عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Sep-2019

حــرائق غابــات الأمــازون - فرانسيسكو كارلوس سواريس لوس

 

 - سفير البرازيل
الدستور - بالإشارة إلى مجموعة من المقالات المكتوبة حول حرائق غابات الأمازون، والمنشورة في الآونة الأخيرة في عدد من الصحف الأردنية، ورداً على تلك المقالات، والتي تعطي القارئ صورة مقلقة وغير دقيقة ومبالغا بها حول هذه المشكلة، فإنني أرغب في توضيح النقاط التالية: 
 
أ. على الرغم من اشتعال الغابات في العديد من قارات العالم، لماذا يتم اعتبار حرائق الأمازون بشكل حصري سبباً في حدوث أزمة دولية، علماً بأن تلك الحرائق ووفقاً لوكالة ناسا تقع تقريباً ضمن المعدلات المسجلة خلال الـ(15) عاماً الماضية، إذ تعاني عشرات الدول من ذات المشكلة، وأحياناً تكون بشكل أوسع وأشد من تلك الواقعة في البرازيل، ومع ذلك فإنه لم يتم تحديد أي منها على وجه الخصوص.
ب. مع أن عدد سكان البرازيل يتجاوز تقريباً 210 ملايين نسمة والذين يعيشون في مساحة 8,516 مليون كم2، فإن البرازيل تعتبر واحدة من أكبر عشر دول على مستوى العالم والتي تعمل على حماية بيئتها والمحافظة عليها (24,6% من الأراضي البرازيلية عبارة عن مناطق محمية)، بالمقابل فإن 10,9% فقط هي نسبة المناطق المحمية في الدول التسع الأخرى (باستثناء البرازيل).
ج. وفقاً للمصادر الدولية، فإن أكثر من 66% من الأراضي البرازيلية لا تزال مزروعة بالنباتات المحلية، وتلك النسبة يحسدها عليها معظم دول العالم. وإذا ما نظرنا إلى كل من المناطق المحمية المأهولة بالسكان الأصليين (والتي تشكل 13,8% من الأراضي أو ما يعادل 1,175 مليون كم2 الإجمالية أو ما يعادل 885,664 كم2)، فإن مساحة هذه المنطقة ستغطي كافة أراضي بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وإسبانيا والمملكة المتحدة.
د. علاوة على وجود جانب نوعي على قدر كبير من الأهمية في المناطق المحمية البرازيلية: إذ أن معظم المناطق المحمية الواقعة في العديد من الدول ذات الأبعاد القارية عبارة عن صحارى أو مناطق قطبية جبلية، والتي لا يمكن استخدامها في الزراعة أو حتى إقامة حياة بشرية مستدامة عليها، أما البرازيل، فإن المناطق المحمية تعتبر تقريباً ودون استثناء صالحة للسكن وتتميز بتنوع بيولوجي غني، وتشكل أنشطة الأعمال التجارية الزراعية في البرازيل ما نسبته 30% فقط من الأراضي: يستخدم حوالي 9% منها للمشروعات الزراعية أو الحرجية (من الجدير بالذكر بأن هذه المنطقة أصغر من المساحة المخصصة للمحميات المأهولة بالسكان الأصليين) وأما نسبة الـ21% المتبقية فإنها تستخدم للماشية، حيث تتجول قطعان الماشية فيها بكل حرية.
هـ. في الواقع، إن إزالة الأشجار في الغابات المطيرة البرازيلية في انخفاض مستمر وواضح وذلك ضمن توجه طويل الأمد. فمنذ عام 2004 وحتى يومنا هذا، انخفض المعدل السنوي لإزالة الأشجار في غابات الأمازون البرازيلية من 27700 كم2 إلى 7500 كم2 في العام الماضي (أي انخفض بنسبة 72%!)، ولا توجد أي علامات تدل على أنه سيتم تغيير هذا التوجه في العام الحالي.
فعلى العكس من ذلك، لقد أوضحت الحكومة البرازيلية من خلال البيانات العامة والمبادئ التوجيهية لسياستها بأنها ملتزمة بشكل تام بمكافحة ممارسات إزالة الغابات غير المشروعة (وغيرها من الأنشطة غير القانونية الأخرى) إلى جانب تأكيدها على مواصلة تعزيز الإجراءات الملموسة لحماية البيئة والمحافظة عليها،وإن غابات الأمازون تشكل جزءا هاما من الإرث والهوية البرازيلية ونحن فخورون بالحفاظ عليها.
