عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-May-2019

فرصة ثمينة لإقامة سلام

 

افتتاحية - «كرستيان سيانس مونيتور»
صعدت كل من واشنطن وطهران حدة التوترات بينهما فيما يشتم المتطرفون على كلا الجانبين رائحة النصر. مع ذلك، يبقى خلف اللغط فرصة للتوسط من صديق محايد. ظاهريا، تبدو ايران والولايات المتحدة مستعدتين للاشتباك كما هي الحال على الدوام. اذ نرى المتطرفين في كلا البلدين يتوقون للقتال من دون ان يتركوا اي مجال للتسوية. ولكن مثلما اسلفنا، ليس هذا سوى مظهر خارجي. فالتصعيد الاخير للاحداث كان تهديد ايران قبل فترة وجيزة بالانسحاب جزئيا من معاهدة نووية موقعة عام 2015 واستئناف التخصيب الاعلى لليورانيوم ما لم تحصل على تخفيف للعقوبات من اوروبا. جاء التهديد سريعا بعد ان عززت اميركا قواتها العسكرية في المنطقة، زاعمة وجود اخطار جديدة على القوات الاميركية من جانب ايران او مسانديها. 
علاوة على ذلك، صعد الرئيس دونالد ترامب من حملته «الضغط الاقصى» على ايران من خلال ادراج الحرس الثوري الاسلامي ضمن المنظمات الارهابية. كما ضيق الخناق على الدول التي تتعامل تجاريا مع ايران. وقبل عام مضى، سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، مشيرا الى عيبه الاساسي: ان الاتفاق لا يحمي اسرائيل او حلفاء اميركا في الشرق الاوسط من تهديدات ايران بخلاف برنامجها المعلق حاليا لصنع سلاح نووي.
من جانبها تعزز ايران من نفوذها وتنفق بسخاء على اتباعها العسكريين في سوريا والعرق واليمن ولبنان وغزة. عقب اربعين عاما على الثورة الاسلامية، تشعر ايران انها تحصل على هيمنة طالما تاقت اليها في المنطقة. قد تبدو كل هذه التحركات على كلا الجانبين اشبه بالمبدأ القائل ان المنتصر يحصل على كل شيء. تسعى اميركا الى تغيير النظام في طهران بينما تنشد ايران طرد كل من الولايات المتحدة واسرائيل من الشرق الاوسط. ان الخلل في هذا المشهد يكمن في ان ايران قد ابقت على الفرصة سانحة من اجل اجراء محادثات مباشرة او غير مباشرة مع الولايات المتحدة، وبالتالي فان احتمال ابرام اتفاق لا يزال خيارا متاحا. 
على سبيل المثال، عرض وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في الشهر الماضي عقد محادثات مع الولايات المتحدة. وتشير الصحافة المحلية في ايران بشكل متواصل الى العروض التي تقدمها الجارة عمان من اجل التوسط بين الولايات المتحدة وايران. وقد لعبت عمان، التي تعد طرفا محايدا، دورا هاما في عام 2012 على صعيد الجمع بين اميركا وايران لاجراء المحادثات التي قادت الى توقيع الاتفاق النووي. وقد اخبر السيد ظريف صحيفة ايرانية مؤخرا بالقول: «اي انجازات تمكنا من تحقيقها (خلال السنوات الاربعين الماضية) في حقل السياسة الخارجية كانت نتيجة للمفاوضات». 
ان طبيعة عمان بحد ذاتها تذكرنا بما يمكن ان يكون عليه السلام في المنطقة. فهي واحة استقرار، وفي السلطنة مسؤولون يضعون الاولوية للاصغاء الى جميع الاطراف ومن ثم يعرضون الوساطة من دون اي مصالح ذاتية. في الشهر الماضي على سبيل المثال، دعا وزير خارجيتها الدول العربية الى تقليل مخاوف اسرائيل على مستقبلها في المنطقة. ويقول دبلوماسيو عمان ان استراتيجيتهم تتمثل في فهم البلد الاجنبي اولا كما لو كنا في موقعهم وان نتطلع الى العالم من منظورهم. حين تصبح الولايات المتحدة وايران مستعدتين لتجنب الانجرار الى صراع رئيس، ستكون عمان حاضرة من اجل الوساطة من جديد. ان مظاهر الحرب المحتملة قد تبدو خداعة.