عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Oct-2020

سامية الزرو: عمرها الفني 475 سنة

 الراي-ملك يوسف التل

عندما تُنهي الفنانة سامية الزرو تشكيل كتابها الذي طال انتظاره، فإنني أتخيله سيكون حدثا ثقافيا بوزن اكتشاف مطعوم معتمد لكورونا. على الأقل هذا بالنسبة للذين عرفوا أو تتلمذوا أو تابعوا أو انتظروا فرصة الاستماع اليها
 
سامية الزرو تحكي كما ترسم، وكما تكتب لمن تسميهم الأجيال البريئة الطاهرة التي لم تتلوث بعد. وفي الحالات الثلاث، تأتي التشكيلات خلطة من خبرة وتجربة ومعاناة وفرح واشتياق، فتبدو فيها جداريات الممر التاريخي منتصبةعند اطراف منتزه عمان القومي، بعد ان تكون مرّت على النادي الأرثودكسي والمدينة الرياضية - عمان، وانتقلت من بلدية رام الله وهي تحمل منحوتات الحديد لتوزعها بين بيروت وعمان و متاحف عالمية في البيت الأبيض، و روكفيللر وفي الفاتيكان وألمانيا و ماليزيا.
 
سامية الزرو مواليد نابلس نهاية ثلاثينيات القرن الماضي. لكن عمرها التشكيلي الحقيقي 475 سنة. مشكلتها انها تشعر بأن الذين حاولت، في عملها الاكاديمي ان تُنشئ منهم جيلا من الفنانين، خذلوها.. إما هاجروا او تزوجوا مبكرا.
 
ما هو مصدر المعاناة الذي تغرف منه سامية الزرو طاقة التجدد؟
 
ليست معاناة، الفنان لديه نوع من النظرة الشمولية، النظرة الشمولية أستوحيها من الإنسان في مكانه ومن الطبيعة في جمالها، من الأرض والسماء، فهذا ما أستوحي منه، فالتصميم هبة، وتطويره هبة أبعد، الاقتباس سهل، ووصلنا إلى حد أن يسرق أشخاص التصميم، فالتصميم الذي أقوم به من البادية أقول بأنني استوحيته منهم، والتطريز الفلسطيني عندما استعمله أكون قد حصلت عليه من مطرزة وجلست معها ساعات ورأيت كيف تعمل.. أنا أبحث عن قيمة التصميم لكي أقتني.
 
لوحاتك التي تمثل الجو العام للأطفال والنساء والرجال تحت الإحتلال نجدها دون إطار.
 
نعم.. لأنني لا أؤمن بالإطار المزخرف، لأن اللوحة امتداد للمكان الذي تجلس فيه، لقد رسمت على قطع خيام وعلى خشب ورسمت على قماش وعلى طبلية الخباز فما أجده سطح مناسب أعمل عليه. المعروف بالإطار هو يحفظ جوانب اللوحة، لكن الآن توجد تقنية تحفظ جوانب اللوحة، فليس من الضروري وضع خشب كإطار.
 
* وأنت تطابقين بين الفن والقضية الإنسانية، إلى أي حد تسلقت على السياسة وتحديدا القضية الفلسطينية كما يفعل بعض الشعراء؟
 
السياسة أبعد شيء عن القضايا الإنسانية، فالسياسة والتسيس لديهم مصالح خاصة لخدماتهم، والإنسانية لديهم معدومة، حتى على الخارطة قسموا الأرض وأعطوها لليهود، فهناك بيت في قبيه مر السياج في وسط البيت، المطبخ في جهة وغرفة نوم بجهة أخرى، لأن المتآمرين اشتغلوا على الخارطة، فالمتآمرين على القضية الفلسطينية وقضايا الشعوب هم أشخاص متآمرين لهم أجندات خاصة بهم، جعلتهم يقسمون هذا البيت إلى نصفين، فأنا وقفت على السياج وزرت هذا البيت وشربت القهوة عند اصحابه ورأيت كيف أن المطبخ في جهة أخرى، فهذا الموضوع حساس وأهمل بأجندات سياسية معينة لمصالح إمبريالية معينة ومصالح مادية معينة ولإرضاء إسرائيل كعميلة لهم، العملية الوحيدة في الشرق الاوسط، وإسرائيل لها أذناب لحراسة شؤون هذه الأذناب الموجودة، وهم خارج حدودنا.
 
وانا أقلد، لكن دون شك الفنان يستوحي من الأحداث ومن المكان والزمان، والمكان والزمان عشناها وأستوحيها من واقع، عشناه.
 
