عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jan-2025

النمري يكتب: نكبة غزة في جدل النصر والهزيمة
عمون
 
جميل النمري
 
جدل النصر والهزيمة في الحرب على غزة تغميس خارج الصحن. هذه لم تكن حربا بين دولتين وجيشين ليدحر احدهما الآخر. كانت حملة عسكرية بربرية من دولة احتلال فاشية عنصرية على شعب أعزل في مساحة صغيرة محاصرة. وربما شاع الوهم عند البعض بقدرة المقاومة على النصر بجعل كلفة الاجتياح البري باهضة جدا لدرجة اندحار قوات الاحتلال وربما تعزز الوهم بانفتاح جبهة الاسناد من لبنان،
 
لكن الوهم انقشع مع توغل الاحتلال لكل مكان في القطاع ثم سحق حزب الله واسكات جبهة الشمال. انما المعجزة التي حصلت فهي فشل الاحتلال في الوصول الى الأسرى أحياء او قتلى فلم يعد هناك اي مهل اضافية امام نتنياهو بعد ان ابلغه ترامب ان الوقت نفذ فاضطر لقبول وقف اطلاق النار دون أن يصنع صورة النصر الذي حدده وهو: القضاء على حماس واستعادة الأسرى وادامة السيطرة الأمنية على القطاع. فكانت الموافقة بالنسبة لقلبه الأسود مثل تجرع السم.

الصفقة كما اكد بايدن هي نفسها التي تبنتها الولايات المتحدة في ايار الماضي ووافقت عليها حماس وهي جاءت بعد سبعة اشهر طويلة من بدء العدوان واستمر نتنياهو يراوغ لسبعة اشهر اخرى بلا نتيجة سوى المزيد من الفضائع حتى ان الجيش بات يعود الى كل منطقة وحي في القطاع المرة تلو المرة ويهجر السكان من مكان الى مكان دون الوصول لهدف او نتيجة. وكان آخر ما في جعبة الإحتلال "خطة الجنرالات" لاحتلال شمال غزة وتفريغه من السكان قبل الموافقة على وقف النار لكن هذا كان يعني افشال الصفقة وعدم استعادة الأسرى. واصبح واضحا ومحسوما بعد 14 شهرا ان صورة النصر الكامل كما ارادها نتنياهو لن تتحقق. وبهذا المعنى فالصفقة كانت بلا شك هزيمة مخزية لنتنياهو ومشرفة لحماس والمقاومة وشعب غزة مع ان مخاطر الخرق والتحايل قائمة في اي محطة كما هي احتمالات عودة الاحتلال بعد استعادة الاسرى.

الفرح بوقف الحرب وبالصفقة شيء والتغني بالنصر شيء آخر وأخطر ما فيه التمويه على حقيقة ان ما حصل لم يكن حربا ينتصر فيها طرف على طرف بل كان جريمة العصر التي لا تماثلها جريمة وأمكن ان تحصل لأن فائض القوة المطلقة امكن استخدامها ضد شعب بلا حماية من أي نوع وامام عالم رضي أن يكون شاهد عيان على جربمة ابادة جماعية تجري على مدار 14 شهرا كما لم يحصل في اي زمان ومكان آخر.

البطولة الأسطورية لرجال المقاومة وفي مقدمتهم الشهيد القائد السنوار لم يكن مقدرا لها ان تصنع نصرا ولا ان تدحر الاحتلال بل فقط ان تكون موجودة وتطلق النارقدر ما تستطيع كإعلان عن رفض الاستسلام الى ان تنجح الضغوط بفرض الصفقة ووقف النار.
النكبة التي لحقت بالفلسطينيين تتجاوز من حيث حجم الخسائر ما لحق بهم في نكبة 48 وكل الحروب اللاحقة لكن الفارق الذي نستطيع ان نبني عليه هو فشل التهجير وكان هدفا رئيسيا الى جانب الابادة الجماعية الانتقامية اللئيمة التي استمرت حتى في المسافة الفاصلة بين اعلان الصفقة وبدء تنفيذها.

هل كانت المحصلة النهائية من المكاسب والخسائر تستحق هجوم 7 اكتوبر 2023؟ هذا موضوع نقاش مفتوح يصعب عزله موضوعيا عن التجيير السياسي من كل طرف وقد لا نملك ترف الوقوف عنده فالصراع مستمر ومفتوح والضفة الغربية هي الهدف القادم. والمهم ان لا نعود الى المربع الأول وتذهب تضحيات الفلسطينيين هدرا فقد أعادت قضية الاحتلال الى الصدارة مع تعاطف دولي واسع وانكشاف اجرام الاحتلال. يجب استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية والاتحاد العربي حولها ووحول المقاطعة لدولة الاجرام. ثم وفوق كل شي لا مسامحة ولا غفران لجرائم الحرب ولا لقائدها نتنياهو. جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم ويجب استمرار العمل القانوني لتوثيق وملاحقته كل المتورطين فيها امام المحكمة الجنائية الدولية.