عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Dec-2024

كيف ستتعامل سورية الجديدة مع مخاطر عودة "داعش"؟

 عواصم- عاد إلى الواجهة الحديث عن تجدد نشاط تنظيم "داعش" في سورية، على وقع التطورات التي غيّرت الواقع الميداني وخريطة السيطرة في البلاد، الثابتة منذ بداية عام 2020.

 
 
فمع انهيار قوات نظام الأسد بالكامل أمام تمدد فصائل الثورة في المحافظات السورية، وانحسار سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) عن بعض مناطق نفوذها، حذّر مظلوم عبدي قائد قسد -في 12 كانون الأول (ديسمبر)- من ظهور نشاط التنظيم للعلن بعد أن كان مخفيا.
 
وأشار إلى أن تنظيم "داعش" بات يدخل إلى مناطق سيطرة قواته، ولم يعد يقتصر نشاطه على البادية، مستغلا التطورات الميدانية في سورية وزوال سيطرة النظام المخلوع.
وتأخذ تصريحات عبدي منحى جدّيا، لأنها تصدر من قائد القوات التي حظيت بدعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منذ 2015، لمكافحة تنظيم "داعش" الذي كان قد فقد السيطرة الجغرافية بشكل كامل في سورية أواخر عام 2019 بعد خسارته منطقة الباغوز في دير الزور، ولم تبق له إلا بعض الخلايا المبعثرة في البادية السورية.
فما مدى قوة وحضور خلايا تنظيم الدولة في سورية، وكيف يتوقع أن تتعامل معه السلطات الجديدة، وما موقف القوى الدولية المنخرطة في التحالف الدولي لمكافحته، وكيف يؤثر على الخريطة السياسية للقوى المؤثرة في الملف السوري؟
وفقا لمصادر في فصائل سورية مسلحة تتخذ من قاعدة التنف التابعة للتحالف الدولي في البادية السورية مركزا لها، فإن نشاط خلايا "داعش" مرتفع منذ بداية عام 2024، وليس صحيحا أن نشاطها ازداد فقط بعد سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد وانهيار قوات نظامه، لكن بعض الهجمات كان لها أثر إعلامي كونها استهدفت حقل شاعر للغاز، مما أدى إلى مقتل مدير محطة الغاز في الحقل.
المصدر نفسه يقدّر عدد عناصر الدولة في سورية بقرابة 1200 عنصر، متوزعين على محافظات الحسكة ودير الزور وحمص، من بينهم 800 عنصر تقريبا في منطقة البادية السورية، ويتوزعون في جبل البشري وجبل العمور ومحيط تدمر والسخنة، بالإضافة إلى شمال دير الزور، كما ينشط قرابة 400 عنصر في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية.
ويعمل تنظيم "داعش" هذه الفترة وفق نظام الخلايا الأمنية المبعثرة، ويبتعد عن أسلوب السيطرة الجغرافية، وقد بلغت هجماته على المليشيات المدعومة من إيران -منذ بداية عام 2024 حتى انسحاب هذه المليشيا من سورية مطلع الشهر الحالي- حوالي 100 هجوم، تركزت في البادية السورية، وتعرضت قوات النظام المخلوع إلى 300 هجوم من "داعش" خلال الفترة الزمنية ذاتها، كما طال قوات سورية الديمقراطية 300 هجوم أيضا.
ومنذ بدء هجوم فصائل الثورة السورية المسلحة على قوات نظام الأسد أواخر تشرين الثاني(نوفمبر) الماضي، تحركت القوات الأميركية لمنع ترك المجال أمام تصاعد نشاط خلايا التنظيم مجددا، خاصة على الحدود السورية العراقية.
وتفيد المعلومات، من مصادر على اتصال مع قوات التحالف الدولي التي تنشط في سورية والعراق، بأن القيادة المركزية الأميركية، التي تتزعم قوات التحالف في المنطقة، لا تفكر حاليا بالانسحاب من قاعدة التنف في البادية السورية، أو من قاعدة عين الأسد غرب العراق، حتى إن اتجهت مستقبلا لإجراء عملية إعادة انتشار، نظرا للدور المهم الذي تساهم فيه القاعدتان في تقويض نشاط خلايا "داعش"، فقد كانتا منطلقا لعمليات مهمة استهدفت قيادات بارزة في التنظيم منذ حزيران(يونيو) إلى تشرين الثاني(نوفمبر) 2024.
