عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Jul-2024

خياران أحلاهما مُر*احمد ذيبان

 الراي 

خلال الأسبوعين الماضيين حظيت الانتخابات الرئاسية الإيرانية باهتمام وسائل الإعلام، خاصة بعد الجولة الأولى التي لم يحصل فيها أي من المرشحين الستة على الغالبية المطلقة من أصوات الناخبين، فضلاً عن تدني نسبة المقترعين في الجولة الأولى الى حدود 40 بالمئة، وكانت النتيجية الطبيعية وفقاً للدستور الإيراني أن تنحصر المنافسة في الجولة الثانية بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى الأصوات، وهما المرشح الذي يوصف بالاصلاحي «مسعود بزشكيان» والمحافظ سعيد جليلي. وكانت النتيجة فوز بزشكيان بمقعد الرئاسة، مع الإشارة إلى أن المرشح الخاسر سعيد جليلي عمل كبير المفاوضين النوويين السابق، كما أدار في عام 2001 مكتب خامنئي لمدة أربع سنوات.
 
وفي كل الأحوال أياً كان اسم وتصنيف الرئيس المنتخب، فأن الكلمة الفصل في القضايا الاستراتيجية مثل السياسات النووية والخارجية يمسك بها خامنئي، وسط مزيج معقد من الحكام الدينيين والمسؤولين المنتخبين!
 
ووصف إصلاحي هنا لا يعني الخروج عن منهجية النظام واستراتيجية، وسبق ان وصل الى رئاسة الجمهورية محمد خاتمي، وكان يصنف ضمن الاصلاحيين لكنه لم يتمكن من إحداث تغيير جوهري في سياسات إيران، وعلى الأرجح لن تكون فرص الرئيس الجديد أفضل وربما أكثر صعوبة، رغم أنه أمضى عشرات السنين في خدمة نظام «ولاية الفقيه» منذ عام 1979 في مواقع مختلفة، ويمكن اعتباره حسب وصف منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة بأنه «أصولي متطرف في ملابس إصلاحية"!
 
ومن هنا يمكن تفسير أن بزشكيان بدأ عهدته الرئاسية بكلمة ألقاها، من أمام ضريح المرشد الأعلى السابق روح الله الخميني، في إشارة واضحة إلى إنه يسعى للحصول على دعم المرشد الحالي علي خامنئي، من أجل تحقيق وعوده الانتخابية التي ربما تواجه رفضاً كبيراً، من جانب البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون.
 
ولم يخف الرئيس الجديد إدراكه لحقيقة أنه رهينة لمباركة المرشد الأعلى لتسهيل عمله، بقوله أنه «يعوّل على دعم القيادة العليا الحكيمة من أجل الخروج بإيران من أزماتها"!
 
ومن بين أبرز الوعود الانتخابية التي طرحها بزشكيان، العمل على إحياء الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، وإعادة النظر في مسائل مهمة من بينها مراقبة الإنترنت وطريقة ارتداء السيدات للحجاب، فضلاً عن معالجة أزمات الاقتصاد الإيراني.
 
ولتوضيح الصورة أكثر ينبغي الإشارة إلى الشروط، التي يجب توفرها بالمرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية، وهي مطبوخة بعناية فائقةبما يخدم نظام ولاية الفقيه، وأول هذه الشروط أن يحصل المرشح على موافقة «مجلس صيانة الدستور»،
 
وهو هيئة دستورية مسؤولة عن مراقبة الانتخابات وتفسير الدستور، وتأسس المجلس عام 1980، ويعد أحد أهم الأجهزة السياسية في البلاد، ويتكون من ستة فقهاء يعينهم المرشد الأعلى وستة قانونيين يتم ترشيحهم من قبل رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم البرلمان (مجلس الشورى الإسلامي)، ويترأس مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي منذ عام 1993، وأحد الشروط الأساسية للمرشح، أن يكون من رجال الدين والسياسة ومن أصول إيرانية وأن يكون شيعياً، وذلك شرط طائفي يحرم بقية المكونات المذهبية من المنافسة على رئاسة الجمهورية، كما أنه ترجمة لنظام ولاية الفقيه، ويرفض الدستور ترشيح المرأة للرئاسة!
 
وبناء على ما سبق فأن طريق بزشكيان مزروع بالأشواك. وهو يواجه: (أمرين، أحلاهما مُرُّ».. إما أن «لا يكش ولا ينش»، حسب التعبير الدارج!
 
والخيار الثاني أن يصطدم بالخطوط الحمراء الكثيرة، التي تضعها جبهة المحافظين ويقودها المرشد الأعلى علي خامنئي، وأهمها نفوذ نظام الملالي الإقليمي في المشرق العربي، الذي أكبر عناوينه ما يسمى محور المقاومة، ويعتمد بشكل أساسي على إنتاج الميليشيات الطائفية تحت عناوين زائفة عنوانها العريض الاستثمار السياسي بالقضية الفلسطينية! وتبذير أموال كبيرة على تسليح وتمويل الميليشيات الطائفية المنتشرة في أربع دول عربية ويشرف عليها الحرس الثوري، الذي يتبع المرشد الأعلى خامنئي.. لكن النتيجة الواضحة من انتخاب بزشكيان أن الشعب الإيراني ضاق ذرعاً بالشعارات الفضفاضة، التي كانت نتيجتها مزيد من الإفقار والبؤس لغالبية أبناء الشعب الإيراني.