عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Sep-2023

الانتفاضة الثالثة*إسماعيل الشريف

 الدستور

بهروا الدنيا وما في يدهم إلا الحجارة
وأضاءوا كالقناديل، وجاؤوا بالبشارة –نزار قباني
تشهد فلسطين توترًا متزايدًا، حيث يتوقع 54% من الفلسطينيين حدوث انتفاضة مسلحة، و58% يخشون حدوث صراع داخلي بين الفصائل المسلحة وقوات الأمن الفلسطينية. هذه النتائج جاءت وفقًا لدراسة أعدها المركز الوطني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله، وتم نشرها في شهر حزيران الماضي.
وبالفعل، بدأت مواجهات بين قوات الأمن الفلسطينية والفصائل الفلسطينية المسلحة نتيجة لاعتقال بعض الأفراد في تلك الجماعات. ويُشير ذلك إلى تصاعد الأحداث والتوتر في البلاد، وقد يؤدي ذلك إلى نتائج لا تحمد عقباها، وتكبد خسائر جسيمة تزيد من تعقيد الوضع الفلسطيني.
تتمتع الجماعات المسلحة بشعبية كبيرة؛ حيث يدعمها 72% من الفلسطينيين، وترتفع النسبة عند الشباب لتصل إلى 75%. وعلى النقيض تمامًا، هناك تراجع في ثقة الشعب الفلسطيني في سلطتها، حيث انخفضت إلى 27% في العام 2021. بينما يرى 86% منهم أن الفساد قد انتشر في صفوفها.
كما تظهر الاستطلاعات تراجع الاعتقاد بحل الدولتين إلى 27% و28% خلال شهري آذار وحزيران من عام 2023، بالإضافة إلى ذلك، تشير الاستطلاعات إلى أن المفاوضات لم تعد الوسيلة الأكثر فعالية لإنهاء الاحتلال وبناء الدولة المستقلة، ولعل أخطر الأرقام التي يجب الوقوف عندها هو انخفاض الثقة المجتمعية (ثقة الشعب بالسلطة) من 39% في عام 2002 إلى 14% في عام 2019، وانخفاضها إلى 10% في عام 2022.
ووفقًا للدراسة، تعتبر العوامل الأساسية لاندلاع الانتفاضة هي: السياسات المتعلقة بتهويد القدس الشرقية، ومصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات، والظروف المعيشية الصعبة نتيجة لممارسات جيش الاحتلال، وقطعان المستوطنين، وانسداد الأفق السياسي، وضعف السلطة الفلسطينية، وعجزها عن حماية مواطنيها، وفقدان الشرعية الانتخابية.
خلال انتفاضة عام 2000 كان أطراف الصراع طرفين فقط؛ هما: الفلسطينيون الأبطال وجيش الاحتلال. وأيد الرئيس الراحل ياسر عرفات الانتفاضة ولم يتردد بدعم الفصائل والسماح للأجهزة الأمنية الفلسطينية بالمشاركة، لكن هذه المرة الصورة مختلفة؛ ربما هنالك ثلاثة أطراف؛ هم: السلطة وجيش الاحتلال والشعب. فيُخشى أن يكون للسلطة دورٌ في قمع الانتفاضة، وبالتالي يحدث صراع داخلي مسلح، والعوامل المهيئة لذلك كثيرة؛ منها: خطاب الكراهية المنتشر، وتخوف السلطة من انهيارها في حال اندلاع انتفاضة جديدة، وتمدد حماس في الضفة الغربية،ثم عقيدة السلطة القائمة على التفاوض كحل وحيد لحل القضية، واسترضاء المجتمع الدولي.
وبلغة الأرقام يرى 59% من الفلسطينيين أن السلطة تشكل خطرًا على الفصائل، و62% يرون بأن السلطة لن تشارك في الانتفاضة، و83% لا يريدون أن تسلم الفصائل أسلحتها، و59% يتوقعون مقاومة الفصائل للسلطة، و87% يرون أنه ليس للسلطة الحق في اعتقال أعضاء الجماعات المسلحة.
برأيي، إن ضعف السلطة هو مصدر لقوتها، فالكيان الصهيوني والمجتمع الدولي يريدان للسلطةأن تبقى ويخشون انهيارها، وإذا ما أراد الكيان الصهيوني احتلال الضفة كما يروج أعضاء من حكومة نتنياهو، فلن تقف السلطة عثرة في طريقهم، لذلك فعلى السلطة الاستفادة من ورقة المقاومة، وقد يكون منها ترك المجال لهم للدفاع عن بعض المناطق.
ومن يروج بأن حل جميع مشاكل فلسطين يكمن بالمصالحة الوطنية، فهو يطلب المستحيل، لنتذكر بأن من أسباب حرب غزة عام 2006 هو تشكيل حكومة تكنوقراط موحدة بين حماس وفتح لم تتضمن أيا من أعضاء حماس، فكانت من نتائج الحرب إعادة الانقسام الذي سيبقى.
لو أرادت السلطة الفلسطينية امتصاص غضب الشارع الفلسطيني فعليها إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وإلا فسنرى استمرارًا في تصاعد نجم الجماعات المسلحة، التي بدأت في مخيم جنين وامتدت إلى نابلس وطولكرم وأريحا، تضم مقاتلين من الشباب دون سن الخامسة والعشرين يضعون كل الولاءات والأيدولوجيات السياسية خلف ظهورهم.
لهذا كله فالانتفاضة الثالثة قادمة لا محالة.