عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Aug-2020

في ذروة أزمة كورونا بلدية القدس تسرع بهدم منازل الفلسطينيين - بقلم: نير حسون

 

هآرتس
 
بلدية القدس زادت جدا اخيرا هدم المنازل التي بنيت دون ترخيص في شرقي القدس (المحتلة). ورغم معدل الاصابة المرتفع بالكورونا والازمة الاقتصادية إلا أن سنة 2020 تتميز بأنها سنة ذروة في هدم المنازل في شرقي القدس. هذا رغم أنه في الموجة الاولى من الوباء لم تنفذ عملية هدم للمنازل طوال شهرين بسبب وضع الطوارئ.
منذ بداية العام هدمت بلدية القدس 89 وحدة سكنية بنيت دون ترخيص. هذا مقارنة مع 104 وحدات في العام 2019 و72 وحدة في 2018 و86 وحدة في 2017. ايضا في الثلاثة اسابيع الاولى من شهر آب (أغسطس) هدم 24 بيتا، وحسب البيانات التي جمعتها جمعية مدينة الشعوب فان شهر آب (أغسطس) يتوقع أن يكون شهر الذروة في هدم المنازل في شرقي القدس منذ سنوات كثيرة. هذا على الرغم أنه في الموجة الثانية من وباء الكورونا سجل معدل الاصابة الاعلى في الاحياء الفلسطينية.
معظم عمليات الهدم نفذت من قبل السكان انفسهم من اجل الامتناع عن دفع الكلفة المالية الكبيرة المقرونة بعملية الهدم من قبل البلدية. عائلات كثيرة ارادت التأجيل بسبب الوضع الاقتصادي والخوف من الاصابة بسبب تفشي الوباء في احياء المدينة، تم رفض طلبها من قبل المكتب القانوني في بلدية القدس وعن طريق المحكمة.
عائلة عبدو، والدان واربعة اولاد اعمارهم من 10 حتى 20 سنة، تعيش في بيت يتكون من طابق واحد صغير في طرف حي جبل المكبر. البيت بناه الأب فواز عبدو قبل خمس سنوات دون رخصة بناء، بعد أن عرف أن تقديم طلب رخصة كهذه هو تقريبا مهمة مستحيلة. في حي شرقي القدس هناك نقص شديد في الخطط الهيكلية الحديثة وفي البنى التحتية، الى جانب مشاكل كثيرة في تسجيل الاراضي – وضع تقريبا لا يسمح بالبناء القانوني.
قبل نحو سنة ونصف السنة تلقى عبدو أمر هدم لمنزله. كل طلباته من محكمة الشؤون المحلية والمحكمة المركزية رفضت، رغم أن البيت موجود في طرف الحي على بعد امتار من منطقة مخصصة للسكن ضمن المخططات المستقبلية. في هذه الاثناء عبدو اقيل من عمله في فندق بسبب انهيار فرع السياحة في القدس، والعائلة وجدت نفسها في ازمة اقتصادية شديدة.
مؤخرا توجه ابناء العائلة ومحاميهم، مهند جبارة، الى المستشار القانوني في بلدية القدس، حاييم نركسي، ورئيس البلدية موشيه ليون، ورئيس الدولة رؤوبين ريفلين والى شخصيات كثيرة اخرى. كل طلباتهم لتأجيل الهدم، ولو حتى يجد رب العائلة عمل جديد، تم رفضها. في يوم الخميس الماضي وصل الى المكان رجال شرطة لفحص المنطقة قبل الهدم المتوقع القيام به في الايام القريبة المقبلة، ابناء العائلة جمعوا ملابسهم واغراضهم. “قالوا لي إنهم سيعطونني عشرين دقيقة لاخلاء الممتلكات، عندها على الاقل سيبقى لنا القليل من الملابس”، قال عبدو.
“لم يعد هناك اطمئنان”، قالت فريال عبدو، الوالدة. “أنا استيقظ اربع – خمس مرات في الليل، ليس لدينا مكان آخر. سنقيم هنا خيمة وسنبقى هنا دون كهرباء ودون انترنت”. الامر الذي يقلقها اكثر من أي شيء آخر هو حقيقة أنه دون بيت اولادها لن يتمكنوا من التعلم، حيث أن معظم التعليم . الآن يتم عبر “زوم”. “كل ضجة تحدثها جرافة مارة تجعلني أفكر واقول ها هم قادمون”، اضاف زوجها. في حين المحامي جبارة كتب للمستشار القانوني نركسي: “البيت يشكل المأوى الوحيد، وهكذا فان هدمه سيقود الى وضع فيه الوالدان واولادهم الصغار سيتحولون الى سكان شوارع في هذه الفترة القاسية، التي ينتشر فيها وباء الكورونا”.
تأثير قانون كمنتس
