فلسطين من حلِّ الدولتين إلى حلِّ الدولة الواحدة ...! (1-3) - د.عبد الرحيم جاموس
الدستور- لم تكن فلسطين أرضاً فراغا منذ بدء الخلق هي ملك سكانها، فقد شهدت فلسطين إنشاء أول الحضارات الإنسانية على الإطلاق، ففيها أول مدينة أقامها الإنسان على الكرة الأرضية (مدينة أريحا) ليس المقصود من ذلك البحث في قيمتها التاريخية فقط بقدر ما نريد أن نؤكد على حقيقة تاريخية إنسانية إجتماعية سياسية قانونية، وهي أن فلسطين ملك شعبها الفلسطيني من نهرها إلى بحرها، وما العدوان الإستعماري الذي تعرضت إليه في بدايات القرن العشرين وتواطئ قوى الإستعمار البريطاني والعالمي مع الصهيونية العالمية لشطب هذا الإقليم وشطب حقوق شعبه العربي الفلسطيني فيه، وعدم تمكينهم من بناء دولتهم وإستقلالهم ومستقبلهم أسوة ببقية الشعوب المستعمرة والمنسلخة عن الدولة العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين، وإقامة الكيان الصهيوني على الجزء الأعظم من إقليم فلسطين مع منتصف القرن المنصرم، وإستغلال حالة الضعف العربي والظروف الإستعمارية التي كان يخضع لها العالم العربي بما فيه دوله المستقلة آنذاك والذي مكن من تمرير المؤامرة وتمزيق إقليم فلسطين وتشريد معظم الشعب الفلسطيني، إن ذلك لا يفقد الشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية والإجتماعية والقومية والسياسية في وطنه فلسطين كل فلسطين، لقد إرتسمت الكارثة وبصورة تراجيدية محزنة عند منع شعب فلسطين من مقاومة الإستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية، ودخلت الجيوش العربية عام 1948م ومنيت بهزيمتها الكبرى مخلفة النكبة الكبرى، وتوجت هذه الهزيمة بتوقيع إتفاقات الهدنة في جزيرة رودس 1949م بين دول عربية مع الكيان الصهيوني الوليد وترسيم خطوط الهدنة ووضع المراقبين الدوليين وقوات الطوارئ الدولية لتحرس هذه الحدود وحالت دون السماح للشعب الفلسطيني من إختراق هذه الخطوط ومقاومة المحتل الغاصب لوطنه، والحقت بقية الأراضي المتبقية من فلسطين، قطاع غزة بمصر، والضفة الغربية بالأردن، لتكتمل أركان الجريمة بضياع هذه الأجزاء في حرب 1967م وإعتبارها نكسة، لم يستسلم الشعب الفلسطيني لهذه الجريمة الكارثية التي حلت به فقد إنطلق في منتصف ستينات القرن الماضي 01/01/1965م بثورته المعاصرة، ليخلخل أركان العدو الصهيوني، ويفرض نفسه من جديد ويوقف سياسة التغييب والشطب له من جغرافية المنطقة والإقليم، وينتزع إعتراف العالم به بما فيه الكيان الغاصب نفسه، فالشعب الفلسطيني حقيقة واقعة عصية على الإنكار أولاً بفعل تواصله وإستمراره فوق أرضه في الأراضي المحتلة عام 1948م وكذلك فيما أحتل في العام 1967م، وتمسك اللاجئين الفلسطينيين بحقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم، وإعادة بناء حياتهم ومستقبلهم في فلسطين، وتعاطياً مع النظام الدولي القائم والمنحاز للعدوان الصهيوني ومع ما يسمى بشرعيته الدولية وقراراته المائعة التي لم يجد أي منها طريقه للتنفيذ، وتماشياً مع الأوضاع العربية التي لا زالت كارثية ولا تسرُ الصديق، يقبل الفلسطينيون بحل واقعي يؤدي إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والتي من شأنها إنهاء الإحتلال الصهيوني للأراضي المحتلة عام 1967م وتمكينه من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وحل مشكلة اللاجئين وفق القرار 194 القاضي بالعودة والتعويض، ولكن مع هذه الميوعة في الموقف الدولي وفقدان قراراته قوة الإلزام والتنفيذ، والتداعي والتراخي العربي، واصل الكيان الصهيوني إحتلاله الأراضي والتنكر لكافة القرارات الدولية، وواصل سياسته الإستيطانية وإجراءاته العدوانية الهادفة إلى عدم التمكين من إقرار حل واقعي يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية ..
..يتبع