الدستور - كيف لدول تعدُ متقدمة أن ينهار نظامها الصحي أمام جائحة فايروس الكورونا وفي مقدمة هذه الدول إيطاليا، المانيا، النمسا، هولندا، واخيرا بعض الولايات في امريكا..؟ إن هذه الكارثة التي يتعرض لها غالبية دول العالم اليوم تتفاقم يوما بعد يوم رغم كافة الجهود المبذولة لمواجهتها على مستوى كافة الدول دون استثناء، إنها تفرض على المجتمع الدولي ان يجيب على عدة تساؤلات مهمة تتعلق بمستقبل ومصير العالم، ومستقبل ودور منظمة الصحة العالمية وحل أزمة توفير الدواء والعلاج لكافة الناس وما دور الدول فرادى ومجتمعة في مواجهة هذه الأزمات الصحية الكونية المتناسلة.؟ من أجل حماية الصحة العامة لشعوبها وتحقيق الأمن الصحي بأفضل صورة محليا ودوليا.
إن هذه الكوارث الصحية بات خطرها اشد فتكا من خطر الحروب العسكرية التقليدية التي هددت ولازالت تهدد حياة البشر، إن لم تكن هذه الكوارث الصحية هي ايضا شكلا من اشكال الحروب يتعرض اليها الإنسان اليوم من قبل دول بعينها أو قوى خفية لازالت تعمل في السر والخفاء دون أن تعلن عن نفسها خدمة لمصالحها أو مصالح فئات خاصة ترى انها قد تحقق لها بعض اغراضها .؟!
إذا كان السلم والأمن العالمي مصلحة انسانية دولية، وقد اجتهدت كافة الدولة في وضع قواعد قانونية ونظم دولية اقليمية وقارية وعالمية من اجل توفيره وتحقيقه، منذ معاهدة وستفاليا في العام 1870م مرورا بالعديد من الاتفاقات الدولية وعصبة الأمم ومن بعدها هيئة الأمم المتحدة ومنظماتهما العامة والخاصة والعديد من الإتفاقات الدولية المنظمة لقطاعات متعددة وواسعة من الانشطة الدولية والإنسانية.. ولم تحول جميع هذه الجهود دون وقوع الحروب العالمية والإقليمية بل والمحلية وقد تم التجاوز لتلك الاتفاقات والمعاهدات والنظم والقواعد القانونية الدولية ونشبت الصراعات ووقعت الحروب التي هددت ولازالت تهدد السلم والأمن العالمي في أكثر من منطقة، واستمر تهديد الحياة البشرية على كوكب الارض واستمر سباق التسلح بين الدول واستمر الإنفاق على تطوير وانتاج الاسلحة المدمرة وخصوصا منها الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والتي لا هدف لها في نهاية المطاف سوى قتل الإنسان كونه انسان بغض النظر عن لونه وجنسه ومعتقده.
إن استمرار تهديد الأمن والسلم على سطح الكرة الأرضية من اي جهة كانت يكشف عن وجود أزمة أخلاقية دولية إنسانية مزمنة ومستشرية يصعب علاجها دون التخلص من الجشع وحب السيطرة ومدِ النفوذ والهيمنة واستمرار سرقة ونهب خيرات الشعوب سلما كان أم حربا، إن سيادة روح التعاون الدولي في المجالات التي تحقق النمو والتقدم والأمن والرفاه للإنسانية جمعاء هو السبيل الوحيد لضمان العيش الآمن والمشرك لبني البشر على سطح كوكب الأرض، وهو الكفيل بوضع حدٍ لأزمة الأخلاق الإنسانية التي تقف وراء كافة الأزمات التي تهدد الحياة البشرية سواء كانت حروب أو امراض فتاكة لا تفرق بين جنس وآخر.
إن توحيد الجهود في حماية البيئة للحياة السليمة على كوكب الأرض مسؤولية دولية عامة يجب الالتزام بها من الجميع أفرادا وجماعات ودولا، ولا بد من تطوير نظم البيئة المحلية والدولية والعناية بها ومتابعتها باستمرار، وأن يترافق ايضا مع تطوير نظم الصحة المحلية والإقليمية والدولية وضمان توفير العلاج والدواء المجاني للإنسان كونه إنسان اينما وجد بغض النظر عن جنسه أو لونه او جنسيته. فله حق الطبابة والعلاج كونه إنسانا يجب ان تنص على ذلك شرعة حقوق الإنسان .. ولا يجوز ان تبقي صحة الإنسان مجالا للتربح والتجارة لأصحاب الشركات لأنها في حد ذاتها صحة الإنسان يجب ان تكون غاية وهدفا للإنسانية جمعاء عندها فقط يمكن للمجتمع الدولي ان يحقق الأمن والسلم والعيش الآمن المشترك والرفاه للجميع على كوكب الأرض ويجابه كافة الكوارث الصحية وغيرها بنجاح.