الغد
ما يحدث كله حاليا يعيد الأردن إلى حالة أطول خط مواجهة مع إسرائيل. وهي الحالة التي كانت تستوجب الدعم العربي والإسلامي قبل عملية السلام التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي وكانت تحت مسمى مختلف قليلا: أطول خط مواجهة مع العدو.
قبل عملية السلام، كانت إسرائيل عدوا بالمعنى الرسمي وفي حالة حرب مع العالم العربي ودول الطوق المواجهة لها تحديدا، وكان الأردن صاحب أطول خطوط المواجهة خصوصا بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967 والتي كانت وقت احتلالها جزءا من السيادة الأردنية.
بعد عملية السلام التي بدأت في مدريد وتفرعت في أوسلو لتنتهي كرة ثلج كبيرة متدحرجة ارتطمت على جدران الواقع المستحيل، فإن إسرائيل مع حكوماتها اليمينية تحديدا بذلت كل جهدها لتفعيل العدائية على أقصى مستوى، رغم كل المبادرات العربية الساعية إلى حالة سلام شامل وعادل وقانوني مبني على مبادئ أممية معروفة.
اليوم، مع وصول العدائية الإسرائيلية إلى مداها الأقصى فإن الأردن يواجه تحديات تصل إلى حد "حرب محتملة" مما يضعه في مواجهة جديدة بأطول خطوط لتلك المواجهة، مع تحديات اقتصادية هي الأكثر صعوبة تفاقمت خطورتها مع قرارات الرئيس ترمب فيما يتعلق بمراجعة وتعليق أنظمة التمويل والمنح وعلى رأسها وكالة الإنماء الأميركية USAID، مما يعني انقطاع فوري ومباشر ساري المفعول حاليا على أكثر من 300 دولار أميركي كانت ستمول مشاريع حكومية في المملكة في مختلف القطاعات أهمها قطاع التربية والتعليم وقطاع المياه، وهذا يعني ببساطة أننا في أزمة حقيقية.
لا يملك الأردن ترف الحلول البديلة غير البحث عن مصادر تمويل أخرى تعينه على عبور الأزمة، وهذا يعني إعادة حسابات مع الإقليم والجوار بحثا عن فرص تكاملية في الاستثمار والتمويل، وهذا يعني أيضا بيان واضح للأخطار التي يمكن أن يتعرض لها الإقليم كله أمام تحديات تعصف بالاقتصاد الأردني، وبيان أكثر وضوحا للمنافع والمصالح التي يمكن للإقليم – قيد التشكيل- أن يحظى بها من الأردن في حالة حضوره بكامل عافيته الاقتصادية.
تلك مهمة سياسية يقوم بها الجهاز الدبلوماسي للدولة، وتفعيله ضمن استراتيجية طوارئ تلتفت لأزمات الدولة الأردنية هذه المرة بدلا من مراضاة الشارع والموجات الشعبوية التي وصلنا فيها إلى السقف الذي يجب أن يمنح الرضا ورغم ذلك فلم يرض أحد!