الحكومة المغربية تنفي وجود تعذيب ممنهج وتصف طرد صحافيين أجانب بأنه «مجرد مزاعم»
محمود معروف
الرباط –« القدس العربي» : خصص التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم عام 2019، فقرة خاصة للحديث عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، في المغرب. وقال إن الدستور والقانون المغربيين يحظران مثل هذه الممارسات، والحكومة نفت أن تكون سمحت باستخدام التعذيب، مستدلا بتصريح وزير الدولة لحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى رميد، يوم 10 حزيران// يونيو أمام البرلمان، عندما نفى وجود تعذيب ممنهج في البلاد، وواصفا حالات التعذيب المبلغ عنها بكونها حالات معزولة.
توبيخ المسؤولين
وقال تقرير الخارجية الأمريكية إن تقريرا مغربيا رسميا حول تنفيذ قانون العقوبات في 2018، صادر عن مكتب رئيس النيابة العام في المغرب، يوم 26 حزيران/ يونيو 2019، يشير إلى استمرار حالات تعذيب مواطنين، وفيه يتحدث عن توصل مصالح النيابة العامة في المغرب بـ 36 شكوى تعذيب، وانه تمت معالجة 22 منها بشكل كامل وأسفرت تقديم قضيتين أمام المحكمة تمت فيها متابعة أفراد من الشرطة بتهمة استعمال العنف. وأوضح تقرير الخارجية الأمريكية أن تقرير النيابة العامة لم يبلغ عن الأحكام.
وأشار التقرير إلى وجود 21 شكوى من التعذيب أو المعاملة المهينة، تم تقديمها إلى مكتب رئيس النيابة العامة، أربع منها تتعلق بادعاءات ضد مسؤولي السجن. ومن بين هذه الحالات الأربع ، حالة واحدة لم تكن ذات مصداقية، فيما لا زالت الحالات الثلاث الأخرى قيد التحقيق حتى نهاية عام 2019. وقال إنه خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2019، عالجت الآلية الداخلية للإدارة العامة للأمن الوطني، ثماني حالات بشأن التعذيب والمعاملة المهينة، تم فيها توبيخ العديد من المسؤولين بسبب معاملتهم المهينة من خلال عقوبات إدارية. وأحالت، في الفترة نفسها21 حالة أخرى تورط فيها 21 من عناصر الشرطة، على مكتب رئيس النيابة العامة التي شرعت في اتخاذ إجراءات قانونية بشأن واحدة على الأقل من هذه القضايا، فيما ظل مصير القضايا الأخرى غير معروف حتى نهاية عام 2019.
وقال تقرير الخارجية الأمريكية إن حكما صادرا يوم 14 كانون الثاني/ يناير 2019، عن محكمة الاستئناف في القنيطرة، يدين أحد رجال الدرك الملكي بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 5000 درهم (550 دولارا)، بتهمة اغتصاب محتجز بهراوة في شباط/ فبراير 2018.
وجاء في إفادة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) بخصوص فتح تحقيقات في 12 شكوى من ادعاءات التعذيب التي ارتكبتها السلطات الحكومية في الشهور الستة الاولى من 2019 بدون أن يتضح ما إذا كانت الحالات التي أبلغ عنها المجلس من ضمن تلك التي أدرجت في إحصاءات الإدارة العامة للأمن الوطني التي نقل عنها التقرير أن محكمة أصدرت أحكامًا بشأن مزاعم تعذيب عام 2017 ، ضد ثلاثة ضباط شرطة في ثلاث قضايا حيث حكمت المحكمة على ضابط بالسجن ستة أشهر وحكمت على الضابط نفسه والضباط الآخرين بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ؛ وكانت التهم التي أدينوا بها هي استخدام التعذيب وبعد صدور الحكم، تم فصل واحد من موظفي الأمن بدعوى إحالته على التقاعد المبكر، وتم توقيف الموظفين الآخرين عن العمل لمدة ستة أشهر.