في فترة الموجة الاولى للكورونا امتنعت بلدية القدس عن هدم المنازل بسبب اعتبار الوضع وضع طوارئ. هذا رغم أن مستوى الاصابة في شرقي المدينة في الموجة الاولى كان منخفضا جدا. ولكن وضع الطوارئ الغي في شهر أيار وعمليات الهدم تجددت بصورة أشد الى درجة أنه تقريبا كل يوم يتم فيه هدم منازل في شرقي القدس. اليوم يوجد نحو 2000 مريض في شرقي القدس، ويضاف اليهم العشرات كل يوم. اضافة الى ذلك، الازمة الاقتصادية اصابت بصورة شديدة بشكل خاص شرقي القدس لأن الكثير من السكان يعملون في مجال السياحة والتمريض.
أحد التفسيرات للارتفاع الحاد في هدم المنازل هو دخول قانون كمنتس الى حيز التنفيذ. القانون هو تعديل لقانون التخطيط والبناء الذي يشدد جدا على مخالفي البناء ويقيد المحاكم في اعطاء التمديدات على هدم المنازل. القانون دخل الى حيز التنفيذ في تشرين الاول (أكتوبر) 2017، حينها تم البدء بتقديم لوائح الاتهام التي ينطبق عليها القانون. وحسب القانون، المحكمة غير مخولة بتأجيل تطبيق أمر الهدم اكثر من سنة.
في الاشهر الاخيرة رفضت المحاكم عشرات طلبات تأجيل الهدم على هذه الخلفية. وحسب تقديرات المحامي جبارة فانه في الاشهر القريبة القادمة ستكون هناك موجة من مئات عمليات الهدم بسبب تغيير القانون. معظم عمليات الهدم تتم على أيدي السكان انفسهم من اجل الامتناع عن دفع تكلفة مقابل هدم المنزل من قبل البلدية، التي تبلغ 120 ألف شيكل تقريبا. هذا اضافة الى الغرامات العادية التي يجب دفعها بسبب البناء غير القانوني.
اياد أبو صبيح، من حي سلوان، هدم بنفسه البيت الذي سكن فيه في السنوات الثلاثة الاخيرة. في البيت سكن 10 اشخاص: 6 اولاد ابناء 4 – 10 سنوات، والزوجان والجدان. منذ الهدم قبل ثلاثة اسابيع انتقل ابناء العائلة للسكن في خيمة مرتجلة بنيت في حديقة عامة قرب المنزل المهدوم. في الاسبوع الماضي نشر أبو صبيح منشورا في الفيس بوك اثار صدى كبيرا وفيه عرض أن يبيع اولاده من اجل أن يجد لهم مأوى. “نحن في الشارع ولا أحد يساعدنا. نشرت هذا من اجل أن يقوم أحد بمساعدتنا”، شرح أبو صبيح.
خطوة غير انسانية
عضو مجلس البلدية، لورا فارتون (ميرتس) هاجمت ليون في موضوع هدم المنازل، رغم أنها جزء من ائتلاف رئيس البلدية. وحسب قولها، في عهد رئيس البلدية السابق نير بركات حاولت البلدية عدم هدم منازل مأهولة بعائلات ليس لديها حل سكني آخر. ولكن الآن التوجه تغير. “الخطوة الآن هي غير انسانية”، كتبت فارتون لوزير العدل آفي نسكورن وطلبت تدخله الفوري لوقف الهدم. “توجه لي والدان لاطفال، اللذان تمت اقالتهما أو ارسلا الى اجازة، واللذان تلقيا أمر هدم سيتم تنفيذه في الايام القريبة. ليس لديهما راتب من خلاله يمكنهم استئجار شقق في مكان بديل، وسيتم رميهم في الشارع”.
فارتون تقترح التمييز بين الحالات المختلفة من مخالفات البناء. “هناك فرق بين عائلة تبني بيتا من اجل توفير مأوى لاطفالها وبين من يبني بيوتا للاستثمار التجاري من اجل الربح أو الطمع. “يوجد فرق كبير بين من يبني دون ترخيص ويزعج الجيران وبين من يبني بيتا لا يزعج سوى نظر المراقبين”.
“طالما أن الازمة مستمرة يجب على الدولة تجميد هدم المنازل”، قال آفي تترسكي، الباحث في جمعية “عير عاميم”. “هذا قرار مطلوب سواء من ناحية انسانية أو من اجل السبب الواضح المتمثل في أن انتشار الكورونا في شرقي القدس يؤثر على كل المدينة. سكان شرقي القدس يضطرون الى البناء دون ترخيص لأن البلدية ووزارة الداخلية ترفضان الموافقة على مخططات هيكلية في احيائهم. في هذا الوضع فان قانون كمنتس والتشديد في انفاذ القانون الذي نتج عن ذلك هو انعدام متوحش للعدالة. لا يمكن حرمان آلاف الاشخاص من المأوى دون ذنب ودون اعطائهم حلاً”.
وجاء من بلدية القدس، ردا على ذلك: “اوامر الهدم تنفذ طبقا لقرارات المحكمة. منذ بداية السنة نفذ في شرقي القدس وغربها عدد من اوامر الهدم، عدد منها على أيدي البلدية، وفي عدد من الحالات هدم السكان بصورة ذاتية الاجزاء التي لم تحصل على ترخيص، طبقا لاوامر المحكمة”.