الجريدة -
قليلون من قرأوا كتاب حسين علي الشرع الصادر عام 2020 بعنوان «ثورة الزويّة» 1920 - 1927، وأنا واحد منهم إلى أن أوصلنا إليه الصديق الطيب الدجاني مشكوراً.
الكتاب يتحدث عن جوانب من تاريخ «العشيرة» والأسرة ودورها في مقارعة الاستعمار الفرنسي على سورية، فوالد الجولاني، وقبل أن يخلع هذا القادم إلى فتح بلاد الشام ثوب «القاعدة» وأخواتها عنه أعطى للدور الذي تفتخر به العائلة عنواناً لافتاً وهو ثورة آل الشرع المنسية، وهي من الثورات المهمشة والغائبة عند معظم المؤرخين الذين كتبوا عن مرحلة مقاومة الانتداب الفرنسي.
حسين الشرع (والد الجولاني)، ولد في بلدة فيق في زويّة حوران جنوب الجولان عام 1944م، وسميت الثورة باسم «الزويّة» لكونها تقع على الزاوية، وتطل على منطقة وادي خالد في البقاع اللبناني، وآل الشرع، ومنهم فاروق الشرع، ما غيره نائب الرئيس الأسد ووزير خارجيته، هم الأقوى والأكثر نفوذاً في تلك الزاوية وبالثورة التي قادوها ضد المستعمر الفرنسي.
يتحدث الكتاب عن ثلاث عشائر أو مجموعات هم آل الشرع، وآل السلامات، والنعيم، وثورة «الزويّة» ضد الاستعمار الفرنسي كانت بقيادة طالب الشرع وأبناء عمومته، كانت واحدة من ثورات أخرى انطلقت في مناطق جغرافية متباعدة منها إبراهيم هنانو ويوسف العظمة، وهي بمعنى من المعاني قيادات وطنية تصدّت ببسالة للوجود الفرنسي الذي أطاح الحكم الملكي السوري بزعامة الملك فيصل الأول بن الحسين عام 1920.
بقيت سورية بحدودها الحالية مدة 25 عاماً تحت الاحتلال الفرنسي (1920 - 1945) إلى أن استقلت بجلاء آخر جندي أجنبي عنها عام 1946 وأصبح هذا اليوم عيداً وطنياً، وأهم رئيس للجمهورية السورية في عهد الانتداب الفرنسي هو السياسي والدبلوماسي محمد علي العابد (1932 - 1936) كان يجيد أربع لغات غير اللغة العربية، عرف عنه ولعه بالأدب الفرنسي والعلوم الاقتصادية.
اليوم نشهد فصلاً جديداً في تاريخ سورية بعد السقوط المدوي لحكم حزب البعث وآل الأسد، وبعد أن عرفت عدة انقلابات عسكرية منذ أيام حسني الزعيم إلى الانقلاب على شكري القوتلي وصولاً إلى نورالدين الأتاسي، ومن بعده أحد الخطيب عام 1971، أما حكم آل الأسد فقد استمر أكثر من 53 سنة متصلة!
الجولاني انخرط في «منظمات إرهابية» بحسب التصنيف الأميركي الذي لا يزال حتى اليوم، انقطع عنهم قبل عشر سنوات تقريباً، كما هي الروايات المتداولة، لكن النبتة الأيديولوجية التي تشرّب منها طرأ عليها تعديل جديد وبصورة مغايرة عما كانت عليه منذ دخوله مضمار «الجهاديين».
أين أحمد الشرع الآن وأين يقف؟ وما مشروع الدولة الذي يحمله أو يأخذ به؟ وأي نموذج يمكن أن يسير عليه وإن كانت المؤشرات تضعه في سلة «النموذج الأردوغاني» المعدّل؟
الأيام والأشهر القادمة ستكشف لنا هذا النموذج المنتظر، فما نراه اليوم قد لا يكون في الغد، لننتظر ونراقب ونرَ.