و. يتمثل التحدي الرئيسي الذي نواجهه في منطقة الأمازون في مكافحة الممارسات غير المشروعة، حيث أن 70% من عمليات إزالة الغابات تحدث خارج نطاق المحميات والممتلكات الريفية، والتي تتم على وجه التحديد في الأراضي العامة أو غير المسجلة، بالإضافة إلى غيرها من الممارسات غير القانونية مثل الصيد الجائر وغيرها، وهي غير مرتبطة بالأنشطة الزراعية أو الحيوانية.
ز. تبدو محاولة ربط أنشطتنا التجارية الزراعية شديدة التنافسية بمسألة إزالة الغابات في منطقة الأمازون ملائمة جداً بالنسبة لكبار منافسينا الدوليين، إذ أن البعض منهم مهتم جداً بتكوين صورة سلبية حول منتجاتنا الغذائية، وذلك لغايات الحفاظ على حصصهم في السوق أو حتى للححصول على مزايا من أسواق معينة. إن البرازيل تعي تماماً بأنه ولتكون رائدة على مستوى العالم في مجال تصدير المواد الغذائية فإنها لن تلجأ إلى أي من الممارسات غير المستدامة أو تلك التي يمكن أن تلحق الأضرار بالبيئة.
ح. ومما تجدر الإشارة إليه بأن الالتزامات البيئية للبرازيل أكثر طموحاً من معظم دول مجموعة العشرين الأخرى (G-20)، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، تعتبر البرازيل واحدة من الدول الثلاث الوحيدة من تلك المجموعة -إلى جانب الصين واليابان- والتي «تسير في الاتجاه الصحيح» نحو تحقيق المساهمات المحددة على المستوى الوطني الخاصة بكل منها. علاوة على ذلك، ومن ضمن كبرى الدول النامية، تعد البرازيل الدولة الوحيدة والتي تتبنى أهدافاً مطلقة لتخفيض الانبعاثات الناجمة عن صناعاتها بشكل كامل.
ط. كما وأن الاعتقاد السائد المتمثل في اعتبار غابات الأمازون تشكل «رئتي الكوكب» قابل للنقاش من قبل العديد من الخبراء، مثل مايكل شيلنبرغ، والذي كتب مقالا في الآونة الأخيرة وتم نشره في مجلة فوريس تحت عنوان «لماذا يعتبر كل ما يقال حول غابات الأمازون خاطئ بما في ذلك كونها تشكل رئتي العالم»). يعتقد العلماء في الوقت الحالي أن المحيطات هي أكبر مصدر للكربون : ويقدرون أن 93% من ثاني أكسيد الكربون على الأرض يتم تخزينها في الطحالب والغطاء النباتي والشعب المرجانية تحت سطح البحر والتي تستمر في التدفق في المحيطات. نحن لا ننكر أن حيوم «المواطن البيئي» الأمازون يلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على توازن البيئة في كوكبنا، إلا أنه ليس بالأهمية التي يرغب العديد أن نقوم بتصديقها.
ي. يعلم الخبراء أن المشكلات البيئية الرئيسة في العالم لا تكمن في الأمازون بل في أماكن أخرى، لا سيما فيما يتعلق باستهلاك الوقود الأحفوري من قبل الدول المتقدمة. وحتى في هذا المجال، لدى البرازيل سجل أفضل من غيرها، نظراً لما تمتلكه من مصفوفة للطاقة المتجددة والنظيفة والتي تعمل على توفير وقود للسيارات صديق للبيئة وأقل انبعاثاً وكذلك تزويد منازلنا بالكهرباء المنخفضة الثمن.
ك. وفي الختام، تعطي بعض من تلك المقالات انطباعاً لدى القارئ بأن الحكومة البرازيلية مصابة بالعجز، وحتى بأنها ليس لديها الاستعداد لمواجهة هذه المشكلة. أما في الحقيقة وعلى أرض الواقع، تعمل الحكومة الفدرالية، بما في ذلك القوات المسلحة والولايات والبلديات، على محاربة حرائق الغابات والحد من آثارها. علاوة على ما سبق، فإن العروض «الصادقة» لتقديم المساعدة، إن لزم الأمر، هي موضع ترحيب دائم من البرازيل، إلا أنه ومن غير المقبول استغلال هذه القضية لتحيل الانتباه عن المشاكل الحقيقية والأكثر إلحاحاً في العالم، فمن المؤكد بأن حرائق غابات الأمازون ليست على رأس تلك القائمة.