عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Sep-2022

الأحزاب السياسية.. بين البرامجية والشخصنة!* د. فايز بصبوص

 الراي 

في لقاء جلالة الملك وبحضور سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله الثاني مع النشطاء الشباب أخيراً في قصر الحسينية قال جلالته: «نريد أحزابا قائمة على برامج لا أشخاص» هذه المقولة الملكية تعكس بكل جوانبها أهمية المشاركة البرامجية في صناعة القرار من خلال تشكيلات حزبية تنطلق من أهمية وضع برامج استشرافية قادرة على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي هي أساس في الاستهداف الحزبي المنشود.
 
لذلك فإن تشكيل الأحزاب السياسية على أساس التجمعات أو الاجماعات، لن يخدم مشهدنا السياسي الذي نريد، ذلك أن بعضها جزء لا يتجزأ من الجهاز الإداري ولا يمكنها أن تصنع برامج قادرة على مواكبة التحولات الديمقراطية والمشاركة في صناعة القرار وسيادة القانون، ليس لأنها غير قادرة على توظيف تجربتها اتجاه برامج حقيقية تعالج المشكلات، إنما انطلاقاً من انها كانت جزءا لا يتجزأ من البيروقراطية الادارية، وهو ما يشكل مرتكزا لوعيها ومصدراً لحلولها أي إعادة إنتاج تلك النخبة ولكن بغطاء حزبي قائم على التجميع سالف الذكر وهو ما يجعلها عرضة للشخصنة، وإعادة إنتاج النخب وتضع كل ثقلها على قاعدة القدرات المالية والاغراءات المواقعية لتستمر في نهجها السابق ولكن بثوب ديموقراطي في الشكل وقائم على الكتلوية والمحاصصة الفردية في المضمون، وهذه الاحزاب لا يمكنها ان تبرهن انها ركيزة حزبية حقيقية القائم اصلا على الاستدامة والاستقرار الداخلي، وذلك واضح عندما ننظر الى سياسة التجميع النخبوي وهو احدى الركائز الاساسية للانقسامات والتفتيت الداخلي.
 
هذا ما نوه له بشكل غير مباشر جلالة الملك، فالاصطفاف على أساس الشخصنة يجهض مشروع الاصلاح السياسي برمته، وان التجمع او التجميع يجب أن يكون على اساس برامجي يعالج القضايا الوطنية الملحة، والقادر على خلق توازن حقيقي بين الثغرات والهفوات، وبين المنسوب الايجابي الذي تحقق في مئة سنة من التراكمات الماضية.
 
إذن فعلى الاحزاب السياسية وعلى هذا الحراك الحزبي النشط ان يأخذ بعين الاعتبار ما قاله جلالة الملك في سياق اعادة التصويب أو الانتساب.
 
انني لم الحظ خلال ذلك الحراك ان هناك صراعا برامجيا بين الكتل او التجمعات او التجميعات، وأن كل ما يطرح هو محاصصات قائمة على المواقعية والتوافق حول الأشخاص البارزة دون أي التفات إلى برنامج متكامل يطرح كبديل حقيقي وواقعي لبرنامج الحكومات ويتخطاها في سياق الحلول الواقعية وليس الذهاب الى غطاء الثغرات والهفوات الماضية كإحدى عقبات تنفيذ برامجها.
 
هذه قراءة اولية لما يخص التجميعات والاحزاب الفوقية تحت يافطة المدنية والبرامجية ساستكمل تلك القراءة في الجزء الثاني حول موقف التيار التقدمي والقومي واليساري.