ودفعت القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة التنف لانتشار فصيل "جيش الثورة" المحسوب على الفصائل المسلحة للثورة السورية في منطقتي تدمر والقريتين، بمجرد أن بدأت الفصائل العراقية المدعومة من إيران بالانسحاب من سورية تحت الضغط الأميركي، والهدف هو ملء الفراغ وتجنب ترك مجال أمام التنظيم المتطرف للتحرك بحرية.
ورجحت مصادر مقربة من "جيش الثورة" أن يزداد الاعتماد الأميركي على هذا الفصيل في الأيام المقبلة، بحيث يفسَح المجال له أمام استقطاب المزيد من العناصر لتوسيعه، في ظل الإصرار التركي على مطلب إنهاء قوات سورية الديمقراطية، والمرونة التي تبديها واشنطن أمام هذا المطلب، حيث ضغطت على هذه القوات لمغادرة منبج ودير الزور، وقد تدفعها أيضا للخروج من مناطق أخرى في الفترة المقبلة.
وفرضت قوات التحالف الدولي، التي تنشط شمال شرق سورية، رقابة على السجون الموجودة ضمن مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية، خاصة في محافظة الحسكة، حيث يتم احتجاز قرابة 8 آلاف مقاتل سابق من "داعش" مع عائلاتهم فيها، خشية أن يتمكن هؤلاء من التسرّب من السجون والعودة للانخراط في العمل الميداني.
وأفادت قيادات في الجيش الوطني السوري، مقربة من القوات التركية المنتشرة على الأراضي السورية وتدعم عمليات مكافحة الإرهاب، بأن الجانب التركي أكد للولايات المتحدة استعداده لأن يتولى عملية مكافحة ظهور تنظيم "داعش"، بما فيها الإشراف على المعتقلين، لضمان ألا تعرقل واشنطن العمليات العسكرية التي تستهدف إنهاء سيطرة قوات سورية الديمقراطية، وإخراج عناصر حزب العمال الكردستاني المرتبطة بها من سورية.
ونشطت القوات التركية المنتشرة شمال غرب سورية مع الأجهزة الأمنية التابعة للجيش الوطني السوري طوال السنوات الماضية في مكافحة تنظيم "داعش"، وتمكنت من القبض على خلايا عديدة خلال الأعوام الماضية، وهو ما وفّر قاعدة بيانات مهمة أتاحت تقويض خلايا التنظيم في شمال سورية عموما، حيث انحسرت عملياته حتى اقتربت من مستوى الصفر.
وتمتلك أجهزة الأمن التركية تنسيقا فعالا مع نظيرتها العراقية فيما يتعلق بمكافحة "داعش"، حيث يتبادل الجانبان المعلومات حول نشاط الخلايا، وتحركات قياداتها، وشبكات التمويل التي يستخدمونها، وتم تتويج هذا التعاون بتوقيع اتفاق أمني، في آب(اغسطس) 2024، يتضمن بنودا عديدة أهمها تطوير التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
ومن المحتمل أن تساهم حالة الاستقرار في سورية، وانحسار سيطرة قوات سورية الديمقراطية عن المناطق العربية، في تخفيض العنصر البشري الذي ينتسب إلى "داعش"، حيث يلتحق كثير من الأفراد بالتنظيم في إطار ردّ الفعل على الممارسات التي يتعرضون لها من قوات سورية الديمقراطية.
كما استعانت بعض المجموعات العشائرية العربية شمال شرق سورية بالدعم الإيراني منذ بداية عام 2021 ردا على الانتهاكات بحقها من هذه القوات، وهذا ما أشار إليه مرارا معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذي أوصى قوات التحالف بالضغط على قوات سورية الديمقراطية لتعديل سلوكها مع المكونات العربية في المنطقة.-(وكالات)