عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jan-2019

ثلث الأردنیین یعتبرون أن استخدام الإنترنت أثر سلبیا على الأسر ”الطوفان الرقمي“ یغزو البیوت ویتحکم بالعلاقات
مجد جابر
عمان-الغد-  أظھرت نتائج مسح استخدام تكنولوجیا المعلومات والاتصالات داخل المنازل أن 32% من الأسر الأردنیة تعتبر أن استخدام الإنترنت قد أثر بشكل سلبي على العلاقات بین أفراد الأسرة. جاء ذلك في المسح الذي نفذتھ دائرة الإحصاءات العامة في الربع الرابع من العام 2017، وصدرت نتائجھ قبل نحو 10 أیام، إذ بین أن استخدام الإنترنت قد أثر على العلاقات بین أفراد الأسرة.
وبینت النتائج كذلك بأن حوالي 24 % من الأسر تعتقد بأن استخدام الإنترنت قد أثر إیجابیاً على العلاقات بین أفراد الأسرة، و43 % منھم اعتقدوا أنھ لم یؤثر لا ایجابا ولا سلبا.
ومع اختراق التكنولوجیا لأغلب البیوت في الآونة الأخیرة، وانتشار الإنترنت بالمنازل بنسبة 89% ؛ أصبح ھناك تبدل كبیر في سلوكیات الناس سواء على مستوى المجتمع أو حتى في نطاق الأسرة الضیقة.
ذلك الأمر الذي ألقى بظلالھ على العلاقات داخل أفراد العائلة بسبب الاستخدام الخاطئ لتلك التكنولوجیا، ما خلق حالة من الفتور والبرود داخل الأسرة.
مستشار الطب الشرعي الخبیر في حقوق الإنسان ومواجھة العنف الأسري الدكتور ھاني جھشان لا ینفي حقیقة أن التواصل الرقمي والإنترنت أصبح جزءا أساسیا من الحیاة الاجتماعیة والعائلیة ینبغي قبولھا ولا مجال لرفضھا، أو حجبھا عن افراد الأسرة وخاصة جیل الشباب.
ویبین جھشان أن التكنولوجیا الرقمیة وبعض وسائل التواصل الاجتماعي مثل ”واتس اب“ أصبحت طریقة للتواصل ما بین الآباء واولادھم بمرحلة المراھقة، مشیرا إلى أن العلاقات الأسریة السلیمة والتواصل بین أفراد الأسرة یتطلب اعطاء الوقت الكافي والحقیقي لھا.
غیر أن واقع الحال یشیر إلى فوضى وھدرا للوقت في استخدام التواصل الرقمي عبر الإنترنت من قبل جمیع أفراد الأسرة واھمھم الأب والام.
وعلى سبیل المثال من غیر المستغرب في الوقت الحاضر أن یجیب الأب على الرسائل الإلكترونیة الخاصة بالعمل اثناء جلوسھ مع أبنائھ أو اثناء تناول الطعام. وأیضا مشاھدة الام تتواصل مع صدیقاتھا أو زمیلاتھا على الھاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي اثناء وجودھا برفقة الأطفال في المنزل أو السیارة أو المتنزه.
قیام الوالدین بھذه الأنشطة، وفق جھشان، یؤدي إلى نفور الأطفال منھما ویستقطع زمنا كان من المفروض ان یكون للتواصل الطبیعي مع الأطفال، وھو بالتالي یؤدي الى نفس أسلوب الاستخدام السلبي من الأطفال، كون الوالدین ھما المثل الأعلى للأطفال في الأسرة.
ویلفت جھشان إلى أن الأطفال یتعلمون مھارات التواصل الاجتماعي مع زملائھم في المدرسة أو النادي أو مع الأصدقاء، وعبر خبرات یكتسبونھا من البیئة الأسریة ویتعلمونھا مباشرة من قبل الوالدین، غیر أن غرق أفراد الأسرة في ”الطوفان الرقمي“ یشكل مخاطرة كبیرة ومجازفة تؤدي لفقد الأطفال قدرتھم على التواصل الاجتماعي خارج الأسرة.
ویعاني ھؤلاء الأطفال من العزلة الاجتماعیة ومن فقد المقدرة على استخدام ”لغة الجسد“ وقراءة تعابیر الوجھ ویفقدون ”روح المرح“ والتعاطف مع الآخرین.
وقد نتج عن فوضى التواصل الرقمي عبر الإنترنت، وفق جھشان، فقدان لخصوصیة مفھوم الأسرة التقلیدي؛ المكون من الوالدین والأطفال الذین یسكنون منزلا وتربطھم علاقات تربویة ونمائیة جسدیة ونفسیة سلیمة.
الإدمان على الإنترنت اعترف بھ عالمیا انھ مشكلة نفسیة تستدعي العلاج، ویتمثل بظھور الأعراض الانسحابیة كالتوتر والقلق والخوف لدى محاولة الابتعاد عن الأجھزة الموصولة بالإترنت، وفق جھشان.
إھمال الاكتشاف المبكر لتعرض الطفل للتنمر بكافة اشكالھ عبر الإنترنت یؤدي لعواقب خطیرة، كما أن الفشل بالتعامل معھ یؤدي إلى خلل في العلاقات الأسریة.
وتقع ھنا مسؤولیة على الأھل تتمثل في ضبط وقت استخدام الأجھزة الرقمیة من قبل أطفالھم، ولیس أكثر من ساعتین لمن ھم أكبر من عمر عامین، وتخصیص وقت للقراءة والمحادثة ولتناول الطعام بشكل جماعي.
إلى ذلك، متابعة انجاز الأبناء الأكادیمي والتواصل مع المدرسة شخصیا ولیس حصر التعامل مع المدرسة بالھاتف أو البرید الإلكتروني، وانشاء علاقات طبیعیة ان كان في الحي أو المدرسة أو النادي أو مع الأقارب.
وعلى الأب والأم تنظیم وقت استخدام الأجھزة الرقمیة أثناء الوجود بالمنزل إن كانت المتعلقة بالعمل أو المدرسة أو الأصدقاء أو الأقارب لیكون ذلك واقعا یمتثل بھ الأطفال، وفق جھشان.
ویذھب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة إلى أن الاستخدام الخاطئ للإنترنت وغیر المنضبط یؤثر على جمیع الأفراد، مبینا أن التفاعل الاجتماعي الحقیقي یحمي العلاقات.
ویضیف مطارنة أن التكنولوجیا جعلت ”التواصل یفقد روحھ“، كذلك الانطوائیة والاكتئاب، وھو ما أحدث شرخا في البیئة الأساسیة في الأسرة وعمقھا، رغم أن الأساس بأن تكون مبنیة على الحب والاھتمام.
وینوه مطارنة إلى أن المجتمع أصبح قائما على العلاقات التكنولوجیة، لافتاً الى أھمیة إعادة النظر في طبیعة حیاتنا وإعادة الدفء لھا.
ویوافقھ الرأي الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسین الخزاعي الذي یعتبر أن الفھم الخاطى لاستخدام التكنولوجیا ھو السبب وراء ھذه النسب، خصوصاً وان الاستخدام لم یعد محصورا على فئة معینة بل یشمل الجمیع بكافة الأعمار والطبقات.
ویشیر الخزاعي إلى أھمیة التوعیة في طریقة استخدام التكنولوجیا ومعرفة مخاطرھا والتمییز بین سلبیاتھا وایجابیتھا، حتى لا یصل الشخص لمرحلة الادمان من خلالھا، والتسبب بفجوة كبیرة داخل الأسرة الواحدة.