عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Apr-2020

ذروة الاستخفاف بالكنيست والقوانين! - مردخاي كرمنتسار
 
أوصل الاتفاق بين نتنياهو وغانتس الاستخفاف بالكنيست وبقوانين الأساس ذروة جديدة. فالاتفاق الذي وقع، الاثنين الماضي، بين رئيس «الليكود»، بنيامين نتنياهو، ورئيس «ازرق ابيض»، بني غانتس، استهدف في الاساس انقاذ رئيس الحكومة من مصيره الشعبي والقضائي. ومن اجل ذلك استخدم نتنياهو وغانتس بازدراء قوانين الاساس في إسرائيل التي تشكل نوعاً من الدستور. فبدلاً من عكس ترتيبات أساسية ثابتة ومستقرة، تسري بصورة عالمية ومتساوية في جميع الاوضاع، حوّل اتفاق قانون الاساس الحكومة الى مادة خام لحياكة بذلة على مقاس نتنياهو وغانتس. تشمل هذه البدلة التصويت، مرة واحدة، على الثقة برئيسي الحكومة، وكأنهما اثنان بسعر واحد، يمكن أن يجري قبل طرح الخطوط الاساسية للحكومة.
 
من أجل التغلب على عدم الثقة السائد بينهما، تم في الاتفاق بناء نظام استثنائي وغريب: نظام حكم برأسين. هذا نظام يضمن ترهلا في ادارة الدولة، ويخلق خطرا حقيقيا لشل الجهاز الحاكم. لا يوجد أي هدف معقول يمكن أن يبرر ذلك. لهذا يواصل نتنياهو وغانتس تقليدا من السنوات الاخيرة يتعلق بالاستخفاف بقوانين الاساس من خلال تعديلات كثيرة مشكوك فيها، لكنهما يوصلونه الى ذروة جديدة. وهما يبرران الاتفاق بذريعة أن وباء «كورونا» هو زمن طوارئ. ولكن هذا التبرير لا ينطلي على أحد. «ازرق ابيض» سيكون هامشيا تماما في مكافحة «كورونا»، والاتفاق يشمل بنودا مثل ضم مناطق أو ترتيبات سكن لنائب رئيس الحكومة، التي هي غير مرتبطة بأي شكل مع وضع الطوارئ.
 
الاتفاق في الحقيقة لا يمكنه منع المحكمة العليا من أن تقرر بأن المتهم بمخالفات جنائية لا يستطيع أن يعين رئيسا للحكومة، لكنه يحاول التأثير على القرار وتقليص حرية عمل المحكمة. حسب الاتفاق اذا قررت المحكمة العليا بأن المتهم بمخالفات جنائية لا يمكنه تشكيل حكومة، فإن هذا القرار سيؤدي الى فرض عقاب جماعي: انتخابات رابعة.
 
توجد خطيئة أخرى في الاتفاق هي «القانون النرويجي المتخطي»، الذي يغير قواعد اللعب مع مرور الوقت. هذا التعديل لقانون الاساس: الكنيست، سيمكن وزيرا أو نائب وزير من الاستقالة من الكنيست وأن يحتل مكانه عضو من حزبه وليس من يأتي بعده في قائمة الكنيست. هكذا، يريد أن يمنع غانتس اعضاء «يوجد مستقبل» و»تيلم» من الدخول الى الكنيست على حساب رجاله. بهذا يعزز القانون النرويجي الجديد الائتلاف على حساب المعارضة، من خلال مفاجأة الناخبين والمس بحقهم في اختيار مهم.
 
في الوقت الذي لم يجف فيه بعد الحبر على صفحات قرار حكم المحكمة العليا حول رئيس الكنيست السابق، يولي ادلشتاين، الذي رفض عقد جلسة الكنيست بكامل نصابها من اجل التصويت على استبداله، حتى جاء من سيشكلون الحكومة القادمة وقرروا، بصورة اعتباطية وغير مفهومة، تقصير فترة ولاية الكنيست الى ثلاث سنوات (مع احتمالية تمديدها لسنة اخرى). اوضحت المحكمة العليا في قرارها بشأن ادلشتاين اسبقية الكنيست للحكومة، لكن الآن اصبحت الكنيست كمن يتخبطه الشيطان، مجبرة من قبل الحكومة على تقصير ايامها.
 
في نصف السنة الاول من ولاية الحكومة، التي ستعتبر فترة طوارئ بسبب ازمة «كورونا»، فقد سحب من الكنيست ايضا قوتها على تشريع مواضيع غير مرتبطة بمكافحة الفيروس. وكأن الذين وقعوا على الاتفاق يمكنهم أن يسيطروا على الواقع، وأن يمنعوا خلق الحاجة الى تشريع في هذه الفترة، أيضا لاسباب غير واضحة تماما، في نصف السنة الاول من ولايتها ستسحب الحكومة من نفسها صلاحية تعيين اصحاب وظائف حيوية مثل المفتش العام للشرطة والمفتش العام لمصلحة السجون. واذا تم تمديد فترة وضع الطوارئ فإن هذه التعيينات ايضا سيتم تأجيلها وفقا لذلك. ربما ينبع الامر من الرغبة، بهذه الصورة، في أن يتم تمديد ولاية القائم بأعمال المدعي العام في الدولة، دان الداد، الذي اعتقد المستشار القانوني للحكومة بأنه غير جدير بالمنصب. والاغراء لتمديد فترة الطوارئ كبير.
 
إن الاستخفاف بالمحكمة العليا يوجد ايضا في التنصل الفظ من تقليد تعيين ممثل من المعارضة في لجنة تعيين القضاة، الذي أكدت المحكمة على اهميته الكبيرة. لا يترك الاتفاق للكنيست أي رأي في اختيار ممثليها في اللجنة، بل يقررهم بصورة شخصية، خلافا لفكرة انتخاب من قبل الكنيست. هكذا، سيزداد خطورة منحى تسييس انتخاب القضاة، الذي هو منحى قاتل للسلطة القضائية. واشغال مناصب اعضاء اللجنة باشخاص خاضعين لسلطة نتنياهو يزيد الاحتمال الحقيقي في أن تعيين القضاة سيتأثر ايضا بالاهتمام بالشؤون القضائية لنتنياهو وأمثاله المشبوهين والمتهمين، ويصعب تصديق أن وزير العدل الجديد سينجح في صد هذه الموجة.
 
هذه الخطوات، إضافة الى نشاطات أخرى قام بها غانتس، مؤخراً، أثبتت أن رئيس «ازرق ابيض» تعلم من نتنياهو بأن الهدف يبرر الوسيلة. هكذا كان مثلا التماس «ازرق ابيض» للمحكمة العليا ضد ادلشتاين أو التهديدات التي أسمعها حزب غانتس ضد سن قوانين تمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة، كوسيلة ضغط سياسية. تبرير الاتفاق من جهة «ازرق ابيض» مبني على قدرة صدها في الحكومة. في هذه المرحلة هناك شيء ما مشوه ومثير للغضب وهو أن غانتس عين نفسه حاميا للديمقراطية. في ميزان حماية الديمقراطية فإن ضرر الاتفاق، الذي وقع عليه رئيس «ازرق ابيض» يزيد بكثير عن فائدته. مع ذلك، ما زال غانتس يستطيع إصلاح الاضرار الشديدة التي سببها للديمقراطية في إسرائيل، وعليه منع المتهم بمخالفات جنائية من الحصول على قوة حكم غير محدودة، وأن يعمل كل ما يخطر بباله ضد جهاز إنفاذ القانون.
 
 «هآرتس»