الدستور - نضال برقان
عن دار الصايل للنشر والتوزيع في عمان صدر حديثا كتاب جديد للأديب طه الهباهبة يقع في مئة صفحة من القطع الكبير ويتناول فيه حياة الشاعر المتصوف جلال الدين الرومي باعتباره أحد كبار الشعراء المتصوفة في كل العصور وألقى بظلاله على الشعر في العصر الحديث ولا سيما ما يعرف بقصيدة النثر فنجد أثره واضحا لدى هؤلاء الشعراء.
وقد ولد جلال الدين الرومي أو محمد بن محمد بن حسين البلخي المولود في بلخ عام 1207 والمتوفى عام 1273 في قونيه، وهو شاعر صوفي قلَّ أن يجود الزمان بأمثاله وكان ينتمي لأسرة عريقة في العلم، وتحظى بمكانة مرموقة في مجتمعها، فوالده كان مدرسا معروفا تلقى على يده العلم، ثم تلقّى العلم على يد عدد من الشيوخ الكبار لعل أبرزهم ابن عربي، الصوفي الشهير صاحب كتاب الفتوحات المكية وديوان ترجمان الأشواق، وقد عمل جلال الدين الرومي في التدريس، وكان له تلاميذ كثر متعلقون به كلّ التعلّق، محبُّون له كلّ الحبّ، ووضع مجموعة من المؤلفات والدواوين الشّعرية، من أبرزها: الرباعيات، مجلدات المثنوي وهي ستة، المجالس السبعة، رسائل المنبر، وديوان شمس تبريز.
ويعتبر جلال الدين الروميّ من أكبر الشعراء المتصوفين في كل العصور، وهو صاحب الطريقة المولوية التي تقوم على الرقصة الدائرية الشهيرة، ولكن الحدث الأبرز في حياة جلال الدين الرومي هو لقاؤه بشمس التبريزي، الذي قلب حياته رأسا على عقب وأثّر فيه تأثيرا كبيرا، وتعلّق به تعلّقا شديدا، ولعلّ أهمّ ما كُتِب عن علاقة جلال الدين الروميّ بشمس التبريزيّ رواية معاصرة لكاتبة تركية اسمها إليف شافاق، واسم روايتها قواعد العشق الأربعون، وفيها تسرد تفاصيل اللقاء بين جلال الدين وشمس تبريز والعلاقة بينهما والأثر الكبير الذي تركه شمس التبريزي في جلال الدين الرومي، وقد نالت هذه الرواية شهرة واسعة.
وممَّا جاء في مقدمة الكتاب التي كتبها الشاعر الأردني سعيد يعقوب قوله: «أن تكرِّس حياتك للكتابة في الأدب الشعبيّ فهذا يعني مدى الإدراك العميق لأهمية الأدب الشعبيّ، وأثره في النفوس وأهمية ما ينطوي عليه من قِيَم ومُثُل وجمال وعمق وحكمة، وحكايات تحمل في مضامينها كنوزا من المعرفة التي تناقلتها الشعوب عبر الأزمنة الممتدّة، وهو حامل لسماتها الحضارية، وميزاتها الثقافية، وهويتها المميزة لها، التي تحفظ لها تفرد شخصيتها، وتحميها من الذوبان والتلاشي، وتضمن لها البقاء والخلود، ولذلك فالحكاية الشعبية والأدب الشعبيّ يمثلان العمق النفسيّ والصورة الحقيقية للشعوب، وهما يحملان الحكمة والخبرة والنصيحة والموعظة والعبرة والدروس التي ينقلها الجدود للآباء فالأحفاد، ولذلك أيضا فقلَّة قليلة من الأدباء والكتاب والمفكرين التفتوا إلى هذه الأهمية البالغة، والدور والوظيفة والرسالة التي يمكن أن يؤديها الأدب الشعبيّ في نفوس الناس، بما ينعكس أثره على عقولهم ووجدانهم وسلوكهم وطرق تفكيرهم، ومن بين هذه القلّة نجد القامة الفكرية والأدبية الأردنية الأستاذ طه الهباهبة الذي أعطى لهذا اللون الأدبيّ من وقته وجهده الكثير، حتى صدر له عديد من المؤلفات التي تعنى بهذا الجانب منها: الشوبك في التاريخ والوجدان الشعبيّ، مَن يصدّق الغيلان (مجموعة قصصية )، الوشم فن وعلم، حكاية شعبية عربية، الحكاية الشعبية في محافظة معان، صورة العجوز في ألف ليلة وليلة، وغيرها كثير، والأستاذ طه الهباهبة ولد في الشوبك، لأسرة تهتم بالأدب والحكايات الشعبية، فكان والده رحمه الله أستاذه الأوّل في سرد الحكايات الشعبية على مسامعه منذ طفولته المبكرة، مما حبَّب له هذا اللون من الأدب، وتخرج في الجامعة الأردنية وحصل على درجة الماجستير، وعمل في الإعلام وكان نائبا ثم وزيرا، وهو منخرط في الوسط الثقافي يشارك الأدباء والشعراء والمفكرين أمسياتهم وندواتهم ومحاضراتهم...»