عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Feb-2021

أزمة تَلِد أُخرى.. تونس إلى أين؟*محمد خروب

 الراي

تتوالى فصولا الازمة السياسية والحزبية, وخصوصا معركة الثنائي الغنوشي/المشيشي (رئيس البرلمان ورئيس الحكومة) ضد رئيس الجمهورية قيس سعيِّد، وسط أجواء تشي بتعذّر التوصل الى حلٍ, يضع حداً لحال المراوحة والاستقطاب الحاد الذي باتت عليه تونس بعد عشر سنوات على الثورة, والتي اتخذت عنوانا «مركزياً» بين عناوين اخرى, تمثّل برفض رئيس الجمهورية استقبال حكومة المشيشي, بسبب وجود عشرة وزراء فيها تحوم حولهم شبهات فساد, وفق ما يُصرّ الرئيس سعيِّد، ما قابَله المشيشي برد فعل «تصعيدي» عبر تعديل وزاري «ثان» (دون التشاور مع الرئيس) طال خمسة وزراء, زُعِم انهم «محسوبون» على رئيس الجمهورية، علما ان الرئيس لا حزب له ولا كتلة برلمانية.
 
عملية تشويه سمعة رئيس الجمهورية وشيطنته, يقودها على نحو لافت محازبو ونشطاء حركة النهضة وخصوصاً رئيسها راشد الغنوشي, يتبعه في ذلك وإن كان بلا قاعدة جماهيرية رئيس الحكومة المشيشي, الذي رشّحَه/جاء به... الرئيس سعيِّد نفسه, ثم ما لبث (الأول) ان تمرّد عليه وناصبه العداء, مُتكئاً على دعم الغنوشي/النهضة وحزب قلب تونس (يرأسه نبيل القروي المسجون بتهمة الفساد).. ما منح المشيشي هامش مناورة، نحسب انه لن يسعفه كثيرا اذا ما وعندما تدخل الازمة مرحلة الحسم, التي لم تدخلها بعد. رغبة او أملا ربما من أطرافها بإمكانية تدوير زواياها قبل دخولها مرحلة اللاعودة, ما يضع البلاد امام مأزق خطير قد لا ينتهي على نحو سلمي, بعد أن وصل الاحتقان الشعبي ذروته محمولاً على بطالة غير مسبوقة وتدهور في الاحوال المعيشية, وانسداد الافق السياسي وبروز مؤشرات على استعادة خلايا الجماعات الارهابية النائمة بعض قواها وتبنّيه قتل أربعة جنود توانسة.
 
خصوم الرئيس سعيد يتّهمونه بالسعي الى اقامة نظام شبيه بنظام «الجماهيرية» الذي «اخترعه» العقيد الراحل معمر القذافي، دون ان يأتوا بأي دليل على رغبة هذا الفقيه «الدستوري» والاكاديمي المُتقاعِد باستنساخ نظام بائس كهذا. فضلا عن تسفيهِ الرئيس عبرالحطّ من «طريقته» في الحديث واستخدامه العربية الفصحى, ونعتِه بالإستعلاء والنظر الى مُستمعيه وزواره وهو يخاطبهم بانهم «تلامذة وجهلِة». ما يعكس إفلاس هؤلاء الذين لم يجدوا في مواقف الرئيس من محاربة آفة الفساد ورفضه التواطؤ معهم، خاصة اذا ما حُمَلوا حقائب وزارية, يقول خصوم سعيّد انهم سيُقالون حال ثبوت التهمة عليه وصدور احكام المحكمة. اي انهم يُصرّون على توزيرهم رغم «الظلال» الكثيفة التي تحيط بهم.
 
صحيح ان المحكمة الدستورية هي المُخولة بحسم مسألة ما اذا كان من حق الرئيس رفض استقبال الوزراء هؤلاء لآداء اليمين الدستورية ام لا، إلاّ انه صحيح جداً في حال عدم وجود مَحكمة كهذه (لم تُشكّل بعد), فان لا احد بمقدوره إجبار الرئيس على استقبالهم في غياب نص مُلزم.
 
والحال إن تهديد اتحاد الشغل التونسي بالإضراب, وخصوصا طلب الغنوشي المُفاجئ من الرئيس سعيّد, عقد لقاء للرئاسات «الثلاث» بهدف حل أزمة التعديل الوزاري, قد يُعبدان الطريق لتسوية مَقبولة, تكسِر حال المراوحة الراهنة وتكبح أزماتها...المُتدحرِجة؟