عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Oct-2024

النميمة الالكترونية*احمد ذيبان

 الراي 

وسائل التواصل خلقت مناخا جديدا لحرية التعبير غير مألوف في الاعلام التقليدي، وأصبح الكل يعبر عن رأيه بحرية غير مسبوقة ويستمتع في ذلك، وأصبحت هذه المنصات مصدر دخل لبعض النشطاء، أو ما يوصفون بـ«المؤثرين» رغم أن تأثير بعضهم يتمحور حول أمور تافهة وشكلية!
 
ثمة خروقات من قبل بعض الاشخاص، الذين يبثون فيديوهات ويكتبون منشورات وتعليقات وانتقادات قد تكون جارحة للبعض، وينظّرون على الناس.. يشرقون ويغربون كيفما شاءوا! لكن الناس ليسوا ساذجين لكي يصدقوا، أن الأزمات التي تعصف بالمنطقة مصدرها الاشاعات و"خطاب الكراهية"!
 
الإشاعات جزء من طبيعة البشر في كل المجتمعات، وللناس أهواء ورغبات ومصالح، البعض وجد في فضاء الانترنت وسيلة للتعبير وإيصال رسائل أو إيذاء الآخرين، بل أن التواصل وتداول المعلومات والتعليقات، عبر بعض المنصات مثل الفيسبوك وتويتر، أصبح أقرب الى «جلسات نميمة» في الهواء الطلق، بعد أن كانت محصورة في جلسات ولقاءات اجتماعية ضيقة، لكن كلما توافرت للناس آليات المشاركة الديمقراطية، وكانت السلطات شفافة وتخضع للمساءلة وتتقبل النقد، تضاءلت الإشاعات وتراجع التفاعل معها.
 
وعلى الحكومات استيعاب حقيقة، أن الدنيا تغيرت مع ثورة الاتصالات، والناس لم تعد كالسابق فقد ارتفعت نسبة الوعي، وأصبح الجميع يتحدثون بالشؤون العامة وينتقدون علنا بصوت عالٍ.
 
لا يمكن تجاهل أن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت متنفسا، ورفعت سقف حرية النشر والتعبير والنقد الى مستويات غير مألوفة، وشكلت قوة ضغط وتأثير وازعاج لأصحاب القرار، خاصة وأنها لا تخضع للرقابة أو للمساءلة، ولا تحكمها معايير أخلاقية ومهنية، ولا تخضع لسلطة الدول والحكومات!
 
والبعض أصبحوا يفتحون حسابات على «اليوتوب» وهي عملية سهلة ومغرية، ويبثون فيها فيديوهات يقولون فيها ما يشاءون، من كلام في السياسة والاقتصاد ويكيل الشتائم! بينهم الصالح والجاد بما يقوله، وآخرون يرغبون بالظهور واستخدام هذه المنصة لاسباب شخصية وكيدية.. وبعضهم يزعم أنه اكتشف أدوية وعلاجات من الاعشاب، ويقدم وصفات طبية لمعالجة أخطر الأمراض التي عجز عنها العلم، أو لتغذية النزعات الطائفية ونشر الكراهية ومن هنا أصبحت الحكومات في عديد من الدول، تضيق ذرعا بالسقف المرتفع لحرية التعبير عبر هذه الوسائل.
 
وسائل التواصل الاجتماعي، أحد أهم مخرجات العصر الرقمي، والذين اخترعوا هذه المنصات كانوا يفكرون، بتوسيع مساحة الحوار والنقاش والترفيه، وتبادل المعلومات المكتوبة والمصورة والفيديوهات، بسرعة غير معهودة وبتفاعل فوري بما يخدم البشر، ولم يخطر في مخيلتهم أنها ستستخدم لاضاعة الوقت، لغايات شخصية وتبادل الشتائم والنميمة كما تفعل الغالبية العظمى من العرب، حيث تم استنساخ التقاليد والعادات العربية في النقاش والمناكفة والكيدية والشتائم والثأرية، ونقلها الى وسائل التواصل الاجتماعي.
 
ولا أظن أن المجتمعات الاجنبية، تضيع وقتا طويلا أمام الشاشات بدون جدوى كما نفعل نحن، وأي عملية رصد ومتابعة أو استطلاع، لما تحفل به منصات التواصل الاجتماعي، «الفيسبوك وتويتر وانستغرام والواتساب.. وغيرها»، من تفاعل الجمهور العربي مع ما ينشر فيها، تكشف حجم «الملهاة» والكم الكبير من السطحية والمزاجية وأحيانا السذاجة، في الاهتمامات والأولويات لدى النسبة الكبيرة من مستخدمي هذه المنصات، أو ما يوصفون بالنشطاء أو الأكثر متابعة وتأثيرا على هذه المنصات.
 
وأكثر من ذلك أصبح العالم الرقمي، يشكل خطرا على الاشخاص والدول حيث نشطت أساليب القرصنة الالكترونية لاختراق المعلومات، الأمر الذي نتج عنه اهتمام الدول بالبحث عن طرق لمواجهة هذا الخطر، وظهر ما أصبح يعرف بالأمن السيبراني أو «أمن تكنولوجيا المعلومات»، وهو يعني ممارسة حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية، التي تهدف عادةً إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة، أو تغييرها أو إتلافها أو ابتزاز المال من المستخدمين أو مقاطعة العمليات التجارية.