عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Mar-2021

عاتبني بعض الأصدقاء عندما قلت قبل أيام أن الشعب أيضاً هو مسؤول مسؤولية مباشرة كما الحكومات عن الكثير من مصائبه...* زيد النابلسي

فيسبوك - 

 عاتبني بعض الأصدقاء عندما قلت قبل أيام أن الشعب أيضاً هو مسؤول مسؤولية مباشرة كما الحكومات عن الكثير من مصائبه...

 
وربما قد أسيء فهمي لأني لم أبريء الحكومات من مسؤوليتها المباشرة، وإنما قلت أن هذه الحكومات لم تأت من الفضاء، بل هي من صلب هذا الشعب وتشكل مرآة حقيقية له بكل تناقضات أطيافه وتنوعها...
 
وسأشرح لكم مرة أخرى سبب انعدام ثقتي بأن شرائح كبيرة من الشعب على درجة من الوعي الكافي لكي تدرك حقاً خلاصها...
 
فعلى سبيل المثال، من يعشق من هذا الشعب في قرارة نفسه الرئيس إردوغان ويمجده ولا يرى في استبداده وقمعه لعشرات الآلاف وزجهم في السجون أي مشكلة، فأنا لا أثق به عندما يأتي ويحاضرنا عن الظلم والاستبداد...
 
ومن لا يرى في سرقة إردوغان ونهبه لمصانع حلب وبيعه للنفط السوري المسروق لحساب عائلته وأصهاره أي عيب أو ناقصة، فأنا لا أثق به عندما يشكو من الفساد... 
 
ومن يرى في صدام حسين زعيم الأمة وخلاصها وخير من ولدت أمهاتها، فأنا لا أثق به عندما يشكو من الدكتاتورية وانعدام الديمقراطية...
 
ومن أمضى دهراً وهو يدعم ويؤيد عصابات قاطعي الرؤوس في سوريا ويدعو لها بالنصر في كل خطبة جمعة، فأنا لا أثق به عندما يطالب بحقوق الإنسان...
 
ومن يحلم بعودة الخلافة وبجعل المسيحيين أهل ذمة ويريد تخييرهم بين دفع الجزية أو القتل، فأنا لا أثق به عندما يطالب بالمساواة وبعدالة الضرائب...
 
ومن يعتقد أن المرأة عورة وناقصة عقل ودين ومولودة من ضلع أعوج ويؤيد جرائم الشرف ويؤمن أن لباس المرأة هو سبب غضب الله علينا، فأنا لا أثق به عندما يطالب بالحرية والانعتاق...
 
ومن يخرج بالآلاف لاستقبال شيوخ الدجل من أمثال العريفي ويملأ له ملاعب كرة القدم، ومن يبجل شيوخ الإرهاب مثل القرضاوي ويرى في التكفيري الأول ابن تيمية شيخاً للإسلام، فأنا لا أثق به عندما يدعي التسامح ويتبرأ من التطرف...
 
ومن ينتخب نواباً شبه أميين يعتقدون أن مهرجان جرش هو سبب الزلازل وأن كارثة أطفال البحر الميت سببها الملاهي الليلية وسفور المرأة، ومن يقبض مالاً مقابل صوته أو يسكت على شراء الأصوات، فأنا لا أثق به عندما يطالب بانتخابات حرة وقانون انتخاب عصري...
 
ومن لا يحترم الطابور في المخبز أو على الإشارة الضوئية ويأخذ دور غيره، فأنا لا أثق به عندما يطالب بدولة سيادة القانون...
 
ومن يرمي القمامة في كل أنحاء وشوارع وأحراش بلده حتى تحولنا إلى مزبلة شاسعة مترامية الأطراف، فأنا لا أثق به عندما يلقي قصائداً في حب الوطن...
 
ومن هاج وحرض ونفث سمومه وطالب علناً وعلى رؤوس الأشهاد بذبح نبي الوطنية الأردنية الشهيد ناهض حتر وشمت بمقتله وفرح مع الفرحين، فأنا لا أثق به عندما يتحدث عن قدسية حياة الإنسان... 
 
ومن يخرج في كل مناسبة ليذكرنا بتحريم معايدة المسيحيين بأعيادهم وتحريم الترحم على موتاهم، فأنا لا أثق به عندما يتحدث عن دولة المواطنة والحقوق الدستورية للمواطنين...
 
ومن يخرج علينا ببذاءاته وأحقاده وشتائمه وجهله وانعدام ثقافته عند وفاة مناضلة تسعينية أفنت حياتها في محاربة العبودية والظلم أمام طوفان جارف من التخلف الاجتماعي والديني مثل الدكتورة نوال السعداوي، فأنا لا أثق به عندما يشكو من غياب العدالة الاجتماعية...
 
القائمة تطول، والأغلبية الساحقة من شعبنا العزيز تندرج تحت واحدة أو أكثر من الشرائح أعلاه، فعن أي شعبٍ تتحدثون؟
 
طريق الإصلاح طويلة ووعرة ومتعرجة، ولكنها تبدأ أولاً بإصلاح العقول والنفوس قبل المطالبة بإسقاط الحكومات والرؤوس...