عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Oct-2025

خبراء بالقانون الدولي: الاحتلال الإسرائيلي يتحمل تكلفة إعمار غزة

 الغد

لاهاي - أكد خبراء بالقانون الدولي أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تتحمل بالدرجة الأولي تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة".
وأكدوا أن المسؤولية القانونية تقع كذلك على عاتق الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا ودول أخرى كونها "شريكة في الجريمة".
 
 
وتقدر الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة بنحو 70 مليار دولار، وذلك جراء التدمير الهائل الذي ارتكبته دولة الاحتلال خلال عامين من الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
أستاذ القانون الدولي والمقارن في جامعة أوهايو الأميركية جون كويغلي، والأكاديمي والمحامي المتخصص بحقوق الإنسان من جامعة القدس منير نسيبة، أكدا أن مبادئ القانون الدولي تفرض على الدولة المعتدية إصلاح الأضرار ودفع التعويضات، وأن دولة الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عن الدمار الذي تسببت به في قطاع غزة.
ويقول كويغلي إن إسرائيل "ملزمة قانونيًا من جهتين، أولاً لأنها قوة احتلال وعليها واجب حماية حياة المدنيين في غزة، وثانيًا لأنها انتهكت هذا الواجب بشكل جسيم، ما يوجب عليها دفع تعويضات".
ويشير إلى إمكانية أن تصدر محكمة العدل الدولية قرارًا يدعو إسرائيل إلى دفع تعويضات، لكنه يتساءل عن "آلية تنفيذ مثل هذا القرار"، لافتًا إلى "احتمال إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي، رغم صعوبة تمرير أي قرار بسبب الفيتو الأميركي المتوقع".
ويذكر كويغلي أن "هناك سوابق تاريخية، مثل ما حدث بعد الحرب العالمية الأولى حين أُجبرت ألمانيا على دفع تعويضات، ما يعني أن المجتمع الدولي يمكنه عبر الأمم المتحدة أو بآليات أخرى الضغط على إسرائيل لتحمل مسؤولياتها".
وعن حجم الدمار في غزة يقول: "هناك آلاف الأشخاص سيتأذون جسديا ونفسيا لبقية حياتهم، بينهم عدد كبير من الأطفال، هذا نوع من الضرر لا يمكن تعويضه فعليًا".
ويضيف: "غزة كانت تعتمد على نفسها في إنتاج الغذاء، أما الآن تحوّل ترابها إلى ركام من الخرسانة المدمّرة، إعادة إعمارها لتعود كما كانت أمر في غاية الصعوبة".
ويؤكد الأكاديمي الأميركي أن واشنطن شريكة قانونيًا في هذه الانتهاكات، وبالتالي تتحمل هي الأخرى مسؤولية جزئية عن التعويض، ولديها الموارد المالية الكافية للمساهمة بذلك.
وبحسب البند العاشر من خطة ترامب يتم وضع خطة تنمية اقتصادية لإعادة إعمار قطاع غزة وتعزيز نموه، وذلك من خلال تشكيل فريق من الخبراء الذين ساهموا في بناء بعض من أكثر المدن ازدهارا بمنطقة الشرق الأوسط.
ويشير البند إلى أن العديد من المجموعات الدولية قدمت مقترحات استثمارية مدروسة وأفكار تنموية مبتكرة، وستتم دراستها لتحديد الإطار المناسب للأمن والحوكمة، وذلك بغرض جذب الاستثمارات وتسهيلها، وخلق فرص عمل، وبناء الأمل بمستقبل غزة.
ثلاث مسؤوليات تتحملها دولة الاحتلال
من جانبه، يقول نسيبة، إن الدولة التي تنتهك القانون الدولي تتحمل ثلاث مسؤوليات رئيسة وهي "وقف الأعمال غير القانونية فورًا، وتقديم ضمانات بعدم تكرار الانتهاك، وإصلاح الضرر الواقع".
ويلفت إلى أن التعويضات تنقسم إلى ثلاثة أنواع؛ الأول إعادة الحال إلى ما كان عليه أي إعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات التي دمرتها دولة الاحتلال، وإطلاق سراح المعتقلين المحتجزين بشكل غير قانوني، وإنهاء الحصار المفروض على غزة وفتح الطرق التجارية والإنسانية دون قيود".
"أما النوع الثاني فهو التعويض المالي، أي دفع مبالغ مالية عن الأضرار التي لا يمكن إصلاحها ماديًا، مثل فقدان الأرواح والممتلكات"، وفق نسيبة الذي يوضح أن مرحلة إعادة الحال على ما كان عليه، تسبق التعويض المالي في الأهمية.
وأما النوع الثالث "فهو التعويض المعنوي، ويشمل الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار الرسمي، بل وأحيانًا تشييد نصب تذكارية للضحايا".
الدول الداعمة للاحتلال
ويشير نسيبة إلى الدعوى المقامة أمام محكمة العدل الدولية من قِبل جنوب إفريقيا ضد دولة الاحتلال بتهمة الإبادة الجماعية.
ويقول: "نتوقع أن تنتهي القضية بتحميل المحكمة للاحتلال مسؤولية ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وإصدار أمر بدفع تعويضات".
ونهاية العام 2023 رفعت جنوب إفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية على أساس أنها انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية، وانضمت إلى الدعوى عدة دول، بينها تركيا ونيكاراغوا وفلسطين وإسبانيا والمكسيك وليبيا وكولومبيا.
وفي كانون الثاني (يناير) 2024 أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة أمرت بموجبها دولة الاحتلال باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، وأعلنت رفضها طلب تل أبيب بوقف الدعوى.
ويوضح نسيبة، أن تقارير الأمم المتحدة وخبرائها والمقررين الخاصين، تؤكد أن إسرائيل "ملزمة بوقف الانتهاكات، وتقديم ضمانات بعدم تكرارها، ودفع جميع أشكال التعويض بما يشمل إعادة إعمار غزة".
ويؤكد أن دولة الاحتلال ليست وحدها المسؤولة، إذ إن الدول التي زودتها بالسلاح مثل الولايات المتحدة وألمانيا تتحمل أيضًا مسؤولية قانونية، لأن تقديم السلاح لدولة ترتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية يجعل الداعم شريكًا في الجريمة.
سجلات التعويض منذ 1948
ويوضح نسيبة أن هناك آليات قانونية يمكن من خلالها المطالبة بالتعويضات، من بينها الدعوى الجارية في محكمة العدل الدولية، مشيرًا إلى أن هذه المطالب لا تخصّ فلسطين وحدها، بل يمكن لدول أخرى أيضا أن تطالب بتعويضات ضمن هذا الإطار القانوني.
ويبين أن الأمم المتحدة تحتفظ منذ عام 1948 بسجلات حول التعويضات التي يتوجب على إسرائيل دفعها للفلسطينيين الذين هُجّروا قسرا خلال النكبة، إدراكًا منها بأن ما حدث كان انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
كما ذكّر نسيبة "بقرار المحكمة الاستشاري الصادر عام 2004، الذي حمّل إسرائيل مسؤولية دفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن الجدار الذي أقامته في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، مؤكدًا أن دولة الاحتلال "لم تنفذ أيًّا من تلك الالتزامات حتى اليوم".
ويؤكد نسيبة أن الضغط الدولي هو السبيل الوحيد لإجبار الاحتلال على الالتزام بالقانون الدولي وتحمل مسؤولياتها تجاه الدمار والمعاناة التي تسببت بها في غزة.