عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Sep-2023

أكاديمية الملكة رانيا والاعتراف بالإنجاز*د. مهند مبيضين

 الدستور

أطلّ العام 2009 على الأردنيين بتأسيس أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلّمين كمؤسسة غير ربحية تتبنّى رؤية جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة للارتقاء بنوعية التعليم من خلال تمكين المعلّمين بالمهارات اللازمة. وبالشراكة مع وزارة التربية والتعليم. وكالعادة استقبل الجمهور الأردني الاكاديمية بأسئلة كثيرة، وكان الغضب الشعبي في اوجه مع بدايات الربيع العربي تجاه كل انجاز، وكانت الشعبوية والاتهامية بوصلة الفعل العام وبإثرها خسرنا كثيرا، وبرغم ذلك مضت الاكاديمية بصمت وعمل كبير، وباتت راسخة اليوم ولها شراكات عالمية مرموقة في مجال عملها مع ارقى الجامعات والمؤسسات التربوية وبافضل المعايير العالمية.
السؤال هل اخطأنا في فهم رسالة الاكاديمية ودورها؟ هل مطلوب اليوم استعادة الوعي، بعدما شقت المؤسسة طريقها بلا هوداة ولم تنكسر لصالح صراع الرغائب والإرادات والشعبوية السياسية التي جعلت نوابا يخطبون ضدها ذات زمن حين كان الغضب يحرك الناس؟ أم ان الاستدارة لكل ذلك والمضي بالعمل هي الحل؟ ربما هذا الأفضل؛ فرسالة المؤسسة عميقة وانسانية وهدفها تمكين المعلمين بافضل الممارسات والاجراءات وتطوير برامج مهنية مبتكرة.
عام 2010 التقينا جلالة الملكة وفدا من الكتاب في مبنى المؤسسة الأول بجانب حدائق الحسين، يومها تحدثت عن نتيجة جولاتها خارج الأردن وداخله، وكيف كانت ترى دولاً تنفق على التعليم اكثر منّا، لكن عن الصفوف المدرسية عنا قالت : «إن الشغف للتعليم في اعين اطفالنا في القرى والبوادي والمدن هو أكبر بكثير».
إذن، قررت الملكة رعاية اطفالنا ومعلميهم واحدثت للمعلمين والمدراء جوائز عدة للتميز التربوي، واستثمرت المؤسسة بمبنى كبير في الجامعة الأردنية ودربت آلافا من المعلمين وعقدت مئات الورش والبرامج التدريبية ولاحقا تركته للجامعة تحفة معمارية تزين حرمها وبقيمة تزيد عن عشرين مليون دينار، وبات لديها اليوم تراث عميق وأثر بالغ وعائلة ممتدة في مختلف ارجاء الوطن وخارجه.
بقي الأردنيون لا يعرفون حقيقة انجاز المؤسسة إلا قلة من المنصفين، حتى اطلت جائحة كورونا، فكان للاكاديمية ان تفرح بمنجزها التدريبي، الذي مكّن من دربتهم من تجاوز الجائحة ومعضلة التكنولوجيا الرقمية في التعليم التي باتت اليوم خيارا للمستقبل، ولولا برامجها التي كانت دربت المعملين مسبقا عليها، لكان أثر كورونا علينا وخيما.
لا تحتاج اكاديمية الملكة رانيا م نّا الدفاع عنها، ولكن من المهم الاعتراف اننا خذلناها حين تركنا الاصوات العالية الغاضبة تعلو على الانجاز، وحين تركنا الشعبويات تدير المشهد، ورافق ذلك انهزام مسؤولين تربويين امامهم فتملصوا عنها، امام ذلك الضغط ولم يدافعوا عنها كما يجب الدفاع. لكن الذي انتصر اليوم هو نبت وبذرو معرفة غرستها الأكاديمية فتراكمت وتكاثرت فانتجت حقولا من الخير الذي سيبقى في الارض وينفع الناس.
اقرأ على موقع المؤسسة ارقاما بمئات الآلاف عن حصيلة التدريب والاعداد في الدبلوم المهني الذي نقل إلى الجامعات لتدريب المعلمين عليه من خلال كليات التربية، والدبلوم المهني في القيادة التربوية، وهناك برامج ومحاضرات وورش تدريب بالآلاف عن بعد عبر منصة الكترونية متخصصة للاكاديمية لخدمة مجتمع المعلمين عن كافة تحدياتهم والاجابة عليها، إلى جانب التوسع في الإقليم، بالإضافة للمنتدى السنوي للأكاديمية الذي يشكل فرصة إثرائية لمجتمع التعليم .
لماذا نعيد الحديث اليوم ونشرح الانجاز؟؛ لأن الناس بحاجة للتذكير بأننا خسرنا جراء خطبة رنانه القاها ناشط أو مؤثر أو غاضب قرر أن يصعد بالوعد والوعيد والتشكيك، ولأن خريجي الجامعات ممن يلتحقون بالتدريس كمعلمين ليسوا كما يجب، ولأن من طال عمله بالتدريس بحاجة لتطوير اساليبه، ولأن الوطن مستقبله وانجازه في الماضي بني على التعليم، ولأن ما اصاب التربية والتعليم في عهد الملك عبدالله الثاني كثير من الخير وكثير من التقدم الذي يجب الاستثمار به، ولأن جلالة الملكة تستحق ان تشكر لأنها انقذتنا في المدارس من فوات تاريخي، حيث كنا نعتقد اننا بخير ولا نحتاج للتدريب، وثبت العكس، لكن الانجاز والإصرار عليه مستمر بجهود فريق مهني وخبراء مميزين.
اليوم علينا الاعتراف، بأن تحديث المجتمع في السياسة والإدارة والاقتصاد، لا يكتمل إلا بتحديث التعليم والثفافة، بما يعزز مبادئ المواطنة من عدالة وحفظ للحقوق وعلى رأسها الحق في عدالة التعليم المميز، وهو المشروع الأهم، الذي يعزز فرص نجاح التحديث الوطني العام.