إلى أي حد يصح التصنيف التعميمي بوجود مدرسة فلسطينية في الفن؟
 
قصة المدارس لا أؤمن بها، لا يوجد مدرسة باسم بلد، يوجد مدرسة كلاسيكية ومنها أصبح هناك تدرجات، فأصبحوا يخففوا من التفاصيل وقاموا بتصميم فن حديث لأن العصر كان حديثا وليس لأن الفن حديث. إذا شخص أردني أو أوروبي قام بالعمل على القضية الفلسطينية هل يصبح مدرسة فلسطينية؟! بالطبع لا، هناك أشخاص أوروبيين اشتغلوا من عمق القضية الفلسطينية وشخصيا لا أحب هذه التسميات، فأقول بأنه لا يوجد مدرسة فلسطينية ولا أردنية ولا سورية ..الخ، هناك اتجاه عربي والاتجاه العربي له بعض المسالك، فإذا كان التعبير بدوي فيكون الفن بدوي وإذا كان التعبير له علاقة بفلسطين فيكون له اتجاه، وإذا كان له علاقة بالحرف فيكون حرفي، و لا نسميها باسم دولة.
 
سبق ومارستي التعليم والتدريس، هل خطر لك ان تضيفي للمناهج التعليمية في الفن موضوع الإرهاب والعنف الذي تعيشه المنطقة الآن؟
 
سبق وكتبنا المناهج، والباب الذي يتناول الأحداث والأحاسيس وضعناه تحت باب التعبير الحر، فاشتغلنا أنا وياسر وحنان الآغا ولينا التل وابتعدنا عن العنف لأن العنف بموضوع بصري يغرس في الإنسان، فيجب عرض اللاعنف حتى يطغى على العنف الحالي. بالنسبة لي في رسوماتي أظهر مقاومة ولا أظهر عنفا، لأنني لا أؤمن بالعنف، فأعمالي تتسم باتجاهات، تشعرك بالمآسي داخلها، أختار الألوان الصاخبة فتُري نوع من الحالة النفسية عندما يكون هناك ثورة ولا أعمل بألوان هادئة.
 
مشاركتك في أكثر من لجنة لتجميل عمان . ماذا فعلتم مما لم نره حتى الآن؟
 
تعاقبت اللجان السابقة وتعاقبت المحسوبيات وتعاقبت النفوذ وانتهت، حيث أدخلوا أشخاص محترفين وأتوا بفنان سوري لعمل تمثال في الدوار السابع. أعطيتهم للدوار السابع تمثال من أجمل ما يمكن، وقمنا بعمل نص للشاعر حيدر محمود جميل لكنهم رفضوا ما قمت بعمله وأخذوا ما قام به الفنان السوري، وسؤالي حيث أخبرتهم هل يصح لي أن أقوم بأي عمل في سورية!
 
ما العلاقة التي جمعتكَ بين النص التشكيلي والأدب من جانب، والثقافة من جانب آخر؟
 
جميعهم ينبعوا من نفس المنبع ويصبوا في نفس المصب، غير المثقف لا يمكن أن يكون فنانا، والفنان لا يمكن أن يكون فنان دون أن يكون أديبا بنصه، وبأساليبه. الفنان لديه نص والنص مجسم ومسطح بالخط وبالملامس، فهذه مكونات العمل الفني.
 
كأنك تركزين على الألوان الحارة؟
 
هذا صحيح لأن القضايا الحارة برأيي تحتاج إلى ألوان حارة، فالإنجليز دائماً يرسموا بالأزرق الفاتح والرمادي لأن بلادهم باردة وهم باردين وأساءوا لكل العالم فلا يوجد لديهم شيء، والأوروبيين نفس الشيء خربوا العالم الثاني وأساءوا للشرق الأوسط ، لكن نحن بلاد الشمس والخضار والجبال، حيث الجبل من أعلاه إلى أسفله به أكثر من لون، والسماء في الصباح لون وبعدها بساعة لون آخر إلى المساء. الغرب وضع عينه على هذه المنطقة لأنها أجمل بلاد العالم، أربعة فصول كاملة، والطبيعة بها جميلة جداً، وفيها تنوع، وتحتمل جميع الزراعات، فحسدونا على بلاد الشام وعلى طبيعتها وثرواتها.
 
