عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Apr-2024

"بحوث في المنهج" لشكري الماضي.. دراسات نظرية وتطبيقية

 الغد-عزيزة علي

صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، كتاب بعنوان "بحوث في المنهج"، للدكتور شكري عزيز الماضي، وهو عبارة عن أربعة بحوث متنوعة "نظرية وتطبيقية"، تشترك فيما بينها وتدور حول "المنهج"، وتتخذه مادة رئيسة للبحث والدرس.
 
 
يتناول الماضي، في مقدمة كتابه، البحث الأول "مفهوم المنهج"، معناه وماهيته وأهميته وتطوره وعلاقاته بالنظرية والفلسفة، وباعتباره -مصطلحا- استخدم مقترنا بالعلم والبحث في العلوم، لينتهي إلى القول بأن "المنهج"، هو "منهج البحث الأدبي"، رؤية للأدب واللغة والإنسان والعالم.
 
فيما يختص البحث الثاني بالبحث عن منهج في كتاب "طبقات فحول الشعراء" لابن سلام الجمحي، وهو كتاب شكل علامة بارزة في مسار النقد العربي القديم، كما أثار اهتمام كبار النقاد والباحثين العرب، إضافة إلى المستشرقين مثل الألماني "يوسف هل"، وقد تناول هؤلاء النقاد والأساتذة كتاب "طبقات فحول الشعراء"، من زوايا مختلفة، وجاءت آراؤهم متنوعة ومتباينة ومتعارضة. لكن الملاحظ أن هناك شبه إجماع على تأكيد أهمية الكتاب ومكانة محمد بن سلام.
أما البحث الثالث، كما يقول المؤلف، فهو يرصد ويتتبع السعي الحثيث والدؤوب لامتلاك منهج في النقد العربي الحديث، وتحديدا في تجربة "طه حسين"، الناقد المؤسس الذي ترك بصمات واضحة على حركة النهضة الأدبية والنقدية العربية الحديثة، ستظل مائلة في تاريخ النقد العربي. فقد كان يطمح ويعمل على تجسيد "مشروع علمي لدراسة الأدب ونقده"؛ أي امتلاك منهج، بينما يتوقف البحث الرابع عند "موقف شوق ضيف المنهجي"، ويتناول جهوده في إطار أزمة المنهج في البحث الأدبي والنقدي العربي. فقد عاد شوقي الباحث الأدبي العربي إلى "استثمار الدراسات والمناهج وتطبيقاتها في الشرق والغرب"، لأن "البحث الأدبي عالمي"، و"مشترك بين كل الناس وكل اللغات".
ويلفت الماضي إلى أن ضيف قدم مقترحا "منهجيا"، يرى فيه طريق الخلاص، إذ يؤكد أنه الوحيد الذي سيمكن الباحثين العرب "من النهوض بعملهم على الوجه الأكمل"، كما سيمكنهم من "الاضطلاع ببحوث أدبية قيمة". وهذه البحوث تشترك في منطلقاتها وأهدافها، إذ يهدف لتحقيق وتجسيد الأغراض الآتية: أهمية "المنهج"، ودوره وقدرته على تقديم إجابات عن أسئلة تحديات كبيرة، وتجديد المفاهيم والتصورات التي تتصل بالأدب "وظواهره"، بما يلائم التطور العلمي والمعرفي الذي يشهده العصر الحديث؛ وتأكيد قدرته على تحرير العقل النقدي العربي من براثن التبعية/والاتباع معا، فـ"المنهج"، يكتسب في البحوث والدراسات العربية أبعادا خاصة.
كما تقتضي عملية تحرير العقل النقدي من براثن التبعية/والاتباع، الانطلاق من رؤية تتضمن مفاهيم وتصورات عديدة، من أهمها التأكيد أن العلاقة بين الأزمان الثلاثة علاقة "اتصال وانفصال"، في الوقت نفسه. وهو ما يفرض الانطلاق من واقع محلي محدد "له قضاياه، ومشكلاته، وتحدياته"، أي أن تكون نقطة البدء العكوف على نصوص الحركة الإبداعية الأدبية والنقدية العربية القديمة والحديثة، مبينا أهمية التواصل والتفاعل الدائم مع التراث الأدبي والنقدي العربي القديم والحديث، وضرورة الإفادة والحوار الدائم مع الإنجازات النقدية العالمية.
ويتحدث الماضي عن ضرورة تجسيد مفهوم جديد لـ"المنهج"، يتصف بالمرونة والنسبية والاحتمالية، مفهوم قابل للنمو والتعديل والإضافة. ويكون بديلا للمفاهيم والتعريفات الذائعة التي اشتركت في جعل مفهوم "المنهج"، يتمثل في "الطريق"، و"الطريقة التي توصل إلى هدف ما"، أو "مجموعة من الإجراءات تتم وفق خطة منطقية.. يغلب عليها الاختزال والتجريد والتكرار والثبات".
وفي خاتمة الكتاب، يوضح المؤلف أن مصطلح "المنهج"، لم يستخدم مقترنا بالعلم والبحث العلمي إلا في العصور الحديثة في أوروبا "في عصر النهضة"، وفي الوطن العربي في العقود الأولى من القرن العشرين.
ويرى الماضي أن معظم المفاهيم والتعريفات الذائعة والراسية لـ"المنهج"، في المراجع العربية المؤلفة والمترجمة قد اتصفت بالاختزال والتكثيف والتجريد ونتج عن هذه الصفات الثبات والتكرار، وتفريغ الدلالة الاصطلاحية لـ"المنهج"، وتطابقها مع الدلالة اللغوية، من مثل المنهج الطريق، أو الطريقة المتبعة لبلوغ غاية ما، أو مخطط منطقي يهدف إلى الوصول إلى حقيقة أو خطة.
ويوضح الماضي أن التعريف الجديد جاء أن "المنهج=رؤية"، فالمنهج الجديد بمفاهيمه وتصوراته المتجانسة وأدواته وخطواته الإجرائية وضوابطه يعد راية جديدة للأدب واللغة والإنسان والتاريخ والعالم. وقد تم تأكيد التعريف الجديد من خلال عرض رحلة المنهج وبيان ارتباطه بالعلم والروح العلمية وروح العصر الحديث، وبيان عوامل تكوين المنهج وارتباطه بالنظرية الفلسفية.
وخلص إلى أنه لو لم يكن التعريف الجديد للمنهج الجديد وتحديد مرتكزاته ومكوناته وعناصره ومفرداته ظاهرا، لما أمكن تناول الكتاب من خلال هذا المنظور الجيد والوصول إلى نتائج موضوعية ودقيقة ومنصفة.