جوزيف بوريل وتقدير الجهود الملكية لوقف الحرب*د. حسن عبدالله الدعجة
الغد
تُعد القضية الفلسطينية واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية في التاريخ الحديث، حيث أثارت صراعاتها المستمرة اهتمامًا عالميًا واسعًا وساهمت في تشكيل السياسات الإقليمية والدولية. في خضم هذه التحديات، تلعب الدبلوماسية الأردنية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، دورًا حاسمًا في السعي نحو تحقيق السلام والاستقرار، وهو ما أكده الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، السيد جوزيف بوريل، الذي أشاد بالجهود الملكية المتميزة خلال الأزمة الأخيرة في غزة.
في ظل تصاعد العنف في غزة وتأزم الأوضاع الإنسانية، برزت الجهود الملكية الأردنية كعامل رئيسي في حشد المجتمع الدولي للعمل من أجل وقف إطلاق النار. فقد ركزت الدبلوماسية الأردنية، التي تتمتع بخبرة واسعة وحضور مؤثر، على تحقيق هدفين رئيسين: وقف التصعيد العسكري، والتخفيف من المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني.
من خلال اتصالاته المكثفة مع قادة العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، والجامعة العربية، استطاع جلالة الملك عبد الله الثاني تقديم رؤية متكاملة تستند إلى الحل السلمي الشامل. ووفقًا لتصريحات السيد بوريل، فإن الأردن كان «صوت العقل والدعوة إلى السلام» خلال الأزمة، مشيدًا بجهود الملك في تجسير الفجوات بين الأطراف المتصارعة وضمان استئناف الحوار السياسي.
لم تقتصر جهود الأردن على الجانب السياسي فقط، بل امتدت إلى تقديم الدعم الإنساني العاجل للفلسطينيين المتضررين من الحرب. من خلال الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، تم إرسال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة في وقت قياسي، مما عكس الالتزام العميق للمملكة بدعم الأشقاء الفلسطينيين.
علاوة على ذلك، كانت الجهود الأردنية الدبلوماسية تعمل جنبًا إلى جنب مع الجهود الإنسانية لتأمين وقف إطلاق النار. وقد أكد بوريل أن هذه الخطوات أسهمت بشكل كبير في تقليل المعاناة وإنقاذ الأرواح، مما يعكس رؤية الأردن الشاملة للحفاظ على كرامة الإنسان وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
في حديثه عن دور الأردن في دعم حل الدولتين، أشار بوريل إلى أن جلالة الملك عبد الله الثاني يعتبر أحد أبرز المدافعين عن هذا الحل كسبيل لتحقيق السلام العادل والدائم. وفي ظل محاولات تهميش القضية الفلسطينية، استمر الأردن في التأكيد على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
الأردن يرى أن حل الدولتين ليس مجرد خيار سياسي، بل هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يضمن حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، ويضع حدًا للصراع الطويل. هذه الرؤية كانت محورًا أساسيًا في جهود الملك الأخيرة، حيث سعى إلى إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية.
وفي هذا السياق، نوّه بوريل بالدور الأردني في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، حيث تتولى المملكة الهاشمية الوصاية على هذه المقدسات. وأشار إلى أن الحفاظ على الوضع القائم في المدينة المقدسة يُعد جزءًا أساسيًا من أي حل سياسي للصراع.
تشكل العلاقات الأردنية الأوروبية نموذجًا ناجحًا للتعاون الدولي في مواجهة التحديات الإقليمية. وقد أكد بوريل أن الاتحاد الأوروبي يعتبر الأردن شريكًا إستراتيجيًا في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. من خلال دعمه للحل السياسي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يعمل الأردن جنبًا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي لضمان احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.
السيد بوريل أشار أيضًا إلى أن الجهود الأردنية تُعتبر مصدر إلهام للدبلوماسية الأوروبية في التعامل مع الأزمات الإقليمية. فقد أثبتت المملكة قدرتها على التحرك بسرعة وفعالية في الأوقات الحرجة، مما يجعلها شريكًا لا غنى عنه في تعزيز السلام والاستقرار.
إشادة بوريل بالجهود الملكية ليست مجرد اعتراف دبلوماسي عابر، بل تعكس إدراكًا دوليًا متزايدًا لدور الأردن المحوري في المنطقة. فقد أصبح الأردن صوتًا قويًا للحكمة والاعتدال، ومثالًا على القيادة المسؤولة في مواجهة الأزمات.
وفي هذا السياق، يتفق العديد من قادة العالم على أن الجهود الأردنية ليست مجرد رد فعل للأحداث، بل هي جزء من إستراتيجية شاملة تهدف إلى بناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة في الشرق الأوسط.
أخيرا: إن مدح السيد جوزيف بوريل للجهود الدبلوماسية الملكية يعكس التقدير العالمي لدور الأردن في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، يواصل الأردن إثبات مكانته كعامل استقرار رئيسي وشريك أساسي في تحقيق حل الدولتين. وبينما يواجه العالم تحديات متزايدة، تبقى الدبلوماسية الأردنية نموذجًا يُحتذى به في التعامل مع الأزمات بحكمة وفعالية.