في حالة التعذيب
وقال التقرير إن القانون المغربي يطلب من القضاة، في حالة وجود اتهام بالتعذيب، إحالة المعتقل على خبير طبي شرعي عندما يطلب ذلك يطلبه محاميه أو إذا لاحظ القضاة علامات جسدية مشبوهة على المعتقل. وأشار التقرير إلى أنه في بعض الحالات، رفض القضاة الأمر بإجراء خبرة طبية عندما قدم المحتجز ادعاء بتعرضه للانتهاك. ووثقت مجموعة عمل الأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي، والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان، ووسائل الإعلام حالات فشل السلطات المغربية في تنفيذ أحكام قانون مناهضة التعذيب، بما في ذلك عدم إجراء الفحوص الطبية عندما يزعم المعتقلون تعرضهم للتعذيب.
وقال تقرير الخارجية الامريكية حول إدعاءات التعذيب التي تعرض له معتقلو «حراك الريف» أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أحال، عام 2017، تقارير طبية قانونية على وزارة العدل، بنيت على أساس مزاعم وجود تعذيب أو سوء المعاملة تعرض لها سجناء الحراك. وأمرت المحكمة بالتحقيق في مزاعم الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون أثناء فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة، وفي 2018 ، خلص أخصائيو الطب الشرعي إلى أن ثلاثة من أصل 22 شخصًا تعرضوا للعنف الجسدي. إلا أن المحاكم، لم تتابع هذه القضايا التي تتعلق بالأفراد الثلاثة.
وأضاف التقرير الأمريكي أن المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، نشر في تموز/ يوليو 2019، تقريراً قال فيه إن المحاكم رفضت مزاعم التعذيب أثناء الاحتجاز السابق لمحاكمة المعتقلين، لعدم كفاية الأدلة، موردا إفادة منظمة العفو الدولية، التي قالت إن المعاملة السيئة المزعومة أثناء الاحتجاز السابق للمحاكمة في 2017 تمثلت في الضرب والخنق وإن معتقلينعدة من الحراك قالوا إن اعترافاتهم انتزعت منهم تحت الترهيب والتهديد بالاغتصاب والعنف من قبل الشرطة.
وقال التقرير إن منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش أعربا عن قلقهما على مدار العام بشأن رفض المحكمة لمزاعم التعذيب والاعترافات التي أدلى بها السجناء تحت الإكراه أثناء الاحتجاز السابق للمحاكمة. وأضاف التقرير أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لم يلاحظ أي تعذيب أو سوء معاملة خلال زيارات لسجناء الحركة الحراك خلال العام نفسه.
من جهة أخرى أضاف إنه لغاية تاريخ 30 تموز/ يوليو 2019، لم تتم مقاضاة أي صحافي مغربي بموجب قانون الصحافة، مقارنة مع اثنين في سنة 2018، وان وزارة العدل المغربية أفادت أن الصحافيين هاجر الريسوني وتوفيق بوعشرين، وحميد المهداوي، هم صحافيون معتمدون كانوا في السجن بسبب أعمال إجرامية زعمت الحكومة أنها خارج دورهم كصحافيين، ووفقا للسلطات واجه 22 شخصا اتهامات خلال العام بتهمة «التشهير والافتراء». وقال التقرير إن الصحافيين «استمروا في شجب الإجراءات الإدارية المرهقة، وأوقات الانتظار الطويلة للحصول على الاعتماد بموجب قانون الصحافة، في حين ادعى بعض أعضاء الصحافة أن الصحافيين المقربين من السلطة وبعض الأجهزة الأمنية حصلوا على أوراق اعتمادهم في وقت أقرب من الصحافيين العاملين في المنابر المستقلة، وزعموا أن الصحافيين الذين ينتظرون أوراق اعتمادهم يجب أن يعملوا بدون بطاقة صحافية في وضع قانوني غامض، لأن حماية قانون الصحافة متاحة فقط للصحافيين المعتمدين»، وأن «السلطات عملت على إخضاع بعض الصحافيين للمضايقة والترهيب، بما في ذلك محاولات تشويه سمعتهم من خلال شائعات ضارة عن حياتهم الشخصية»، حيث ان عددا من الصحافيين أفادوا أن «المحاكمات الانتقائية كانت بمثابة آلية للترهيب، وأنه وفقا لـ (مراسلون بلا حدود) قامت الحكومة بتخويف النشطاء والصحافيين، وكثيرا ما كانوا يحاكمون في قضايا تبدو غير ذات صلة بالصحافة أو الأنشطة السياسية».
