عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Dec-2019

حارات منسية.. الحاكورة صيدلية والختيارية إحكما

 

الراي - خالد قوقزة- لم يكن في حاراتنا المنسية، مستشفيات ولا عيادات ولا صيدليات كما اليوم، وكان من يُصاب بمرض يذهب الى المدينة ليتعالج، وهذا كان يتطلب دفع مال وهو غير متوفر بأيدي أهل الحارات، إضافة الى الوقت والجهد، حيث لا وسائل مواصلات كاليوم تُأمن الوصول للمستشفى في الوقت المناسب، فكان أهل الحارات يضطرون لاستخدام الدواب كوسيلة للمواصلات.
كانت بيوت الحارات المنسية محاطة بالبساتين والحواكير التي تنمو فيها أعشاب ونباتات طبيعية، وتُعد هذه البساتين والحواكير بمثابة صيدليات مفتوحة للفقير والغني. عدا عن ان ختيارية وختياريات الحارات كانوا يعرفون فائدة كل عشبة او نبتة ودورها في علاج الامراض. فحين يمرض شخص من الحارات كان يراجع الحجة سعدى العواد او خضراء ابو العدس او شويهينة او الحج ابو فلاح او ابو عودة او ابو جُلبة وابو دوخي او الحج ابو غالب الدُرّة. فكانوا لا يتوانون عن تقديم العلاج المناسب له باستخدام ما توفره الطبيعة من نباتات وأعشاب.
كثيرة هي تلك الأعشاب التي كانت تنمو في حواكير وبساتين وكروم الحارات المنسية. منها (القيسوم، الشيح، الزعتر، الميرمية، النعنع، الحصلبان، البابونج، الحُلبة، الجعدة، اللوف، الفرفحينة، الشومر، الرشاد، الحمّيض، قِثّى ابو حمار، كريشِة الجدي، لسان الثور، خبز الراعي، الذْنُبَّه، إرجيلة الحمامة، الحندقوق، الحنظل، الحلبلوب، الحويرة، الخامشة، القُرّيص، الخُبيزة، الخردل، الخُرفيش، دَبّوس ابو حمار، الدريهمة، الرچف، السِلمچة، الشِبرق، إقريضّة، الطيون، عُرف الديك، العكوب، العِلِت، العُليق، القُبّار، الإقحوان، الدحنون، المُرّار، الغُوصلان، المُصّيص، الملّيسة، العُطرية إقصيصة، إعديسة، الفرقعون، البُرّيد، الثوم، اليانسون، الكمون..).
إمفضّي إبن فلاح طَبّ به إنفاخ، فتذهب به أُمّه الى جَدته أم فلاح فتقول: عَمِّه، هاظ إمفضي من إمبارح وهوه خاطرُه مِش طيبة، وطول الليل وهوه يتلوى من بطنه. تقوم ام فلاح بوضع كفّها على بطن إمفضي وتدُق عليه، وتقول: هاظ الولد لاحقه برد، هاچ خاشوقة يانسون واغليهن وأعطيهن له بالرضّاعة.
عيسى إبن أبو عيسى التُكنجي إنتثَر براسه چبَخ وقِشرة قوية، تذهب به أمّه لعند سعدى العواد، وبعد ما شافت راسه قالت لأمّه: دوچ اياه طيون بجنب النبعة اللي يم بستان ابو عُقلة، هاتيليچ ضُمّة، وأغليهن وأدعچي من مَيّتهن على راس إبنِج كل يوم مسا.
عوض إبن ابو عوص الإطرم تقرُصُه زُقرُطّة برقبَتُه، وصار يُنُط و يُشُط من الوجع، بتزُمّه أم عودة وبتجيب فِصِم ثوم وتِدعَج مكان القَرصة، فيقوم وكانه بِچذّب.
هويشان الراعي بتطلع براسه مثل الدُمّلة وصارت تِرعاه، وصار شعره يِكُت. راح لعند الحج عيسى، واللي كان يحلُق لأولاد القِرية، فكشف عليها. فقال له: هاي خيوه بسموها ثعلبة، فقام بِمعِچها بالثوم، وبعد يومين تشافى منها.
رَحم االله الحارات المنسية ورحم اهلها من ختيارية وختيارات، كيف أستطاعوا أن يطَوعوا الطبيعة وما فيها لخدمتهم وفي مأكلهم ومشربهم ودوائهم ولباسهم؟! وكيف تمكنوا من ان يتغلبوا على ظروفهم القاسية ولم يتركوها تتغلب عليهم؟!.