عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Dec-2019

المستعمرات لا المستوطنات... 2-2 الاستشراف المبكر لسمو الأمير الحسن بن طلال - السفير زياد خازر المجالي

 

الدستور- ومنذ مطلع الألفية الثالثة وعندما تحالف اليمين الاسرائيلي مع زعماء المستوطنين المتطرفين، بدأت الآمال تتراجع تدريجياً في العودة الى مفوضات سلام حقيقية وجادة، وفق المرجعيات المتفق عليها، ومن اجل الوصول الى حل الدولتين الذي تدعمه الأغلبية في المجتمع الدولي، هذا التراجع في إمكانية تحقيق السلام حدا بسمو الامير الحسن أن يشير، من ضمن ملاحظات أخرى خلال لقاءٍ حول المستعمرات الاسرائيلية نهاية تموز الماضي، الى ان الشرعية الأخلاقية مبنية على الشرعية القانونية، ويمكن إدارة الظهر لإجماع التشريع الدولي، لكن عندما تأتي المؤتمرات من رودس الى مدريد، الى كامب ديفيد، الى الاتفاقيات الثنائية، فإنها جميعها تستند الى الاتفاقيات الإقليمية التي تستمد شرعيتها من القانون الدولي.
وبعد، فقد أثارت التداعيات في آمال تحقيق السلام منذ تراجع الادارة الامريكية الحالية عن دورها كوسيط نزية لحل الصراع العربي الاسرائيلي وصولاً الى تصريحات وزير الخارجية الامريكي من ان الادارة الامريكية لا ترى ان المستوطنات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية ، أثارت الرأي العام العربي بما في ذلك تداعي مجلس الجامعة العربية للانعقاد على المستوى الوزاري لبحث تبعات هذه التصريحات.
تصريحات بومبيو بحد ذاتها ذكرتني بموقفٍ امريكيٍ خلال رئاسة رونالد ريغان، وهو ان المستوطنات (ليست غير قانونية ) وهو تعبيرٌ نفهمه في اللغة العربية من ان (نفي النفي هو إيجاب)، فشخصياً لم تثرني هذه التصريحات لأسباب عديدة اولها أن موقف دولة وإن كانت عظمى لا ينشئ أو يلغي قاعدة قانونية دولية، فلا يصح هنا القول ان الادارة الامريكية ( شرعنت الاستيطان ) وهذا خطأ تقع به بعض وسائل الاعلام ( وبعض السياسيين ) وحسناً فعل وزير خارجيتنا والأمين العام للجامعة العربية اذ أكدا ان الموقف الأمريكي لا وزن قانوني له، وعلى عكس ذلك فكل قواعد القانون الدولي بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي وآخرها القرار 2334 لعام 2016 يؤكد لا شرعية الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة عام 1967.
هذا الموقف الامريكي المعطوف على مواقف اليمين الاسرائيلي للأسف، من الواضح انه يأتي من منطلقات حزبية ضيقة في واشنطن وتل ابيب، وليس في مصلحة الأمن والسلم الدوليين، ولا في مصلحة شعوب المنطقة بما فيها الشعب الاسرائيلي.
وحينما يحاول اليمين الإسرائيلي انتهاك الشرعية الدولية بمحاولة ضم غربي وادي الاْردن لإسرائيل، يذكّر سموالامير الحسن من يعنيه الامر : من المعلوم أن الحروب والصراعات تنتهي حول إدارة الموارد الطبيعية بما في ذلك الأنهر ومقدراتها.
ووادي الأردن قد لا يقارن بنهر الدانوب أو نهر السنغال لكنهما بعثا الحياة والاستقرار باحترام الحقوق لجميع المجاورين لشريان الحياة النهري. فما بالكم بوادي الأردن الذي يشكل عصب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية الممتد من الساحل الأفريقي إلى تركيا والمتضمن للحقوق المتكاملة لكافة شعوبها. فهل تؤدي الحلول السياسية «المسلوقة» إلى بناء السلام اجتماعيًا واقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا أم ستبقى حركة الاستعمار والاستيطان تفرض الأمر الواقع على حساب السلام الشامل العادل؟
جلالة الملك وخلال حديثه في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، كان دقيقاً وواضحاً، فبدون حل الدولتين وعلى الأسس والمرجعيات المعترف بها دولياً، لن يكون هناك سلام شامل في المنطقة، ولا يمكن ان تكون اسرائيل جزءاً من الشرق الأوسط دون قيام الدولة الفلسطينية على الاراضي المحتلة عام 1967 ، وعاصمتها القدس.
الأفق السياسي الضيق، والمصالح السياسية الشخصية والحزبية لن تساهم في تحقيق السلام. وغياب السلام سيكون معاناة للأجيال القادمة لدى الجانبين. والكبار هم فقط من يستطيع صناعة السلام.