وأفاد أنه في تموز/ يوليو وتشرين الاول/ أكتوبر من سنة 2019، أفادت لجنة حماية الصحافيين أن «العديد من الصحافيين المحليين يعتقدون أنهم تحت المراقبة»، وأن صحافيين ذكروا أن محادثاتهم الخاصة تم نشرها بدون موافقتهم، في محاولة واضحة من الدولة لتشويه سمعتهم، وأفادت لجنة حماية الصحافيين بأن بعض الصحافيين الذين سجنوا خلال احتجاجات الريف من 2016 إلى 2017 تمت الإشارة إلى رسائل الواتساب الخاصة أثناء استجوابهم وأثناء الاحتجاز، وأن الحكومة المغربية «فرضت أيضا إجراءات صارمة تنظم اجتماعات الصحافيين مع ممثلي المنظمات غير الحكومية والنشطاء السياسيين، واحتاج الصحافيون الأجانب إلى موافقة وزارة الاتصال قبل الاجتماع بالنشطاء السياسيين، غير أنهم لم يحصلوا جميعهم على الموافقة». وأكد التقرير أن «الحكومة المغربية لم تعطل الوصول إلى الإنترنت، غير أنها طبقت القوانين التي تحكم وتقيد الكلام العام والصحافة الإلكترونية، وأن تقريرا لـ«فريدوم هاوس» لسنة 2019 إلى وجود حالات في المغرب تم فيها اعتقال المدونين أو سجنهم بسبب محتوى اعتبرته الحكومة سياسيا حساسا، الشيء الذي حال دون ظهور بيئة إعلامية حيوية على الانترنت، وقامت الحكومة بمقاضاة أفراد بسبب تعبيرهم عن وجهات نظر إيديولوجية معينة على الإنترنت، خاصة فيما يتعلق بالاحتجاجات في منطقة الريف». وطردت السلطات المغربية صحافيين دوليين خلال العام الماضي لعدم حصولهم على تصاريح سارية، وذكرت الحكومة أنه يسمح لممثلي وسائل الإعلام الأجنبية الذين يمتثلون للقوانين المحلية بأداء واجباتهم بدون تدخل، وأن المزاعم القائلة بأن السلطات طردت الصحفيين الأجانب لا أساس لها من الصحة.
رقابة محلية
وذكر مسألة «تأجيل محاكمة سبعة أعضاء في الجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية، من بينهم هشام منصوري، ومعطي منجب، وهشام المعيرات منذ سنة 2015، ولم يتم الحكم على الأفراد في نهاية السنة». ويشير التقرير إلى أنه «حسب وزارة العدل، اشتبه في قبول المنصوري والمنجب والمعيرات أعمالا أجنبية مخصصة للتي تهدد الأمن الداخلي والسلامة الإقليمية للبلاد، واتهم الأفراد السبعة بتهديدهم للأمن الداخلي للبلاد، والاحتيال، وإدارة جمعية تمارس أفعالا غير مصرح بها، وقبول أموال أجنبية غير مصرح بها». و»بينما كانت الحكومة المغربية نادرا ما تفرض رقابة على الصحافة المحلية، إلا أنها مارست ضغطا من خلال التحذيرات الكتابية واللفظية ومتابعة القضايا القانونية التي أدت إلى فرض غرامات باهظة وتعليق النشر، فعملت مثل هذه الحالات على تشجيع الصحافيين على الرقابة الذاتية». و»ظلت الرقابة الذاتية والقيود الحكومية على المواضيع الحساسة كعقبات خطيرة أمام تطوير الصحافة الاستقصائية الحرة والمستقلة، وأن المنشورات ووسائط البث تتطلب اعتمادا حكوميا، ويجوز للحكومة رفض الاعتماد وإلغائه وكذلك تعليق أو مصادرة المنشورات التي تنتهك النظام العام أو تنتقد الإسلام أو المؤسسة الملكية أو مواقف الحكومة بشأن السلامة الإقليمية».