عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Aug-2020

للأردن شأن داخلي - نيفين عبدالهادي

 

الدستور- عرفت المدرسة الأردنية سياسيا ودبلوماسيا على مرّ التاريخ بعدم تدخلها بأي حال من الأحوال في شؤون الدول الداخلية، ولم يحدث بتاريخ المملكة أن تدخلت في شأن من شأن أي دولة، أيّا كان الظرف والزمان، لإيمانها المطلق بان شؤون الدول الداخلية تخص هذه الدول، ولا يجوز لأحد أن يكون جزءا منها ولو بطرق غير مباشرة .
ولا يختلف اثنان، على أن هذا النهج في السياسة، مثالي ونموذجي، إذ أن الدول أدرى بشعابها، مهما قرّبتهم الجغرافيا، وجمعهم التاريخ، يبقى لخصوصية الدول في إدارة شؤونها أهمية، يجب أن يؤخذ بها، ودون ذلك، يعدّ الأمر تجاوزا لمدارس الدبلوماسية المثالية، ودخول في دهاليز معقّدة، تقود لتوتر العلاقات وجرّها لمساحات لا يمكن التعامل معها إلاّ على أساس على أنها حق يراد به باطل.
وما يفاجئنا اليوم، أن دولا مختلفة أخذ اعلامها على اختلاف وسائله، بتناول القضايا الأردنية الداخلية، على الرغم مما سبق في أسطري الأولى، بأن الأردن ووسائل إعلامه المختلفة، لم تلجأ يوما لتناول أي شأن داخلي لأي دولة، سواء كان في النقد أو التحليل، لكن للأسف أن وسائل إعلام غير محلية باتت تفرد مساحات بين ساعات بثّها لتحليل قضايا أردنية داخلية، وما هو لافت أن هذا التناول الإعلامي ينحى منحى سلبيا لأقصى درجات السلبية، ليخرج الأردن وكأنه دولة متخمة بالسلبيات.
على ما يبدو أن وسائل الإعلام غير الأردنية والتي تتناول قضايا محلية أردنية، أبرزها «قضية المعلمين»، أخذت على عاتقها الدفاع عن أجندات معينة، ففي مواقفهم ومتابعاتهم يبدو هذا الأمر غاية في الوضوح، متناسين أن للأردن شأنا داخليا، لا يحق لأحد التدخل به إلاّ في حال أراد هذا «الأحد أو الجهة» معاقبة الأردن، ووسيلة للضغط عليه على مواقفه الوطنية التي تبني ولا تهدم.
هذا التدخل الذي لا يمكن رؤيته إلاّ أنه ممنهج، كوسيلة للضغط على مواقف الأردن من مختلف القضايا، يحيطه عشرات علامات الإستفهام، التي تجعل منه تدخلا مرفوضا ومستنكرا من الأردنيين كافة، ذلك أن للأردن شؤونا داخلية كغيره من دول العالم تحديدا تلك التي تتعمّد الإساءة لآلية التعامل مع الشأن المحلي الأردني، ومن المنطق أن يدير ويتعامل مع شؤونه الداخلية وفق ما يراه مناسبا، دون تدخلات أو تحليلات بعيدة كل البعد عن الواقع، والتعمّد للإستماع لوجهة نظر واحدة بعيدا عن الرأي الآخر، كونه لا يلبّي رغباتهم، وبطبيعة الحال في هذا نحن نتحدث عن أعلى درجات القصور المهني، باقتصار الحدث على جانب دون الآخر.
في تغطية ومتابعة بعض وسائل الإعلام غير المحلية لقضايانا المحلية، وكما أسلفت قضية المعلمين تحديدا، يبدو واضحا بها أن المهم في رسالتهم ليس القضية بحدّ ذاتها، بقدر اهتمامهم في جانب محدد منها، وأجندة بعينها، والدفاع عن جهة وليس قطاعا أو مهنة، فما تقوم به هذه الوسائل أكبر بكثير من القضية التي يطرحونها للنقاش والتحليل، هو استهداف للأردن الذي عرف تاريخيا بمواقفه الوطنية، وتدخّل بشؤونه الداخلية، وهو الدولة التي لم تتدخل يوما بشأن أي دولة، الأمر الذي يتطلب منّا جميعا وقفة وطنية اعلامية وشعبية ترفض مثل هذه السياسات بصف واحد، وبكلمة واحدة أن الأردن دولة يسيّجها عشقنا لوطننا، فهو البلد الذي لم يشهد أي اضطرابات على مدى سنوات عاشتها وتعيشها دول تحيط به من كلّ طرف، وهو البلد الأنجح في إدارة أزماته دوما، وهو صاحب الكلمة الحق حيال كافة القضايا.