عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Dec-2024

في سوريا.. ما يهمنا الدولة وليس نظام «الكبتغون»* رجا طلب

الراي -

 
لا اعلم لماذا عادت بي الذاكرة 21 عاما الى الوراء اي الى عام 2003 عندما رايت راس تمثال حافظ الاسد يتدحرج في شوارع السويداء قبل عدة ايام، وقتها تذكرت مشهد قيام عدد من جنود المارينز الاميركي باسقاط ثمثال صدام حسين المنصوب في ساحة الفردوس وسط بغداد، في ذلك الوقت اي عندما سقط نظام صدام حسين فرح الملايين وكنت واحدا منهم لان صدام حسين ادخل الامة العربية باحتلاله الكويت المنعطف الاخطر في تاريخها المعاصر، وقتها لم نتوقف عند احتمالات ما سينتج عن مثل هذا التطور المهم والاستراتيجي، ولم نتوقع ان تملاْ ايران ومليشياتها الفراغ الكبير الذي تركه نظام صدام حسين وان يصبح العراق ساحة للصراع الطائفي البغيض ومقصدا للقوى الارهابية وتحديدا القاعدة وبعدها داعش وبعدها جبهة النصرة، وبات البرميل العراقي المتفجر تهديدا للامن الاقليمي وبخاصة لنا نحن في الاردن حيث شكلت فوضى الوضع العراقي تحديا قويا للدولة الاردنية واختبارا قاسيا اجتازته الدولة الاردنية بنجاح واقتدار بفضل حنكة جلالة الملك وثقة العالم به وبالدولة الاردنية ودورها الاقليمي الذي يعكس وضعها الجيوسياسي المهم للغاية.
 
لا اريد في هذا المقال عقد مقارنة بين بناء الدولة العراقية الصلب والتي تسلمها صدام حسين عام 1979 وهي الدولة الممتدة منذ عام 1920 وكانت البنى الاساسية لها في ظل الحكم الملكي الهاشمي صلبة لدرجة كبيرة قياسا بالدولة السورية التي تأسست في الوقت نفسه تقريبا لكنها كانت عرضة لحالة من عدم الاستقرار الملفت (جرت فيها تسعة انقلابات عسكرية كان اولها انقلاب حسني الزعيم في 30 مارس عام 1949 واخرها انقلاب حافظ الاسد في 16 نوفمبر من عام 1970).
 
في الوضع السوري الحالي فقد حسم الامر وحصل الزلزال الاكبر بعد زلزال سقوط نظام صدام حسين وسقط نظام ال الاسد الذي يحكم سوريا منذ اكثر من نصف قرن النظام بصورة تدلل ان هذا النظام لم يكن قويا ومرعبا وقاسيا الا على شعبه، ومن اليوم فصاعدا وبعد ان خرج السجناء من اقبية سجونه المرعبة سنسمع عن قصص مرعبة ووحشية تتعفف العصابات القذرة عن القيام بها
 
سقوط النظام السوري يعني سقوط الدولة السورية بكل اسف ونتمنى ان لا يحدث هذا الامر، لان الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي حكم من عام 1970 حتى عام 2000 بني دولة للنظام حيث كانت الدولة اداة في يد النظام السياسي وليس العكس وعندما استلم الحكم الرئيس بشار الاسد وحاول تعديل الوضع واجه كوابح كثيرة من قبل مراكز القوى الاساسية في النظام وبخاصة في الجيش والاجهزة الامنية التي لا تجيد الا القمع والتعذيب وتخزين البشر واذابة اجسامهم » بماء النار – الاسيد » والتى كانت بمثابة دولة داخل دولة واستسلم لارادة تلك القوى ومنها والدته انيسة مخلوف التي كانت اكثر المؤثرين على قراراته باتجاه الابقاء على الدولة الدموية غير المتسامحة والسلطوية.
 
الان وبعد ان سقط نظام بشار الاسد فان ما يهمنا في الاردن ان تبقى الدولة السورية ومؤسساتها ووزراتها فاعلة تقوم بدورها في خدمة الاشقاء في سوريا اما النظام (نظام الكبتغون) فقد ولى الى غير رجعة بعد ان تسبب وعلى مدى نصف قرن في قتل وتعذيب وسجن ملايين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين وعطل مسيرة الاستقرار والتنمية في المنطقة واعتاش على ازماتها التى كان يسببها ويصنعها.
 
نحن في الاردن نملك سجلا ناصعا في مسألة عدم التدخل في شؤون الدول الشقيقة والجوار الاقليمي ولذلك تحمل الاردن وعلى مدى عقود نتائج رماد الصراعات في الاقليم وبصبر كبير واخلاقي وفي الحالة السورية الجديدة فان هذا التحدي يتطلب من الدولة الاردنية ولحماية مصالحها العمل على ما يلي:
 
اولا: تسريع التوافق الدولي والاقليمي بشأن الوضع السوري للوصول الى تسوية تعيد انتاج نظام يعمل على صناعة دولة ديمقراطية تراعي التنوع الاثني والطائفي والقومي وتمنع عودة » نظام الرجل الواحد ».
 
ثانيا: ضرورة الاصرار على ايجاد حلول سريعة للابقاء على انسيابية الحركة بين الاردن وسوريا عبر المعابر الحدودية لاعتبارات انسانية واقتصادية متشابكة ومن الصعب تجاهلها.