متى شعرت الفنانة سامية الزرو بالجفاف؟
 
لا يوجد عندي جفاف وما زلت أرسم كل يوم تقريبا.. لي برنامج يومي لا بد من إتمام ما أريد أن أفعله في ذلك اليوم، ونادراً ما يكون العمل منقول إلى اليوم التالي، لدي جلد في العمل ولا جفاف عندي بفضل الله.
 
هل الطفل العربي يتيم فنيا وفاقد للحواضن التي ينشأ في مثلها أطفال العديد من الأمم والشعوب الأخرى المتقدمة؟
 
كل أطفال العالم عاشوا تحت موجات سياسية وحروب، لكن نحن هنا لدينا نوع من الادعاء بأن الطفل العربي يتيما لأنه تعرض للكثير من الأحداث فهذه أعتقد بأنها تقوي من المعنويات، فيجب أن يتم عمل فنون في المناهج للأطفال حتى يعبروا.. الدنيا اختلفت والحياة تغيرت وأصبح مستقبلهم على "كف عفريت" كما يقولون.
 
مسكين ذاك الطفل الذي ترك بين شاشات إلكترونية يتخبط بين قاراتها المتباعدة تارة في ألعاب العنف وتارة أخرى بين مسلسلات وأفلام كارتونية قد لا تليق في سنه، اضافة لعولمة الشبكات العنكبوتية والتطور في أجهزة الحاسوب، كلها فوق طاقته واستيعابه فيلتقط عقله البريء أنواع البرامج التي قد تسرق منه طفولته وتتغير أخلاقه.
 
أما ان اردنا الحديث عن أطفال الحروب التي تعم الوطن العربي من ويلات ونكبات وظلم وتشتت فالحديث يجر.. فأطفال فلسطين الذين يقبعون في سجون الاحتلال في عالم انتفت فيه كل المبادئ الإنسانية. لقد تم عزف سمفونيات حقوق الطفل في هذا العالم والعمل على حماية أطفال العالم وفق المواثيق الدولية والتي أقرت في الأمم المتحدة. لكن للأسف عندما يتعلق الأمر بأطفالنا وأطفال فلسطين وما يتعرضون له من أذى نفسي وجسدي، لا نكاد نجد آذانا مصغية، لأن الفاعل يتعلق بدولة الاحتلال ولا أعلم لما هذا الاحتلال هو الوحيد في هذا العالم الذي لا تطبق عليه القوانين الدولية؟
 
من أين جاء إسم الزور لعائلتك.. ماذا يعني؟
 
لا أعرف جذور هذه الكلمة فهي مقتبسة ولا أتصور أنها عربية. بالتركي تعني شخص قصير القامة، لكن كيف كان تحويرها للعائلة؟ لا أعلم.
 
الزرو حمولة( عشيرة او عائلة كبيرة ) اسمها الحددة. تواجدوا ما بين رام الله ومادبا، حيث لم يكن هناك حدود، والمسيحيون الذين تجمعوا اسمهم الحددة، ممكن أنهم كانوا حدادين، وانقسموا فأصبح هؤلاء حدادين والآخرون زرو.
 
سامية الزرو من مواليد مدينة نابلس عام 1938، خريجة الجامعة الاميركيه 1958، بيروت.. خبيرة مناهج الفنون للعالم العربي ودليل المعلم، لتدريس الفنون في جميع المراحل، في الاردن وفلسطين, وعضو لجان تحكيم اعمال الأطفال في مدارس أهلية ووكالة الغوث الدولية.
 
دريست الفنون في دار المعلمين في رام اللة وعمان وفي كلية الفنون في الجامعة الاردنية وجامعة البترا واعطاء دورات تدريس الفنون لمدرسي الفنون في الاردن و فلسطين ولبنان اضافة لمحاضرات لخبراء اليونسكو ببيروت، نيويورك، فينا وباريس، ولها مشاركات في معارض في أميركا،إيطاليا، تركيا، اسبانيا، فرنسا، ماليزيا، الصين، اليونان والكويت ومعارض شخصية في القدس و بيروت ورام اللة وعمان والخليج.
 
خبيرة في تطوير التراث والتصاميم التراثية، وعضو لجنة تجميل مطار عمان الدولي ولجنة الأمانة لتجميل عمان منها: جداريات في الممر التاريخي، منتزة عمان القومي، النادي الأرثودكسي، المدينة الرياضية عمان، بلدية رام اللة ومنحوتات من الحديد في بيروت وعمان ومقتنيات في متاحف عالمية، منها البيت الأبيض، متحف روكفيللر وفي الفاتيكان وفي أكبر متاحف أميركا وايضا لوحتين احداهما في ألمانيا والثانية في ماليزيا.