"من أوراق حزيران 1967" لألفرد عصفور.. قراءة جديدة للنكسة
الغد-عزيزة علي
يعتمد الباحث الأردني ألفرد عصفور، في كتابه "من أوراق حزيران 1967، زيارة جديدة للنكسة"، الذي صدر ضمن سلسلة "فكر ومعرفة" التي تصدرها وزارة الثقافة، في مادته الأساسية، على المقابلة التاريخية النادرة التي أجراها الإعلامي الدكتور سمير مطاوع مع جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال العام 1984، وهي مقابلة تنشر كاملة للمرة الأولى في هذا الكتاب.
جاء الكتاب في ثلاثة فصول تتناول مجريات حرب حزيران؛ إذ يخصص الفصل الأول لعرض أحداث النكسة، بينما يتضمن الفصل الثاني شهادات تاريخية توثق تلك المرحلة، ويقدم الفصل الثالث وثائق أساسية تسهم في إضاءة حيثيات النكسة وتحليلها.
وكان مدير عام دائرة المكتبة الوطنية السابق، الدكتور نضال العياصرة، قد كتب مقدمة للكتاب أشار فيها إلى أن هذا العمل يشكل إضافة نوعية جديدة إلى مكتبة حرب حزيران، إذ يضم موضوعات سبق نشر بعضها، غير أن قيمته الحقيقية تكمن فيما تضمنه من نص المقابلة التاريخية التي أجراها الدكتور سمير مطاوع مع جلالة الملك الحسين بن طلال، أثناء إعداد مطاوع لأطروحة الدكتوراه التي تناول فيها الدور الأردني في تلك الحرب.
ويبين العياصرة أن هذه المقابلة تنشر كاملة للمرة الأولى في هذا الكتاب، بعد أن ظلت حبيسة الأشرطة المسجلة سنوات طويلة، وكان الدكتور مطاوع كثيرا ما يتحدث عنها ويحتفظ بها بغية أن يستند إليها في بحث جديد عن الحسين، إلا أن المنية وافته قبل أن يحقق حلمه.
ويرى الدكتور نضال العياصرة أن هذا الكتاب يمثل إضافة نوعية للدارسين والباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة، كما يعد مرجعا مهما للأجيال الجديدة التي قد لا تمتلك معرفة كافية بحيثيات ما جرى في الخامس من حزيران (يونيو) العام 1967.
فقد جاء هذا الكتاب ليقدم صورة واضحة ومفصلة تسهم في الكشف عما خفي من أسرار وتفاصيل ظلت حبيسة الملفات سنوات طويلة.
ويشير العياصرة إلى أن المقالات المنشورة في الكتاب تشكل عنصرا مهما في إيضاح وتعليل ما جرى في تلك الحرب ونتائجها، كما أن محاضرتَي رئيس الوزراء الأسبق الشهيد وصفي التل تمثلان شهادة شاهد عيان على النكسة، وفيهما من الأفكار والعبر والدروس ما يسهم في استجلاء حقيقة ما حدث، ويمنح القارئ حافزا لمزيد من البحث والدراسة لفهم أعمق لتداعيات تلك المرحلة.
وخلص الدكتور نضال العياصرة إلى أن دائرة المكتبة الوطنية، التي تعد حافظة ذاكرة الوطن ومستودع وثائقه، قد تسلمت من عائلة الدكتور سمير مطاوع الجزء الأكبر من مكتبته الخاصة، إلى جانب عدد من الوثائق والأوراق المهمة التي جمعها أثناء بحوثه ودراساته، مشيرا إلى أنه يغتنم هذه المناسبة لتقديم الشكر والتقدير لعائلة الدكتور مطاوع على هذه المبادرة القيمة.
