عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Nov-2020

بقاء ترمب المغادر* رمزي الغزوي
الدستور - 
يقف العالم على قدمٍ واحدة مشدوهاً على عدّ أصوات المرشحين في ولايات لم تظهر نتيجتها حتى الآن في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وقد حوّلت الأرض إلى حلبة مصارعة دامية بين اللونين الأزرق والأحمر. وعلى ما يبدو أن على أنظمة كثيرة أن تستمر بحبس أنفاسها، فالأمر سيطول حتى نعرف من سيطبخ في البيت الأبيض.
من جديد تنجح الولايات المتحدة وماكينتها الإعلامية في إبراز شأن داخلي وكأنه حدث كوني. وتنجح في جعلنا نسبر ونتعمق وندقق في الداخل الأمريكي ونظامه الانتخابي الغريب والمعقد والقوي الذي لا يأبه إلا بالكبار.
يسألني ابني عن سر الفجوة بين ما حصل عليه المرشحان، فمجموع أصواتهما لا يساوي 100 %. وبقليل من البحث تركته يرى أن أصواتاً قليلة تذهب إلى مرشحين من خارج الحزبين العريقين اللذين يجرفان كل المرشحين الذين طمسهم الإعلام وغيبهم، حتى أنهم لم يدخلوا في حسابات استطلاعات الرأي. فلا مجال إلا للكبار في هذه المعمعة. ولا يكبر الواحد سياسياً إلا بحزب يدعمه ويسنده. ولم يحدث أن وصل إلى الرئاسة بغير طريق الحزبين إلا الرئيس الأول جورج واشطن.
أرى أن هذه الثنائية العجيبة المتناوبة بين حزبين تتضارب طرائقهما في التفكير والعمل والأسلوب، هي السبب في تعافي النظام الأمريكي وتقدمه وديمومته بنشاط وحماس وتنافسية.
صحيح أنه نظام انتخابي يبتعلع الصغار، ولا يأبه بالخاسر، وأن الفائز يحصل على كل شيء. لكن هذا المنحى يكاد ينسحب على نمط التفكير الحياتي في ذلك البلد الذي سمي أرض الفرص والأحلام، ويتناسب مع ضرورة أن تكون دوماً في المقدمة.
أعجبني الاقبال الكبير على المشاركة في الانتخابات رغم تفشي فيروس كورونا. فثمة شعور يترسخ في كل أمريكي أن صوته مهم حتى أبعد حد. ولا فرق بين صوت في ولاية كبيرة أو صغيرة. وهنا تكمن الخلطة السرية في استمرارية الاتحاد وازدهاره.
أعجبني أكثر أن بعضاً من الرواد العرب والمسلمين ومن أصول أفريقية وآسيوية قد وصلوا إلى عضوية الكونجرس، وهذه ميزة في النظام الأمريكي، في أنه يشرع الآفاق لكل من يريد أن يحقق ذاته. وأنا على ثقة لو أنهم بقوا في بلادهم؛ لما وصل أحد منهم، هذا إن كان ثمة برلمان حقيقي يترشحون فيه.
صحيح أن ترمب سيغادر، ولكن (الترمبية) ستظل مسيطرة على الروح الشعبية الأمريكية كما كانت. فطريقته في العمل وأسلوبه في الحديث والتفكير ومنطقه، والتي نراها خارج السياق والمألوف، هي في الحقيقة تنبع من مفاصل حياتهم وجوهرها. وإلا ما سر حصوله على هذه الأرقام الكبيرة.