عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Mar-2020

حسب نتنياهو يمكن ببساطة إغلاق جهاز القضاء - بقلم: عمير فوكس

 

هآرتس
 
الحكومة الانتقالية الأبدية ومن يؤيدها لم ينجحوا حقا في تحقيق اغلبية في الانتخابات نفسها، لكن يجب الاعتراف بأنه حسب الرواية البارزة التي سادت في استوديوهات الاخبار وفي الخطاب العام عشية الانتخابات وصباح اليوم التالي، هي بالتأكيد نجحت في ترسيخ لدى الكثير من الناس الرؤية التي تقول بأن اسرائيل لم تعد دولة ديمقراطية وليبرالية، بل هناك قشرة رقيقة من الديمقراطية الاجرائية القومية المتطرفة. وهذا نتيجة استمرار حملة غير خجلة لسنوات.
أولا، محاولة وصف الديمقراطية كـ “سلطة اغلبية فقط” تقريبا بلا أي قيم جوهرية مرافقة، حصلت على المزيد من المؤيدين. القصد هنا ليس مواضيع مثل التي تناقش تقييد قوة الاغلبية بسبب الحاجة الى توفير دفاع عن حقوق الاقليات والفرد، أو صلاحية المحكمة العليا في انتقاد شرعية اعمال الحكومة أو نشاطات التشريع. الحديث يدور عن موضوع اساسي اكثر، الذي فقط قبل بضع سنوات لم يكن أحد يخطر بباله أن سلطة الاغلبية يمكن أن تتدخل فيه – لإجراء أو الغاء محاكمة جنائية.
الديمقراطية حسب هذه الرؤية لا تشمل أبدا سلطة القانون أو استقلالية النيابة العامة الجنائية. الخطاب الذي سيطر في الكنيست عندما كانت احتمالية أن تحقق الكتلة اغلبية 21 مقعد، ما تزال واقعية. لأن هذا الوضع يعني “فوز قانوني”، أي سن القانون الفرنسي الذي يوقف اجراءات المحاكمة ضد بنيامين نتنياهو سيعمل على استقالة المستشار القانوني للحكومة وتعيين مستشار قانوني بدلا منه يقوم بإعادة الاجراءات القانونية. معنى فوز اليمين في الانتخابات حسب هذه الرؤية هو أن “الشعب منح العفو لنتنياهو”.
المتحدثون بلسان رئيس الحكومة في وسائل الاعلام طرحوا ذلك كاستنتاج مفهوم ضمنا تقريبا، ينبع من الديمقراطية. واذا صوتت الاغلبية لصالح نتنياهو فانها بذلك تثق به مقابل عدم الثقة بالنيابة العامة. من هنا، لا توجد شرعية لمحاكمته. وبهذا، اذا كانت الديمقراطية هي فقط “سلطة الاغلبية”، مثلما يحاول تعليمنا في السنوات الاخيرة المنظرون، فإن هذا الادعاء له منطق داخلي: اذا كانت الاغلبية يمكنها تقرير كل شيء، فهي يمكنها ايضا التقرير من هو المذنب ومن هو البريء، وعمليا، هي تتنازل عن الحاجة الى النقاشات القانونية. هذا هو المعنى المشتق من رؤية اجرائية صافية للديمقراطية.
النجاح الباهر للحكومة الحالية ظهر في أنه حتى عندما تبين عدم وجود اغلبية لكتلة اليمين، فان احتفالات الفوز استمرت بكامل القوة. كيف ذلك؟ تفسير ذلك قدمه جميع المتحدثين بلسان الحكومة ورئيس الحكومة في عرضه أمس. “الشعب” حسب رئيس الحكومة، هو الشعب اليهودي فقط. وبناء على ذلك فان الاغلبية في “حكم الاغلبية” هي اغلبية اليهود. وأن العرب ليسوا جزءا من الشعب. هذه ايضا كانت الرسالة الصريحة في قانون القومية – هناك مواطنون هم “الشعب” وهناك مواطنون لا يتم احصاءهم. لذلك، فإن 58 عضو كنيست يمثلون اغلبية الشعب، لذلك ايضا انشغلت على الفور الاستوديوهات لتجنيد المنشقين كخيار مشروع (بما في ذلك تشريع بأثر رجعي يمكن انتقالهم) – تقريبا بدون التساؤل عن أن هذا سيكون عمل يلغي تماما رغبة المصوتين ونتائج الانتخابات. وذلك لأن نتنياهو عمليا “فاز”، وكل ما يمكن فعله هو فقط تنظيم بصورة تقنية خلق اغلبية في الكنيست تمكنه من تشكيل الحكومة.
وبعد انتهاء الازمة الحالية، فإن أحد التعديلات المهمة التي سيضطر المجتمع الاسرائيلي الى اجتيازه هو التحرر من هذه الرؤية المشوهة لديمقراطية فارغة. وفي نفس الوقت هو بحاجة ماسة الى دستور كامل وثابت لا يمكن تعديله بصورة خاطفة كهذه أو غيرها. دستور يعرف اسرائيل ليس بالصورة المشوهة التي ورثت في قانون القومية، بل كدولة يهودية وديمقراطية. عليها أن تكون معرفة كدولة قومية للشعب اليهودي تعترف بالمساواة الكاملة في الحقوق لكل مواطنيها، بالضبط حسب رؤية وثيقة الاستقلال.