عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Nov-2020

لا مؤهلات ولا شريعة إنجاز*رمزي الغزوي

 الدستور

لماذا لا يجرؤ مفكرونا ومثقفونا وأدباؤنا على الترشح للانتخابات النيابية؟. بل نراهم يفضّلون اللوذ في برد صمتهم متمترسين في صومعة أنفسهم بعيدين البعد كله عن هذا العرس وتفاصيله؟. ولماذا لم نرَ المجتمع يطالب بهم، أو يحثهم على الانخراط في العملية؛ لأنهم الأجدر في تمثيلنا بمجلس تشريعي رقابي بفضل ما لديهم من مؤهلات وسعة اطلاع ورؤى وفكر وخبرات حياتية عميقة؟.
 
الكل يعرف الإجابة المؤلمة عن هذه التساؤلات. والكل يقرُّ بحق هؤلاء في أن يوفروا على أنفسهم مرارة الفشل وكسرة خيبة الأمل والبهدلة. فلو أن المتنبي شاعرنا الأكبر، وأبا حيان التوحيدي، وابن سينا وابن خلدون ترشحوا لانتخابات في مجتمعنا، دون دعائم مناطقية أو حزبية أو مالية؛ فلن ينالوا إلا السقوط. 
 
فآخر ما يفكر به كثير من ناخبينا هو مؤهلات المترشح أو قدراته أو رؤاه، أو جرأته وبعد نظره وسعة مداركه. الانتخابات تجرى لدينا بموازين ومقاييس أخرى. فكيف تريد ممن رضع مع حليب أمه أن أهم شيء في الحياة رفع اسم عائلته، وإقصاء من سواها في المجلس النيابي أو في أي محفل آخر. كيف تريد منه أن يغدو عادلاً فيختار نائبه على أسس عقلية منطقية؟. 
 
بموازاة هذا الألم سنجد أن ناخبين لا ينتخبون على أساس شريعة الإنجاز أيضاً،  ولا يقدرون الجهود، ولا يكافئون المجدين. فمن عجائب انتخابات المجلس النيابي 19 أن نائباً سابقة شهد لها الجميع بالجد والنشاط والعمل الدؤوب قد فشلت بالاحتفاظ بموقعها في المجلس.
 
وما كان مستغرباً أن يأبه الناخبون بالفن والثقافة والإعلام، فقد ترشح منهم أكثر من 25 ولم ينجح إلا ثلاثة: اثنان بدعامة مناطقية، وثالث برافعة حزبية. 
 
قبل أيام من الانتخابات بعث لي شاب متحمس متعلم ومثقف من عائلة صغير في مدينة تحتكم دوما إلى الكثرة الكاثرة في العدد. قال لي: يبدو أن لا بصيص ضوء يلوح في عتمة نفقنا الطويل. وأن لا سبيل أن يصل واحد مثلي إلى النيابة، حتى ولو كنت بمقام آينشتاين أو بيل غيتس أو شكسبير. فقلت له: عليك أن تصنع نفسك بغير هذا الطموح. الوطن ينتظر منك الكثير في مجالات أخرى. والأحوال قد تتغير. فدعنا لا نقطع خيط الأمل.