أما المؤرخ والإعلامي الدكتور محمد عبد الحفيظ المناصير، عضو لجنة تاريخ الأردن، فقد كتب تقديما للكتاب، أشار فيه إلى أن هذا الكتاب يشكل قراءة جديدة في النكسة، من خلال أوراق حزيران 1967. ويقول "لم أقرأ كتابا تمكن من استجلاء حرب 1967 كما فعل هذا الكتاب"، موضحا أنه يتفرد باحتوائه على المقابلة التاريخية المطولة التي أجراها الإعلامي الدكتور سمير مطاوع العام 1984 مع جلالة الملك الحسين بن طلال.
ويرى المناصير أن هذا الكتاب يعد من الكتب النادرة التي تناولت حرب 1967 من منظور الطرف الخاسر في الحرب، ما يمنحه قيمة توثيقية ومعرفية استثنائية في فهم مجريات تلك المرحلة وتداعياتها.
ويقول المناصير إن ألفرد عصفور نقل مجريات حرب حزيران وما رافقها من مواقف وتحليلات استنادا إلى المقابلة الملكية التاريخية، مؤكدا أن الكاتب تمكن من تحليل هذه المقابلة النادرة التي لم تُنشر أو تُعرض على أحد من قبل بهذه الصورة الشاملة.
وقد استطاع عصفور أن يرسم تسلسل الأحداث وتداعيات الحرب من منظور أردني، مستكملا عرضه بنصوص من خطابات جلالة الملك الحسين بن طلال التي ألقاها بعد الحرب مباشرة، وفي الأمم المتحدة باسم الأمة العربية، وصولا إلى استصدار القرار الأممي 242.
ويرى المناصير أن المؤلف نجح في جمع وثائق بالغة الأهمية، من أبرزها، إلى جانب الخطاب المطول للملك بعد الحرب؛ اتفاقية الدفاع المشترك بين الأردن ومصر، وتقرير الفريق عبد المنعم رياض القائد العام للجبهة الشرقية، فضلا عن مقالات لكل من الدكتور سمير مطاوع والمؤلف نفسه.
ويضيف المناصير أن الكتاب يقدم، في سياق فكري وعسكري متكامل، رؤية معمقة لحقائق المعركة كما رواها الشهيد وصفي التل، إضافة إلى دروس التاريخ التي استلهمها المؤلف من فكر الملك عبد الله الأول حول النكبة، ومما تضمنته من مشاريع وحدوية كانت تسكن ضمير ووجدان الملك المؤسس، في سعيه إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرض العروبة.
وفي المقدمة والتمهيد، يوضح المؤلف ألفرد عصفور أن المادة الرئيسة للكتاب تتمثل في المقابلة التاريخية المطولة والمهمة التي أجراها الدكتور سمير مطاوع مع جلالة الملك الحسين بن طلال في لندن العام 1984، أثناء إعداد مطاوع لأطروحته للدكتوراه حول الأردن في حرب 1967.
ويضيف المؤلف أنه أرفق المقابلة بالتحليل والتعليق اللذين يلقيان مزيدا من الضوء على تفاصيلها ودلالاتها السياسية والتاريخية.
ويشير عصفور إلى أن الكتاب يضم، قبل عرض المقابلة، ثلاث مقالات حملت عنوانا جامعا هي مقالة "ضياع الممكن في سبيل المستحيل"، تتناول الحدث التاريخي من منظور سياسي وموضوعي، من دون الخوض في التفاصيل العسكرية الدقيقة، تاركا إياها للكتب المتخصصة في هذا المجال.
كما يتضمن الكتاب، وفق المؤلف، مجموعة نصوص أخرى مهمة، من بينها مقال له منشور في صحيفة الغد الأردنية يسلط الضوء على كتاب الدكتور سمير مطاوع "الأردن في حرب 1967"، الذي يعد أول كتاب من نوعه يناقش الحرب من منظور الطرف الخاسر.
وقد كتب هذا الكتاب أصلا باللغة الإنجليزية، وهو موجه إلى القارئ الغربي الذي تزخر مكتبته بالمؤلفات الإسرائيلية حول الحرب، فجاء ليقدم وجهة النظر العربية التي آن الأوان لأن تُسمع وتُقرأ.