عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Jan-2020

عقد جديد - إسماعيل الشريف

 

الدستور- لا تَعْجَبَنْ للزَّمَانِ إِنْ كَثُرَتْ ... مِنهُ أَعَاجِيبهُ ولا ذَرَبُهْ
فَالدَّهرُ لا تَنقَضِي عَجَائبُهُ ... أو يَتَقَضَّى مِن أَهْلِه أَرَبُهْ
ابن الرومي
مر عقد كامل بلمح البصر، وها نحن ندخل في العقد الثالث من الألفية الثانية، مع كثير من القضايا العالقة وتغيرات بدأت ولم تنتهِ بعد.
لعل أهم حدث شهده العقد الماضي هو ثورة الشعوب العربية وما حملت معها من أحلام وآمال، ثم ما آل إليه معظمها من حروب أهلية أو إعادة إنتاج بعض الأنظمة لنفسها بصورة أكثر بشاعة.
كما حمل هذا العقد فصل السودان وحصار وحروب غزة، وشيطنة الفلسطينيين، وتسابق بعض العرب للتطبيع مع المحتل، ودفع الإتاوات، واغتيال العلماء والوطنيين، وانهيار دول عربية كبرى، وتفكك عربي وحصار، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
وفيه لم يعد خافيًا التغير المناخي الذي يشهده العالم، مؤذنًا بخطر وجودي ستشهده البشرية ما لم يتصدَّ له العالم بشكلٍ جاد، ولم يتعافَ العالم من أزمته الاقتصادية، وشاهدنا عودة الشعبوية وتساؤلات عن مصير الرأسمالية، ووجود لاعبين جدد في مواجهة أكبر دولة في العالم، ويأتي على رأسهم الصين وروسيا التي كسبت حربًا غير مباشرة ضد الولايات المتحدة في سوريا.
وفيه شاهدنا إعادة إنتاج القاعدة بشكل أكثر عنفًا، فبزغ نجم داعش التي احتلت مساحات كبيرة من أرض سوريا والعراق، ثم ما لبث وأن أفل نجمها وأعلن مقتل خليفتها المزعوم بدون حبكة سينمائية كما أعلن من قبله عن مقتل زعيم القاعدة.
وحمل العقد السابق رقمًا قياسيًّا في العمليات الإرهابية، وجرائم الكراهية ضد المسلمين، وشاهدنا صورًا صادمة لأطفال غرقوا وقتلوا وشُرِّدوا، وفيه تبوّأت أول امرأة محجبة مقعدها في الكونغرس الأمريكي، وتصدعت التحالفات الدولية كحلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
سيأخذ هذا العام معه الكثير من القضايا العالقة، ولن ينضج أبدًا أي من هذه القضايا، فالمظاهرات في العراق ولبنان وإيران والجزائر ستستمر وستصبح أكثر عنفًا، وقد تهرب إيران من محاولات الولايات المتحدة إضعاف نفوذها في العراق ولبنان، والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، إلى تصدير مشاكلها بعمليات محدودة مع إسرائيل والخليج.
ستخرج صفقة القرن بشكلها الرسمي، وسيكون حلًّا سياسيًّا فاشلًا، وستبدأ الأوضاع بالتحسن في سوريا، ولكن سيبقى شمالها ملتهبًا، وسنشهد بدايات حل سياسي في اليمن، وانفراج في قطر، وخلط للأوراق في ليبيا بدخول أردوغان الساحة، وبدوره سيواجه أردوغان منافسين جددًا، وسنشهد محاولة لإعادة إنتاج داعش في العراق وشمال إفريقيا، وستبدأ مصر بلمس آثار سد النهضة.
أما في وطننا الحبيب –الأردن- فسنستمر في النأي بالنفْس في هذا الإقليم المشتعل، ولكن قد يشهد بعض المطالبات الفئوية بشكل أضعف كثيرًا من مطالبات المعلمين، وسيبدأ تحسن طفيف في الأوضاع الاقتصادية بعد تدشين الحزم الاقتصادية ومفاوضات جديدة مع البنك الدولي وحزم المساعدات الاقتصادية والمنح، وسيبقى الأردن شوكة في حلق المخططات الصهيونية مما سيؤدي إلى مزيد من التوترات في العلاقات الأردنية الإسرائيلية، وسنشهد تحسنًا إضافيًّا في العلاقات مع قطر، وانفراجًا مع سوريا.
وسيكون أهم حدث ستشهده المملكة هو انتخابات مجلس النواب، وسنرى عودة قوية للإخوان المسلمين واليساريين.
سيظل أكثر ما يفاجئنا، في كل حدث، وكل عام، وكل عقد جديد، أننا ما لم نكتب مصيرنا بأيدينا، فسنلعب بدقة الأدوار المرسومة لنا في المسرحيات المقامة من حولنا.