ھآرتس
في ذروة عاصفة اختراق الھاتف المحمول لبني غانتس وصلت أمس مذكرة قصیرة ومؤلمة للحیاة نفسھا. العملیة القاسیة في اریئیل التي قتل فیھا جندي تدل على أن الساحة الفلسطینیة تفور وستستمر كما یبدو في الغلیان على الاقل في الأسابیع الثلاثة المتبقیة حتى موعد الانتخابات.
السؤال لیس إذا كانت المرحلة الاخیرة من الانتخابات ستجري في ظل تصعید أمني. فالتصعید
بات ھنا. وفقط ابعاده النھائیة وتأثیره السیاسي لم تتضح بعد.
رجال دعایة اللیكود سیواصلون الحدیث عن العقد الأمني الھادئ في تاریخ إسرائیل. فعلیا، أولا،
قوات الاحتلال الخاصة تحتشد للبحث عن منفذي العملیة الفدائیة التي أسفرت عن مقتل جندي إسرائیلي ومستوطن بالضفة حسب الروایة ھذا أمر نسبي؛ ثانیا، الھدوء النسبي تبدد فعلیا قبل بضعة أشھر؛ ثالثا، لیس مؤكدا أنھ للخصوم من أزرق ابیض توجد بالضرورة حلول أفضل، حتى لو كان ثلاثة من رؤساء الاركان السابقین یقفون على قمة القائمة.
في ھذه الاثناء أول من سارع إلى نشر رد حتى قبل أن یتبین وضع المصابین ھي الوزیرة میري ریغیف، تلك الھدیة التي منحھا الجیش الإسرائیلي لشعب إسرائیل. وریغیف وجدت كالعادة المتھم الفوري بالعملیة – عضو الكنیست احمد الطیبي ومعھ من الشركاء الطبیعیین حسب رأیھا، رؤساء ازرق ابیض.
أیضا حزب الیمین الجدید نشر على الفور ردا اوتوماتیكیا، یتلاءم مع سلسلة رسائلھ الایدیولوجیة. بینیت وشكید اتھما كالعادة المحكمة العلیا والنیابة العامة بتقیید ایدي الجنود، رغم عدم وجود أي دلیل للتردد اظھره الجنود، وحتى أن التقدیر المنطقي ھو أن العملیة نجحت بسبب استغلال نقطة ضعف عملیاتیة مثل مستوى الحذر لقوة الحمایة.
كما كتب ھنا مؤخرا، في المناطق وفي القدس في ھذه الأیام خلیط متفجر یمكنھ أن یثیر عاصفة
كاملة. في الحرم أمرت أمس المحكمة الشرطة باغلاق مبنى باب الرحمة الذي فتحتھ الاوقاف
بدون اذن. في الضفة الغربیة تظھر منذ بضعة اسابیع زیادة في محاولات تنفیذ العملیات.
التنسیق الأمني مع السلطة الفلسطینیة یمكن أن یتآكل، كما حذرت اجھزة الاستخبارات بسبب
الأزمة الاقتصادیة بین إسرائیل والسلطة (حول المساعدة الفلسطینیة للسجناء) الذي أدى إلى
قرار محمود عباس تقلیص نصف رواتب الموظفین في الضفة.
ولكن القنبلة الأكبر تتكتك في قطاع غزة. الأموال القطریة لم تخفف بصورة كافیة الازمة الاقتصادیة ھناك التي فعلیا تزداد شدة بسبب ضائقة الأموال لدى حماس، التي تحصل على مساعدة اقل من الخارج. ربما أن ھذا یساعد بدرجة ما في زیادة التوتر الداخلي في القطاع بین من یحظى بفتات من قطر ومن لا یحصل حتى علیھ.
مظاھرات الاحتجاج ضد سلطة حماس التي بدأت في الأسبوع الماضي تضغط على قیادة حماس، ویبدو أنھا حققت نجاحات معینة. في ھذه الظروف من غیر المستبعد أن یتم اطلاق المزید من الصواریخ، بالخطأ أو بشكل متعمد، بعد الاطلاق على منطقة دان یوم الخمیس الماضي. الوفد المصري الذي جاء إلى غزة أمس یحاول اخماد ھذه النار بواسطة الوعد بعدد من بوادر حسن النیة التي تأمل مصر وإسرائیل أن تھدئ القطاع حتى موعد الانتخابات الإسرائیلیة في 9 نیسان وربما بعدھا بقلیل.
العملیة صباح أمس في مفترق اریئیل تذكر بصفاتھا بالعملیة الشدیدة التي حدثت في المنطقة
الصناعیة برقان المجاورة في تشرین الأول الماضي. حینھا قتل عامل فلسطیني بالنار من رشاش قدیم من نوع كارلو مواطنین إسرائیلیین. الشخص لیس فقط نجح في الھرب، بل بصورة استثنائیة تھرب من محاصرة الشباك والجیش خلال شھرین تقریبا. في فحص للوراء تبین أنھ عمل وحده ولیس كجزء من تنظیم. لقد استعان بعد عملھ بالمساعدة من أقاربھ واصدقائھ من اجل الاختباء. المخرب أمس مثل سابقھ خرج لحملة قتل واستعان بسلاح خطفھ من شخص بعد أن طعنھ.
حماس بشكل خاص، ولكن أیضا وسائل الإعلام المتماھیة مع فصائل فلسطینیة اخرى، تحرض بشكل ثابت على اعمال ارھابیة في الفترة الاخیرة، وأیضا على خلفیة الازمات في الحرم وغزة.
رغم أنھ یبدو أن حماس مترددة بالنسبة للمواجھة في غزة خشیة من رد إسرائیلي شدید (حیث
ھذه المرة لن یتوفر لھا مساعدة مالیة فوریة لاعادة الترمیم بالملیارات كما حدث بعد عملیة الجرف الصامد في 2014 ،(في موضوع الضفة لیس لھا أي تردد. تصعید أمني في الضفة، الذي سیضر بصورة أكبر بالتنسیق بین إسرائیل واجھزة استخبارات السلطة، سیكون تطورا جیدا بالنسبة لھا.
حتى لو كان من نفذ العملیة أمس قد عمل بشكل مستقل فإن ھذا العمل یتم على خلفیة خصبة من التحریض. وكالعادة في ھذه الظروف فإن القلق في الأجھزة الأمنیة یتعلق بالدمج بین الازمة المحددة وامكانیة أنھ بالھام من نجاح المخرب صباح أمس، ستتطور ھنا موجة عملیات تقلد عملھ