس) الإلكترونية يسعون إلى بث الفرقة في صفوفنا فإن الواجب الديني والأخلاقي والوطني يفرض علينا التضامن من أجل إبطال مكرهم وسحرهم بمزيد من الايمان والوعي الوطني والالتفاف حول قيادتنا الهاشمية وأجهزتنا الأمنية والتمسك بدولة القانون والمؤسسات القوية التي تشكل مع بعضها صلابة هذا الحصن الحصين ليظل عصياً على الحاقدين والطامعين.