عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Oct-2025

رسائل الأخوين عشا*محمود خطاطبة

 الغد

في ظل أوضاع معيشية خانقة، ووسط تصاعد الأزمات وغلاء الأسعار، وتغول كبار التُجار وأصحاب رؤوس الأموال على الأسواق، يعيش الأردنيون أيامًا مُثقلة بالضيق والمحن، ومع تراجع القيم والعادات التي نشأ عليها الشعب الأردني الكريم، وتآكل المنظومة الأخلاقية والاجتماعية، وهجر الإنسانية، تُطل من بين الركام بارقة أمل: طبيبان أُردنيان من منطقة بيادر وادي السير في عمان، يُعلنان أن عيادتهما مفتوحة مجانًا لمن لا يملك ثمن «الكشفية».
 
 
على باب عيادتهما، كتبا بخط بسيط وضمير عظيم: «لا تخجل إذا لا تملك ثمن الكشفية، المال مال الله».. جُملة لا تتعدى كلماتها أصابع اليدين، أضاءت أمل عظيم، لمن يشكون «علة» أو يُعانون من مرض.. جُملة فتحت أبواب عيادة لجميع المرضى بلا استثناء.
جُملة موجهة إلى أصحاب الدخل المحدود، أو لمن ضاقت بهم الحال، أو لا يستطيعون دفع ثمن «الكشفية»، أنهم ليسوا وحيدين، بل ما يزال هُناك أُناس «يهكلون» هم هذه الفئة، ويضعون خبراتهم العلمية والعملية تحت تصرفهم، من أجل تخفيف آلام وأوجاع عن مرضى، يُعانون الكثير، جراء سياسات وإجراءات تُتخذ على عجل، بلا دراسة أو خطة.
جُملة أوصلت رسالة إلى كبار المسؤولين، وأولئك أصحاب الاختصاصات المُهمة والنادرة، بضرورة التحرك، كي يسيروا على هذا النهج، وإطلاق مُبادرات من هذا النوع، تعود بالنفع على الوطن والمواطن.. فكما هو معلوم بأن الأطباء أصحاب الاختصاص يتقاضون مبالغ مالية هائلة، شهريًا، جراء مُراجعات المرضى لهم، فلا يوجد ما يمنع من تخصيص يوم على غرار يوم الطبيبين عشا، أو على الأقل نصف يوم، لأصحاب أمراض، لا يملكون قوت يومهم.
وما ينطبق على الأطباء، ينطبق أيضًا على باقي القطاعات.. وفي حال وجود قطاعات لا تعود بالنفع على المواطن بشكل مُباشر، فلا يوجد مانع من تخصيص الأموال التي تأتي في ذلك اليوم لذوي الدخل المحدود، أو ضخها في مراكز صحية أو مؤسسات تعليمية.  جُملة أو الطبيبان عشا، أو بمعنى أدق مُبادرتهما، هي عبارة عن لفتة إنسانية، تعكس روح التكافل والرحمة، قد تكون نادرة في هذا الزمن، الذي أصبح كنز الأموال الهدف الأسمى.. مُبادرة سيكون لها صدى واسعًا في قابل الأيام، خصوصًا إذا ما تم تطبيقها في باقي مناطق المملكة.
رسائل الأخوين عشا، تدل على أخلاق ونخوة ومروءة تربى عليها هذان الطبيبان.. تدل على روح نبيلة، تضع صحة المواطن قبل أي مردود مادي.. مُبادرة حتمًا ستُعيدنا إلى الزمن الأردني الجميل، حيث كانت قيم التضامن والتراحم ميزة أساسية لأبناء هذا الوطن.
جُملة الأخوين عشا توزن بماء الذهب، وتختصر معاني النخوة والإنسانية، وتُعيد إلى الأذهان روح التكافل التي ميزت الأردنيين يوم كان الحي بيتًا واحدًا وأهله كالجسد الواحد.