عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Nov-2021

هل سيعود الأردنيون للشارع؟* حسين الرواشدة

 الغد

منذ نحو ثمانية أشهر (آذار الماضي) لم يشهد الشارع أي احتجاجات، فجأة دعت عدة أحزاب وحراكات للتظاهر وسط العاصمة، قوبلت الدعوة بالرفض من قبل المحافظ. لكن ذلك لم يمنع مئات المحتجين من المشاركة فيها يوم الجمعة الماضي. السؤال: هل ستفتح هذه المظاهرة “شهية” الأردنيين للعودة مجددا للشارع؟
تحتاج الإجابة لعدة استدراكات ضرورية، الأولى أن حالة الاحتجاج في بلدنا لم تتوقف منذ نحو عشرة أعوام (باستثناء فترة قانون الدفاع)، صحيح أنها اتسمت “بالتقطع” وكان آخر محطاتها المهمة في حزيران العام 2018. لكن “روح” الاحتجاج والتظاهرات المطلبية ظلت تحوم فوق مشهدنا العام، وما تزال.
الاستدراك الثاني، إطلاق منظومة التحديث السياسي لم يمنع المحتجين أثناء وقفة الجمعة من رفع شعارات الإصلاح السياسي بسقوف عالية أحيانا، على الرغم من أن منظمي الدعوة للمظاهرة حددوا شعاراتها مسبقا ببندين هما: رفع الأسعار، وقانون الدفاع.
أما الاستدراك الثالث فهو أن حالة الاحتجاج التي جرت الجمعة كانت متواضعة من حيث المشاركين فيها، نوعا وعددا، لكن في المقابل ثمة حالة احتجاج واسعة تعكسها مرآتان. إحداهما وسائل التواصل الاجتماعي، والأخرى الفضاء الشعبي العام. حيث تزدحم نقاشات الناس و”سواليفهم” وردودهم بالشكوى والنقد السياسي، وسط مناخات الاحساس بالخيبة وعدم الرضى عن معظم ما يصدر من قرارات. أو ما يطرح من قضايا وموضوعات.
للتذكير وللمقاربة هنا، احتجاجات الرابع 2018 كانت بدعوة من النقابات المهنية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل، استمرت لنحو أسبوع، وانتهت بإسقاط حكومة الملقي، اللافت أنها كانت ذات دوافع اقتصادية، حضر فيها الرأس (النقابات) والجسد (فئات من كافة المحافظات). وخرجت لإسقاط قانون، لكن اللافت أكثر أن المناخات السياسية آنذاك كانت مهيأة ومفتوحة (هل أقول مشجعة؟) لقبول الاحتجاج وتوظيفه. كما أن الكتلة الاقتصادية المستهدفة من مشروع القانون تحركت بقوة خلف الحالة الاحتجاجية لإنجاحها، وحصل ما حصل.
بعد أكثر من ثلاث سنوات على واقعة “الرابع” ، تغيرت الصورة تماما، فالبلد ما تزال في ظل قانون الدفاع منذ سنة ونصف، وأوضاع الناس الاقتصادية زادت سوءا، والإصلاح السياسي “قيد الانتظار”، والخوف من كورونا يشكل عامل “ردع” ضد التجمع، والطبقة الفقيرة ومثلها الوسطى التي تشكل غالبا صوت الاحتجاج تعرضت لضربات قوية أفقدتها القدرة علي الحركة. المجتمع، عموما، يعاني من حالة فقدان ثقة بنفسه وبالدولة ومؤسساتها، ما يعني أن الاحتجاج أصبح لدى فئات عديدة من المجتمع، خيارا ميؤوسا منه، وأخشى أن أقول: إنه أصبح “اللاخيار”، أو أنه لاجدوى منه بعد أن استسلم الأغلبية للصمت واليأس معا.
قبل أسبوع طرحت سؤالين على 25 شابا، لا أعرفهم مسبقا، هل أنت راض عن الوضع العام ؟ 90 ٪ منهم أجابوا لا، هل ستشارك في أي احتجاجات بالشارع؟ 10 ٪ منهم أجابوا نعم، هذا بالطبع ليس استطلاعا علميا دقيقا، لكنه يمكن أن يعطي مؤشرا على أن حالة مجتمعنا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، أصبحت أصعب مما نتصور، كما أن حالة الغضب جراء الأوضاع العامة تصاعدت، ومع غياب حركة الدولة ومؤسساتها تجاه تقليص فجوة الثقة، وإشاعة مناخات تهدئة تساعد المجتمع على استرداد أنفاسه، تشكلت لدى أغلبية الأردنيين قناعة عنوانها” وأنا مالي؟” كتعبير عن الاحباط والخوف واللامبالاة تجاه كل شيء.